الاثنين، 30 يوليو 2012

عنكبوت في المرآة

هذا فيديو طريف لعنكبوت تحاول تخويف نفسها في المرآة!


والسبب لأنها تظن أنها تواجه عنكبوت أخرى منافسة لها. فهي لاتعي بأن العنكبوت الأخرى التي تراها في المرآة ماهي إلاّ إنعكاس لنفسها، أي أنها لاتملك الإدراك الذاتي، فهي لاتدرك وجودها ككيان منفرد ومستقل عن محيطه.

وغياب الإدراك بوجود الذات هي من خصائص جميع الكائنات الحية باستثناء الإنسان. فالإنسان يعي بوجوده ككيان منفرد، له صفاته وميزاته وشخصيته الخاصة به، لايشاركه بها شخص آخر. 

ولكن هذه الخاصية الذهنية العليا لاتتواجد فيه إلاّ بعد تجاوزه سن الـ 15 شهر. فهي غائبة عنه قبل ذلك السن. فإذا وضعت مرآة أمام طفل لم يتعدى هذا السن فسوف يظن أن من في المرآة هو طفل آخر، ولن يعرف أن إنعكاسه هو في الحقيقة نفسه. مما يعني أن مخ الإنسان يحتاج إلى مستوى معين من النمو والنضوج حتى يكتسب هذا الإدراك الرفيع.

وهناك أستثناءات قليلة أخرى غير الإنسان تتمتع بهذا الوعي:

الفيل:



الدولفين:



الحوت القاتل:



الغراب الأوربي:




بالإضافة إلى، وهذا جوهر الطرح، هذه الحيوانات:

الشيمبانزي:


البونوبو:


الغوريلا:


الأورانغوتان:


أي جميع فصائل الأيب Homonidae (القردة العليا، والتي تشمل الإنسان) تملك قدرة التعرف على نفسها، أي تملك وعي ذاتي. ألا يثير ذلك تفكير من ينكر التطور؟

* * * * * * * * * *

السبت، 28 يوليو 2012

العقول الشرق أوسطية تعاني من فلوترزات الصهيونية

::


تمعنوا أولاً بشعار أولمبياد لندن أعلاه، هل ترون فيه أي كلمة أخرى غير 2012، سنة الأولمبياد وهو ما يعنيه الشعار؟

توجد حالة طبية تُصيب العين وتحتد مع تقدم السن، إسمها بالإنجليزي فلوترز Floaters  (لاأعرف مصطلحها الطبي العربي، ولكن ترجمتها: العوائم). ويسببها وجود شوائب خلوية عائمة في السائل الهلامي الذي يملأ العين بحيث من يعاني منها يراها بشكل دائم كنقاط أو نسيج أسود أو شفاف معلقة في مجال بصره أينما نظر.

هذه مشكلة طبية يعاني منها البشر في كل مكان، ولكنها متفاقمة بشكل مزدوج وحاد في بشر الشرق الأوسط. فبلإضافة إلى وجود هذه الفلوترزات الخلوية في سوائلهم العينية بشكل طبيعي، توجد فلوترزات أخرى، لغوية ذات طابع إضطهادي/عدائي، تعوم في أذهانهم أيضاً بشكل باثولوجي غير طبيعي، تعتم عليهم وضوح الرؤية وتجعلهم يرون كلمات ضمنية كـ : صهيونية، ماسونية، أمبريالية، أمريكية ... ومامثلها، في كل مكان أينما داروا بأبصارهم.

في الصورة أعلاه شعار أولمبياد لندن لهذه السنة 2012. من منكم رأى فيه كلمة zion (صهيون) بعدما طلبت منكم التمعن فيه في بداية البوست؟

ربما أغلبكم لم يراها، وقد شاهدت بدوري هذا الشعار آلاف المرات، لوجوده تقريباً في كل مكان، ولم أرى فيه قط غير أرقام تمثل 2012 مطبوعة بشكل مشوه. ولكن الفلوترزات في الذهنية الإيرانية المعادية للغرب ترى كلمة صهيونية وامبريالية وأمريكية في كل مكان، ولم يستثنى من رؤيتها حتى الشعار الأولمبي. فقد قدمت إيران رسالة إحتجاج رسمية إلى لجنة الأولمبياد الدولية تعارض تصميم الشعار لوجود كلمة zion فيه حسب رؤيتها:


وطبعاً سوف تتكيف هذه الفلوترزات مع القناعات المسبقة للمبتلي بها، فإذا كان الناظر يعاني من عقدة الصهيونية فسوف يراها في الشعار، أما المبتلي بعقدة النازية nazi مثلاً فسوف يرى هذه الكلمة أيضاً فيها:



وقد اكتشفت أن لي فلوترزاتي الذهنية أيضاً، ولكنها قطعاً مسالمة وودية. فبعد تمعني بالشعار رأيت كلمة أخرى فيه: عزيز  AZiZ. هل ترونها؟

* * * * * * * * * *

الخميس، 26 يوليو 2012

المسلمون يُكذّبون القرآن

::


بعض العباقرة المسلمين في مدينة برلين بألمانيا، نشروا إعلان هناك لتوزيع نسخ ألمانية من القرآن على المواطنين مجاناً. ولكن هؤلاء العباقرة غفلوا، أو تغافلوا؟ لا أدري إيهما، أن رسالتهم التبشيرية التي تتمحور في الكلمة الألمانية العريضة البرّاقة، التي طلوها بالذهبي ووضعوها في مكان استراتيجي تحت صورة القرآن مباشرة في أعلانهم الذكي هذا، والمقصود منها: إقرأه، تعني أيضاً، إذا قُرئت بالإنجليزية التي يتكلمها ربما نصف سكان العالم:

