::
أبدأ هذا البوست بما يتيسر من سورة البقرة، بترتيل الشيخ محمد المنشاوي.
ولكي لا يتهمني أحد بالإنحياز إلى الترتيل القرآني، وحفاظاً على مشاعر الأخوان المسيحيين، فهذه أيضاً بعض التراتيل القبطية الجميلة.
ولزوارنا اليهود، هذا ترتيل عبري مما يتيسر من إصحاحات التوراة.
ولزورانا الزرادشتيين (المجوسين)، فهذه ترانيم من كتابهم الأفيستا المقدس.
وحتى لمن لايزال يعتنق الديانات الفرعونية القديمة، فهذه بعض من ترانيمهم المقدسة أرجو أن تعجبهم.
وصلت الفكرة؟
يقول كاتب الوحي في سورة المزمل: ورتل القرآن ترتيلا، أي أن المطلوب هو التنغيم في القراءة. ولكن لماذا الحاجة إلى تنغيم قراءة رسالة خطابية إرشادية؟
التنغيم في قراءة أي خطاب، سواء مقدس أو مدنس، لا يساهم في توضيح نصوصه أو فك طلاسم رموزه، إنما السبب الحقيقي لتنغيم القراءة القرآنية هو لأن الخطاب القرآني يتبع في أسلوبه نفس الخط التراثي المنتهج في الخطب والقراءات الكهنوتية الدارجة داخل المنطقة وخارجها والمتبعة عبر التاريخ البشري، فجميع النصوص الكهنوتية، ربما بلا استثناء، تقرأ بالتلحين والتنغيم، مع الموسيقى في بعض الأديان، والسبب بسيط ونتيجته واضحة وهي إثارة شيئ من التلذذ السمعي لدى المتلقي لترغيبه في الإستماع إلى النص، وللتعويض أيضاً عن كون هذه النصوص في العادة رتيبة ومكررة ومملة.
القرآن ظهر في القرن الثامن الميلادي، وسار على نفس الخط التنغيمي المسيحي في قراءته كما هي ممارسة في الكنيسة القبطية التي سبقته بسبعة قرون والجاري في التراث اليهودي أيضاً. والكنيسة المسيحية بدورها سارت على نمط الترتيل التنغيمي اليهودي الذي سبقها بأكثر من خمسة قرون. والترتيل اليهودي نفسه ربما تأثر بالترنيمات التنغيمية التي كانت تمارس في المعابد الفرعونية والمعابد الكهنوتية الأخرى في المنطقة حينذاك .... وهكذا دواليك. الممارسات والطقوس الدينية تقتبس وتسرق من بعضها البعض أساليبها في نشر عقائدها.
والقرآن لم يحد في أسلوب قراءته عن باقي الديانات العديدة التي عاصرته وسبقته.
* * * * * * * * * *