أكـــاذيـــب 

وترجمة العبارات المطبوعة في الإعلان المنشور هي:

القرآن المجيد بالألمانية
أحصل عليه مجاناً
إقرأه [أكاذيب، باللغة الإنجليزية]
باسم ربك الذي خلقك

أي أن مزيج المعنى الألماني والإنجليزي لتلك الكلمة ومايتبعها، يبدو هكذا:

إقرأه، أكاذيب، باسم ربك الذي خلق

يبدو لي أن الإله المسمى بـ وحش السباغيتي الطائر قد غضب عليهم وأعمى بصيرتهم عن هذه الزلة المشينة لاعتناقهم دين غير دينه. وموقع هذه المجموعة من المسلمين أخبل من إعلانهم، أنصح من يشتهي أن يضحك زيارته هـنـا.



* * * * * * * * * *

الثلاثاء، 24 يوليو 2012

خواطر من غداء رمضاني مع كيس

::


والمعنى اللغوي المقصود من الـ "كيس"، هو حرفياً الوعاء الورقي أو البلاستيكي أو أي من الأنواع الأخرى التي تُحمل فيها الأشياء.

وقد خرجت ظهر اليوم مع هذا الكيس الواعي المؤدب الظريف لنتناول وجبة الغداء الرمضانية في إحدى المطاعم العربية في لندن. مطعم عربي إسلامي، من ضمن أغلب المطاعم العربية والشرق أوسطية الأخرى هنا في الويست إند، التي لم تحاول إدارته إغلاقه أو تكترث بأديان من يتلذذ بمأكولاته إمتثالاً لنزوات المتطرفين.

ولمن يمتلكه الفضول، ولاشك كلكم كذلك، لمعرفة هوية هذا الكيس الذي شاركني وجبتي، فهو صديق عزيز صادف أن يتواجد معي في لندن هذه السنة لقضاء عطلته فيها.

ولمن يمتلكه الفضول، ولاشك كلكم كذلك أيضاً، لمعرفة لماذا أصفه بـ الكيس. أقول لأن البشر، والحياة بشكل عام، من منظور بايولوجي خلوي، ماهم إلاّ أكياس من التفاعلات الكيميائية. فإشارتي لأي إنسان أو أي كائن آخر بأنه كيس، ليس بتعريف ساخر أو إزدرائي أبداً، إنما وصف دقيق من زاوية علمية.

وأذكر الكيس الكيميائي العزيز هذا في بوست اليوم، لأن حقيقة مكوناتنا ككائنات بشرية يصعب تصورها من منظور علمي كهذا عندما نجتمع ونتفاعل وننظر إلى بعضنا، فلا يبدو أن أخي أو أختي أو صديقي مجرد كيس حي يتحرك وينطق! إنما كائن بشري بكل الخصائص التي تجعله إنسان.

ولكن أحياناً يخطر ببالي إدراك ماهيتنا الحقيقية هذه، ويشتد هذا الإدراك حدة ووضوح في ذهني لدوافع باطنية لاأعرفها، لدرجة أني حقاً لاأرى أمامي من البشر سوى أكياس حية منتصبة من التفاعلات الكيميائية. شعور غريب صعب الوصف، ولكنه امتلكني اليوم خلال لقائي مع صديقي وأنا أستمع إلى حديثه وحثني على كتابة هذا البوست.

هذه الحقيقة، حقيقة أن الحياة بجميع أشكالها، من الحيوانات إلى النباتات إلى البتكيريا إلى الخلية نفسها، عبارة عن أكياس (الجلد، الغشاء الخلوي، الجدار الخلوي) من التفاعلات الكيميائية، هي حقيقة "خلقية" أساسية جذرية لها من الأهمية المعرفية بقدر لابد أن يذكرها أي مصدر، يُفترض أنه صادر من كيان خلقها، يشرح فيه طريقة خلقه.

غياب مثل هذه المعلومات الإساسية الجوهرية من ما يُسمى بالكتب "السماوية"، كما تكلمت عنه في بوست سابق هـنـا، كان أحد أهم الأسباب التي دفعتني للبحث في صحة ربوبية تلك الكتب.

وبالنسبة إلى غياب المعلومات من النصوص "المقدسة" عن المكونات الأساسية للحياة، فما يفضح درجة ضحالة معلوماتها وبساطتها وخطئها، أنها تتكلم عن طين وصلصال ودم ولحم، أي عن مزيج من الثقافة الأسطورية السائدة في المنطقة في وقت ظهورها وماهو واضح لأي إنسان جرح اصبعه. ويُلزم علينا، نحن بشر اليوم بثقافاتنا المتقدمة والمناقضة لها، تصديق أن تلك النصوص ربانية، أو نُشوى إلى الأبد؟ 

أين يوجد في النصوص معلومات عن الخلايا التي يتركب منها الجسد، والتي يبلغ عددها بالترليونات؟
أين يوجد في النصوص معلومات عن الكروموسومات والجينات، التي تبني الإنسان؟
أين يوجد في النصوص معلومات عن الإنزيمات التي تتفاعل في الخلية بسرعات مذهلة لاتصدق، تصل إلى 100000 تفاعل بالثانية؟

ألا تكون نصوص الخالق مقنعة أكثر، لو ذكر فيها بعض هذه المعلومات الأساسية، لانقول بدلاً عن، بل فالنقول بالإضافة إلى التراب والطين والصلصال؟

بشرية النصوص لايكشفها ماهو موجود فيها فحسب، بل الأهم بالنسبة لي، وليت لكل مؤمن بها أيضاً، ماهو غائب منها.

* * * * * * * * * *

الأحد، 22 يوليو 2012

مدونة بصيص تقطوتت



شاهدوا كيف تَقَطوَتَت هـنـا (بالكويتي الفصيح: تعتوتت). ويمكنكم قطوتت أي موقع آخر بنسخ عنوانه ولصقه في الخانة المخصصة على موقع ميوبيفاي هـنـا.
Have fun

* * * * * * * * * *

السبت، 21 يوليو 2012

المشكلة الجغرافية للصوم

::


أوشك النهار على الإنتهاء لأول يوم من صيامي ولاأشعر بالجوع أو العطش إلى الآن. أعتقد أن تناولي لقرص البيض والكورنفليكس هذا الصباح، وأكواب القهوة والسناكس المتكرر الذي تبعه طوال اليوم، له علاقة بهذا الشعور المريح.

إنما الحقيقة أن هذا النوع من الصيام هو أصح وأنفع للبدن وللإنتاج ولهدوء الأعصاب ولتفادي المشاكل وصداع الرأس. وهو الأحق بالإلتزام والممارسة من صوم تجويعي تعطيشي متعب ومضر، ومفصل على قياس نهار بيئة صحرواية متواجدة قرب خط الإستواء، لم يراعي بتاتاً (حين فُرض) معاناة البشر القاطنين قرب قطري الكرة الأرضية لطول نهارهم.

فبالإضافة إلى الصورة أعلاه، هذه مقالة أيضاً من صحيفة العربية الإلكترونية (إضغط هـنـا)، تبين التفاوت الهائل في ساعات الصيام بين المجتمعات البشرية. فمسلموا الأرجنتين سيعانوا من الجوع والعطش لمدة 9 ساعات، بينما مسلموا النرويج سوف تطول معاناتهم لـ 21 ساعة، لا بسبب إيمان مجتمع وعصيان آخر حتى يكافأ أحدهم ويعاقب الآخر، بل لسبب جغرافي اعتباطي بحت ...

الجغرافيا، مادة ثقافية من الواضح أن السماء ضعيفة فيها.


مع وافر شكري للأخ الكريم لسان عربي على توفير الرابط.

* * * * * * * * * *

الخميس، 19 يوليو 2012

رمضان يارمضان، أقدم شهر الطعام

كل عام وأنتم بخير، وعساكم من عواده




لايوجد لدي شك بأن شهر رمضان كمناسبة سنوية، يرحب ويسعد الكثير بقدومها، سوف تظل حية تلازم المجتمعات التي تحتفل بها، وتتكرر ربما إلى نهاية الحياة. فمن الصعوبة البالغة أن تُستأصل عادات وتقاليد تجذرت في حياة الشعوب وأصبحت جزء من كيانها ومميزات هويتها. ولكن بنفس الوقت، لايوجد لدي أدنى شك أيضاً بأن رمضان، كمناسبة دينية، سوف يتبع مصيرها مصير إحتفلات الكريسمس، حيث تجرد منه بمرور الوقت، مع انحسار النفوذ المسيحي وعلمنة المجتمعات التي تحتفل به، طابعه اليسوعي الذي اسبغته عليه الكنيسة في السابق.

ورمضان سوف يؤول مصيره كمصير جميع المناسبات الدينية التي لايزال الكثير من البشر يحييها بشكل تقليدي تراثي في ظاهره، إنما فارغ في باطنه من معناه التعبدي الأصلي. وستستمر ممارسته، ليس كطقس ديني، إنما كمجرد عادة اجتماعية متوارثة، وعذر يوفر للمجتمع فرصة لقضاء فترة سنوية تختلف في طابعها وطعمها عن روتين الحياة الذي يعيشه المشاركون بها باقي أيام السنة. وسيختفي منه، على الأرجح، عنصر تجويع وتعطيش الجسد، لتتحول المناسبة إلى شهر إحتفالي مجرد من قدسيته، تميزه مؤكولاته المتنوعة وأطباقه المختلفة ودعواته المتكررة للولائم المسائية.

فاطرح هذا البوست كمعايدة للقراء مقدماً، ترقباً لقدوم ذلك الوقت الذي لاأدري متى سيأتينا، ولكنه قادم لامناص من إيقافه، تأخر أو تقدم موعده. ولهذا الهدف، وضعت هلال الكرة الأرضية كصورة معايدة ترمز للتآخي البشري عبر الشعوب، بدلاً عن الهلال القمري التقليدي المعتاد، والمستعار من الديانات الوثنية الطائفية التي سبقت الإسلام. 

* * * * * * * * * *

الأربعاء، 18 يوليو 2012

إنزل في هذا الحوض، تطلع منه ناشف

الأشخاص المتواجدين في قعر حوض السباحة هذا ... غير مبللين بمائه بتاتاً!!!

في الواقع، كلهم يتنفسون الهواء بشكل طبيعي ويتمشون على أرضيته بسهولة وبدون أي مقاومة أو دفع من الماء للطفو، وحتى يمكنهم أن يأكلوا ويشربوا ويناموا فيه بدون أي ضرر لو رغبوا وسُمح لهم ذلك!!!

كيف؟
::
:
:
::
::

لأنهم داخل "بركة زائفة" موجودة في متحف فنون القرن 21 في مدينة كانازاوا في اليابان، وهي عمل فني من تصميم الفنان الأرجنتيني الموهوب لياندرو إيلريخ. وفكرة هذه الخدعة البصرية بسيطة للغاية: فالماء الذي ترونه لايتعدى عمقه 10 سنتيمتر ويغطي لوح زجاجي مركب كسقف للحوض، وأسفله عبارة عن غرفة عادية لها باب جانبي يدخل ويخرج منه الزوار. إنما الناظر إلى الحوض من فوق يرى كأن الأشخاص في قاعه يمشون في الماء. 

وهذه صور أخرى لها هـنـا وهـنـا. وهذا فيديوكليب لها أيضاً:
::


* * * * * * * * * *

الاثنين، 16 يوليو 2012

مسيرة تحضّرهم، أخّرها تبولهم

::


ذكرني الفيديو كليب أدناه بمنظر سريالي غريب شاهدته خلال زيارتي الأولى لأحد الزملاء في بيته الجديد أحد الأيام.

فبعدما رحب بي زميلي هذا وأجلسني في قاعة الإستقبال، ثم ذهب ليحضر لي بعض المرطبات، تلفت حولي أتمعن معجباً بذوقه الرفيع في اختياره لنوعية الأثاث، والتناسق البديع لأشكال وألوان ديكور السقف والجدران ... والسجادة.

ولكن مهلاً، ماهذا الذي أراه على السجادة؟ 

خلال تنقل نظراتي عبر القاعة، تسمّر بصري فجأةً على بقعة مستديرة غريبة، تنافرت مع الأشكال الفنية المرسومة على السجادة الصينية الفارهة التي تزين الأرضية. وبعدما تمعنت فيها ملياً، اكتشفت أنها عبارة عن حفيرة عميقة قطرها 2 سنتيمتر تقريباً، غائرة في كثافة فروة السجادة كغور الفوهة النيزكية على القمر. ومازاد من استغرابي هو أنني لمحت قربها ثلاث أو أربع حفيرات أخرى متشابهة تقع كلها على خط مستقيم باتجاه الباب.

لم أستطع إخفاء فضولي، فسألت زميلي عن سبب هذ التلف المحفور في سجادته الصينية الفاخرة. إلتفت نحوه بسرعة وسكت لوهلة قصيرة، وبعدما وضع كؤوس العصير على الطاولة وجلس بجانبي، أجابني ببعض الإحراج والتلعثم أنه تسبب كنتيجة لإزالة قطرات الدم التي تساقطت من إصبع ابنته الصغيرة عليها عندما كانت تقشر تفاحة! فقد جرحت إصبعها بالسكين، وقطر منها الدم على عدة مواضع على السجادة خلال ركضها باكية نحو الباب. وحيث أن الدم نجس، إستدعى ذلك تطهير تلك القطرات خوفاً من إنتشار النجاسة في باقي المنزل فيما لو تركت محلها وداستها أرجل رطبة!

ولكن المشكلة كانت أن التطهير له أحكام يستوجب إتّباعها، وأحكامه تستدعي بدورها أن يسكب على الشيئ النجس ماء جاري لكي يطهر. أي ماء التطهير يجب أن يكون موصول بكمية معينة من الماء أكبر بكثير مما يحتويه مجرد كاس أو إبريق. فكان الخيار الوحيد الذي توصل له زميلي وزوجته، والذي حدد مصير السجادة وسبب تلفها، أن تزال بقع الدم من فروتها بحلقها بالمقص!!!

ولازلت إلى اليوم أشعر بسريالية تلك الزيارة كلما خطرت ببالي.

ولكن بالعودة إلى الفيديوكليب أدناه، والذي أثار موضوع بوست اليوم، فأجد أن الحكم الذي يتكلم عنه الشيخ محمد حسين يعقوب بخصوص النجاسة، من ضمن أحكام وشرائع دينية لاتعد ولاتحصى، تتحكم كلها في سلوكيات ملايين البشر، وموقف الإله التي تسيره عواطفه منها، هو في الحقيقة أشد غرابة من تلك القصة السريالية. لأن الله، حسب أقوال الشيخ محمد المستمدة من أمهات الكتب الإسلامية، يغضب من تصرف بشري معين حول هذا السياق. وغضب الله، حسب المراجع الدينية، ليس بالأمر الهين أو البسيط، فهو غضب رهيب ترتج له السموات السبع وتنغمر منه قلوب سكانها بالخوف والهلع. فماهو سبب غضب الرب ياترى؟

يتسبب عندما يتبول الإنسان واقفاً!!!

وحيث أن هناك سبعة مليار إنسان، غالبيتهم العظمى إما أنها لم تسمع بالحكم أو أنها تتجاهله، فيعني هذا أن في كل ثانية تمر، هناك في مكان ما على الكرة الأرضية يوجد من يتبول واقفاً. مما يعني أن الله يعاني من عصبية مزمنة بسببه، أحدثت بدورها هلع وذعر متواصل لسكان السماوات.

ولكن بينما تظل أعصاب الإله في غليانها لاتخمد، وقلوب الأبرار القاطنون بلاطه تقفز في جزع لايركد، بسبب تبول غالبية كائناته البشرية بالطريقة التي لاتعجبه، تسير الحياة هنا على الأرض برتابتها اليومية قدماً، غير عابئة بتاتاً بسخط السماء أو بهلع أهلها. ويظل إدراك وجود ذلك الغضب السماوي العاصف محصوراً في عقول شريحة من البشر تعتنق عقيدة طلّقت المعقولية من ذمتها، وانفصلت عازبة عن أرض الواقع ومايجري عليها.

فإدراك مغبة التبول وقوفاً، كغيرها الكثير من الأحكام الدينية الممتدة لما وراء الخيال، من الجائرة والعنصرية إلى الجاهلة والغبية التي لاتزال تسيّر حياة أتباعها إلى اليوم، هو إدراك عقائدي مهمش لايعيره أحد خارج القليل من ملته أي اهتمام، يتبع لفكر إنسان الماضي، ولاينتمي لفكر الإنسان الحديث. لأن اهتمام إنسان اليوم ينصب في بحوث كيفية الوصول إلى المريخ والنزول عليه، وكيفية تحقيق خطوة ما بعد اكتشاف الهيغز، وكيفية استخلاص الطاقة من الدمج النووي، وخلق الحياة في المختبر، وإبادة الأوبئة، وتنظيف البيئة، ورفع مستوى المعيشة، ومكافحة الفقر ... والكثير من الأمور التقدمية والإنسانية الأخرى التي تدفع عجلة مسيرة التحضر البشري إلى الأمام ...

أما البحوث في أمور الحيظ والنفاس والغائط والتبول فهذه متروكة لتقلق عقول من لايزال يتلكع في ذيل تلك المسيرة.
::


* * * * * * * * * *

الخميس، 12 يوليو 2012

رمضان غير كريم

::


سوف أترك شرح المقصود من العنوان إلى نهاية البوست، وأبدأه ببعض التساؤلات.

من مجموع سكان العالم، ماهو حجم نسبة هؤلاء الذين يقبلون ويعتنقون هذه الأفكار: فكرة أن الدورة المائية الطبيعية للطقس، والتي تبدأ بتبخر مياه البحار وصعودها وتكثفها في طبقات الجو العليا، هي التي تسبب الأمطار، وأن المادة مكونة من ذرات، وأن الكثير من الأوبئة تسببها الجراثيم، وأن مخ الإنسان هو مركز التفكير في الجسم، وأن الزلازل تسببها تصدعات جيولوجية؟

باستثناء أفراد من المجتمعات البدائية النائية ومن الشريحة المدنية التي لم تنل أبسط الحقوق الثقافية، فلا أعتقد أننا سنختلف على أن الغالبية الكبرى من باقي البشر اليوم تعتنق هذه المعلومات كحقائق لايعتريها الشك ...

لماذا؟ لماذا هذا التبني الواسع لهذه الأفكار بدون اعتراض أو شكوك؟

تقبلها الغالبية الكبرى من البشر، وتعاملها كبديهيات لاتعتريها الشكوك لأن الأدلة عليها قوية وواضحة ودامغة. فلا يوجد إنقسام في المجتمع العلمي أو في أي حلقة ثقافية أخرى يعزي قسم فيه نزول المطر إلى الدورة المائية والقسم الآخر إلى تأثير النيازك مثلاً، أو قسم يعزي أسباب مرض الأيدز إلى الفايروسات والآخر إلى عدم أكل البطيخ. فهناك مايشبه الإجماع التام في الدوائر الثقافية على صحة تلك النظريات، والأدلة عليها هائلة وصلبة ومتوفرة للجميع في كل مكان. ولذلك، لا يوجد مجال للشك فيها.

فالإستنتاج إذاً، أن درجة قبول البشر بشكل عام لأي فكرة واعتناقها سوف تحدده وتفصله قوة وصلابة وتوافر الأدلة عليها، ولن يكون هناك حاجة لأحد أن يفرضها قسراً عليهم.

وعكس ذلك صحيح. فعندما تُفرض فكرة على الناس لقبولها إجبارياً، فذلك يعني بالضرورة أن الأدلة على تلك الفكرة المفروضة هي أدلة ضعيفة وحجتها ركيكة تستوجب الضغط والتهديد لاعتناقها.

فعندما يأتي أحد بفكرة أن تجويع وتعطيش الجسم طوال النهار، من قبيل بزوغ الشمس إلى غروبها، يوماً بعد يوم لشهر كامل، بصرف النظر عن شدة الحرارة أو طول الفترة، التي تمتد لأكثر من 20 ساعة قرب قطبي الأرض، ثم يزعم أن هذه الطقوس هي للمنفعة الصحية والإجتماعية للبشر، بالتعارض مع حاجات الجسد البايولوجية من الغذاء لاستهلاك الطاقة التي يتطلبها ليقوم باعماله الحيوية، وبدون أي دلائل علمية أو اجتماعية من مصادر موثقة ومحايدة خارج الدائرة التي تنشرها لدعم مزاعمه، فالفكرة ستكون من الهزالة بدرجة تتطلب أشد العقوبات لتنفيذها، وهذا بالضبط مايحدث:

لأن عقاب من يفطر يوماً واحداً بتعمد بدون سبب شرعي، عليه أن يصوم مقابله ستون يوماً متتابعاً! تصوروا، ستون يوم، ومتتابع أيضاً، مقابل يوم واحد فطره!!!

وحتى هذا العقاب المذهل لايكفي لتهليع الناس من مغبة الإفطار المتعمد لشدة هشاشة الفكرة. فالسلطات الدينية في الكثير من المجتمعات الإسلامية، وقطعاً الخليجية منها، تبذل أقصى جهودها في فرضه على الناس، إلى درجة منعهم عن الأكل جهراً خلال فترة الصوم، ومعاقبة كل من تجاوز المنع. قانون أجده في منتهى الغرابة!!! 

لماذا فرض هذه العقوبة؟ حتى لا يغري الفاطر باقي الصائمين؟ أهكذا الصيام الرباني ركيك؟ غير مقنع حتى للمسلمين في عقر مجتمعاتهم؟ لدرجة أن السلطة الدينية تخاف على صيامهم من التهاوي لمجرد رؤيتهم لإنسان يشرب كوب شاي؟

ولكن ربما هذا المنع العام يحتوي على مضمون هام، وهو أنه كلما اشتد تدين المجتمع كلما تهافتت إرادة أفراده على الإلتزام بفروضهم. لأن المسلمون في المجتمعات الغربية الكافرة التي لايصوم مواطنوها ولاتغلق مطاعمها، لايبدو أنها تؤثر على إلتزام الجاليات المسلمة فيها على أداء فروض الصوم هناك. فلماذا إذاً تتخوف السلطات الدينية من فتح المطاعم والسماح لمن يرغب بالإفطار علناً في مجتمعاتها المتدينة؟ 

إنما هذا حال الأفكار الدينية منذ ظهورها إلى اليوم، لاتستطيع الوقوف على رجليها بقوتها الذاتية، فهي تحتاج دائما ً إلى دعم العصاة.

أرجع إلى سبب اختياري لعنوان هذا البوست. لماذا أقول أن رمضان غير كريم؟

لأن كلمة كريم تعني سخي أو متسامح. ومن يمنع غيره عن الأكل، ويعاقبه إذا انتهك المنع، لايمكن أن يوصف بالسخاء أو التسامح. فوصف رمضان بالكرم، هو تناقض سافر بين تلك الصفة والواقع.

* * * * * * * * * *

الثلاثاء، 10 يوليو 2012

إن السماء أمّارة بقتل المتلاصقين

وفقاً لأشد أتباعها على الأرض تقوى وورع، وخضوع وخنوع لأحكامها.

فحسب هؤلاء الأتباع، السماء تعاني من حساسية جنسية بالغة الحدة تجاه مخلوقاتها الثديية المنتصبة القامة التي تمشي على رجلين حين تتلاصق ذكورها مع إناثها عراة بدون رخصة مسبقة منها، وحتى لو كانت برضى الطرفين.

ومن المثير للإستغراب أنها لاتمانع وقوع نفس العملية إذا قامت بها كافة مخلوقاتها الأخرى، بصرف النظر عن انتصابها أو طريقة مشيتها، ولم تطلب من بشرها إقامة طقوس تلك الرخصة إلاّ في وقت متأخر جداً من تاريخهم الطويل، بل تركتهم يتلاصقون مع بعضهم البعض كيفما شاؤوا لحقبة امتدت ملايين السنين منذ ظهورهم. 

فهناك إذاً تحيز سماوي ضد المشاة على رجلين في تشريع أحكام تلاصقهم عراة في تاريخهم الحديث. ومن الواضح أن فرط حساسيتها من تلك الممارسة يدفعها لأن تلحق بهم أشد أنواع الجزاء:

تحريض ممن اختطفت عقولهم ودمرت ضمائرهم وأخمدت عواطفهم على قتل من مارس ذلك الفعل منهم ... مع التشديد، بسبب مشكلة المرأة فوبيا التي تعاني منها أيضاً، على الإناث دون الذكور.

وهذا فيديوكليب التقطته كامرات وكالة رويترز في أفغانستان، يشاهد فيه إعدام امرأة متهمة بالزنا.

لاتهمني ملابسات التهمة، فهي الزنا، عرفناها. إنما يهمني أن أبين درجة دموية الأحكام الصادرة مما يوصف بأرحم الراحمين وشدة المفارقة مابين ذلك الوصف وهذا الحكم، ودرجة إلتواء العقول التي تحاول تبرير هذه المفارقة.
::


* * * * * * * * * *

الأحد، 8 يوليو 2012

نبي نعرف حكمة خلق الأرداف الطائرة

::


بقدر مايشدد الخطاب الوعظي الإسلامي على تعاليم العفة والفضيلة، ويمارس شتى الضغوط على رعيته للإلتزام بها، إلاّ يبدو أن حكمة السماء، أو ربما مزحتها، في شؤون خلقها تصر على تصعيب هذه المهمة لدعاتها على الأرض.

وإلاّ فما حكمة الإلهة في خلق كائن يشبه مؤخرة كائن آخر؟ وكأن هذا لايكفي، بل أنها شبّهت شكل هذا الكائن البريئ بشكل مؤخرة كائن تبغضه وتذمه وتحرم لحمه، وهو الخنزير.

الكائن في الصورة أعلاه هو نوع من الدود البحري الذي يعيش في أعماق تصل إلى 1200 متر، وهو بحجم البندقة تقريباً، ويشبه إلى حد كبير مؤخرة الخنزير المقطوعة من جسده ... كما ترون في الصورة. إلى درجة أن العلماء أطلقوا عليها إسم "دودة مؤخرة الخنزير" و "الأرداف الطائرة"، حسب وصف ويكيبيديا لها.

وأذكركم أيضاً بكائن بحري آخر "مخلوق" على هيئة فاحشة تطرقت إليه في موضوع سابق هـنـا، وهاهي صورة أخرى له هـنـا!!!

ألا تجدون هناك تعارض صارخ مابين تصريح السماء بـ "إن الله ينهى عن الفحشاء" وخلقه لهذه الحيوانات بهذه الهيئة؟

أو اليس التفسير الأكثر معقولية هو أن السماء ليس لها يد في خلق هذه الكائنات، إنما هو الإنتخاب الطبيعي الذي شَكّل الحيوانات بالهيئة التي تناسب محيطها، بدون أي اهتمام بحساسية أخلاقيات كائناتها الأخرى التي اكتشفتها؟

أو اليس هذا التفسير يفسر أيضاً عدم قدرة المؤمن على تلبية الرغبة الثقافية البسيطة التي يحتويها العنوان، بحجته الهزيلة المتكررة أن حكمة السماء لاتفهمها إلاّ السماء؟ 

* * * * * * * * * *

الجمعة، 6 يوليو 2012

والد جسيم الرب كافر

::

بيتر هيغز يدخل قاعة المؤتمر قبيل التصريح بذلك الإكتشاف التاريخي الباهر

إكتشاف بوزون هيغز يعتبر بلا شك أعظم إنجاز حققه العلم خلال العقود الأخيرة، وسوف يرفع بيتر هيغز، أبرز الباحثين فيه، إلى ذروة المجد كإنسان معاصر ويضمن له أرفع وسام تهبه البشرية لخلاصة عقولها: جائزة نوبل. بالإضافة إلى ماهو أهم وأسمى من كلاهما: تخليد إسمه بربطه مع كيان كوني يمنح الوجود نفسه وزنه وقوامه. فتصوروا حجم هذا الإنجاز.

ولكن بيتر هيغز، صاحب العقل الوهّاج الذي تبلورت فيه فكرة هذا الكيان العجيب، هو إنسان ملحد، أي بالتعريف الرباني: كـــافـــر، أي وفقاً للرؤية السماوية: أسوء أنواع البشر! وهذه مفارقة منطقية تطرح عدة تساؤلات:

لماذا صادف أن يكون محقق هذا الإنجاز الهائل إنسان كافر؟
لماذا لم يكن متدين، من أي طائفة كانت؟
بل، لماذا لم يكن فرضاً وتحديداً مسلم؟
أليس المسلمون، بالوصف الرباني الصريح، أفضل أمة أخرجت للناس؟ ألا نتوقع أن تعكس هذه المرتبة الرفيعة إنجازات رفيعة أيضاً؟ فلماذا لم يكن بيتر هيغز الملحد الكافر محمد علي المسلم العابد؟

دعنا عن المسلمين وحدهم ولننظر إلى نسبة المتدينيين بشكل عام بشتى طوائفهم في العالم.

تبلغ نسبة المتدينيين في العالم حوالي 85%، مما يعني أن نسبة الملحدين لاتتعدى الـ 15 أو 16%. فبناءً على هذه النسب، نتوقع أن نرى نسبة العلماء، وبالخصوص المرموقين منهم، المتدينيين تعكس هذه النسبة. ولكن في الواقع أن العكس هو الصحيح، فنسبة الملحدين من العلماء البارزين تمثل الأغلبية الساحقة، إذ تبلغ أكثر من 90% من مجموع هؤلاء العلماء. لماذا؟

هناك عدة عوامل تؤدي إلى هذه الظاهرة، أركز على إثنين مترابطين منها:

الأول، هو بكل بساطة: توافر المعلومات، العلمية بالذات، والتي تناقض بشكل صارخ المزاعم الدينية. فالكون لم يخلق ببضعة أيام بل خلال ملايين السنين، والحياة لم تخلق بشكلها الحالي بل تطورت، والبشر لم ينحدروا من شخصين فقط بل تكونوا من بركة جينية، والشهب لاتلحق الجن بل هي تكتلات صخرية تائهة، والنمل لايتكلم، والبغال لاتطير، والجناح الريشي لاينفع لعبور الكون، حتى لو امتلك حامله 600 منه ... واللائحة طويلة ومضحكة، يستطيع دحضها اليوم أي تلميذ/تلميذة مدرسة متوسطة. وهؤلاء العلماء لاتتوافر لهم تلك المعلومات بشكل مكثف من الخارج فحسب، بل هم الذين يخلقونها من ضمن حلقاتهم التخصصية ليوفرونها للباقي. فهم إذاً بحكم مهنهم يعيشون في خضم تلك السيول المعرفية.

والثاني، والأهم والأعمق، هو نمط التفكير العلمي، فهو نظام فكري منهجي يُعرّض متبنيه للكفر. لأن قوام المنهج العلمي يكمن في التفكير ذاته وليس في مجرد أسلوب البحث فحسب، وقاعدة ذلك القوام هو النقد والتشكيك. فحين يصيغ العالم التجريبي نظرية ما، سوف يكون هدفه الرئيسي بالطبع التأكد من صحتها. إنما أشد الأساليب فعالية لتحقيق هذا الهدف هو محاولة هدمها، لكي يرى الباحث فيما إذا كانت تصمد أمام معاول الهجوم عليها أم تتداعى وتنهار. ولايكفي لهذا الهدف إعادة التجارب عليها بنفسه، بل يحتم عليه البروتوكول العلمي نشر البحث لتعريضه لنقد باقي العلماء له أيضاً. فالمنهج العلمي إذاً لايقتصر تشجيعه على انتقاد أفكار الغير، بل على انتقاد أفكار الذات أيضاً.

بعكس الأسلوب الديني تماماً في تقديم مفاهيمه. فالدين يقدم أفكار ومزاعم يجبر الآخرين على قبولها كمسلمات وثوابت، ويثبطهم عن التشكيك فيها أو حتى عن التساؤل عنها، ويدعم دوغمائياته تلك بفرض الطاعة والإنصياع لها، ويسندها بالتهديد والوعيد لمن يرفضها أو يحيد عنها.

فهناك تعارض واضح إذاً بين نظام التفكير العلمي المنهجي المفتوح والشفاف ونظام التفكير الديني المنغلق والمبهم. ومن يروض عقله على انتهاج الأسلوب التشكيكي النقدي الهادف للفهم والتوضيح، والمطلوب كأحد الشروط الأساسية لتحقيق أي إنجاز بحثي في المجال العلمي، سوف ينظر إلى الحياة بشكل عام بنفس تلك النظرة النقدية الشاكة التي تسعى إلى الفهم والإستيعاب، ولن تفلت من نظرته أي مزاعم، أرضية كانت أو سماوية.

هذه الرؤية المنهجية المتمحصة التي يتبناها العالم، سوف يتعرض لها النص الديني بشكل تلقائي، وهذا مايحاول الدين تفاديه بفرض الطاعة والتهديد. لأن هذا الأسلوب سوف يكشف هشاشة مفاهيمه وركاكة أفكاره وزيف مزاعمه، ويكفي لأي متمرس على إنتهاج الأسلوب العلمي النقدي في رؤيته، أن يفتح أي كتاب مقدس عشوائياً على أي صفحة ليرى فوراً بشريتها التي تعج بالتناقضات والأخطاء.

فلكي يثبت المؤمن صحة نصوصه وربوبيتها، عليه أن يأتي بالدليل الخاضع للمنهج العلمي، لفحصه والتأكد منه، على نفس صعيد التحقق من صحة البوزون المختفي إلى ماقبل يوم أمس، وهذا مايطلبه العالم التجريبي، وهذا بالضبط ماتخفق في تقديمه جميع الأديان، منذ ظهورها وإلى اليوم.

والإحتجاج بالبعير وبعرته، ربما يقنع راعي الإبل البسيط في الصحراء، ولكنه لن يقنع الباحث التجريبي في المختبر. وهذا هوالسبب الرئيسي الذي يدفع العلماء، كـ بيتر هيغز والكثير غيره منهم، إلى الإلحاد.

* * * * * * * * * *

الأربعاء، 4 يوليو 2012

تم اكتشاف جسيمة الإله

::

لحظة إرتطام البروتونات وتناثر الجسيمات المكونة لها في إحدى تجارب  السي أم أس بحثاً عن الهيغز في المصادم. والتي تظهر مساراتها كخطوط  متشعبة من المركز.

أعلنت المنظمة الأوربية للأبحاث النووية، سيرن، صباح هذا اليوم عن اكتشاف بوزون هيغز (جسيمة الإله)، بعد بحث دام أكثر من خمسين سنة. وبهذا الإكتشاف التاريخي الجلل، تم فك أحد أعمق أسرار الكون: 

من أين تكتسب المادة كتلتها؟
::
تكتسبها من بوزون هيغز، الذي أكدت التجارب في المصادم الهادروني وجوده. وهذا الجسيم الأولي ينتمي إلى فصيلة البوزون من الجسيمات الحاملة لقوى مادون الذرة في الطبيعة، وفقاً لنظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. والهيغز هو الذي يمد الجسيمات الأولية بكتلتها من خلال تفاعلها مع مايسمى بـ حقل هيغز الذي يتخلل في كل مكان في الكون (والمقصود بالـ الحقل، هو كالحقل الكهرومغناطيسي كمثال). وأفضل تشبيه لهذه العملية هو الشعور بالمقاومة عند تحريك الملعقة في العسل مثلاً، فالجسيمات تكتسب كتلتها بشكل مشابه عندما تتفاعل مع حقل هيغز ( إقرأ عن بوزون هيغز بتفاصيل أكثر هـنـا ).
::

وقد تطلب هذا الإكتشاف إنشاء أضخم وأعقد آلة أنتجها العقل البشري إلى اليوم، حيث استغرق بنائها 10 سنوات، بتعاون بين آلاف العلماء من جميع أنحاء العالم، وبتكاليف بلغت 9 مليار دولار.

وبعدما تم تشغيلها في نوفمبر من عام 2009، تطلبت تجارب البحث عن الهيغز فيها إطلاق حزمات من البروتونات باتجاهين متعاكسين بسرعة تبلغ 99.9999 من سرعة الضوء لترتطم ببعضها مليارات المرات في الثانية على مدى عدة شهور، واستخدام حوالي 3000 كمبيوتر لتحليل النتائج بحثاً عن هذا الجسيم من ضمن مئات الجسيمات الناتجة عن كل إرتطام.

ولكن رغم كل هذا، فإن بوزون الهيغز نفسه لايظهر في تلك الإرتطامات بسب تحلله السريع إلى أربعة جسيمات أخرى، 2 الكترون و2 هادرون، تظهر كخطوط منطلقة من المركز، ولكن يمكن الإستدلال على وجوده بواسطة تتبع مصدر الجسيمات الناتجة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن العلماء لايستخدمون لقب "جسيمة الإله" في دراساتهم أو حواراتهم، حيث أن غالبيتهم الكبرى من الملحدين. إنما هذا لقب ساخر كان أصلاً Goddamn particle واختصر إلى God particle، إختلقه العالم الفيزيائي الشهير والحاصل على جائزة نوبل، والملحد بدوره، ليون ليدرمان في كتابه المعنون بذلك اللقب، ليبرز أهمية هذا الجسيم ضمن نظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات والذي تنبأت بوجوده، وليستخدمه كعنوان يستقطب الإهتمام لكتابه.

فاليوم إذاً بهذا الإكتشاف، قفز العلم خطوة عظيمة إلى الأمام، وعزّز مرتبته الأولى، والوحيدة، كمنهج بحث لايضاهيه أي منهج آخر (أي الوحي المزعوم) في التوصل إلى الحقيقة. وما يتعارض مع ذلك المنهج التجريبي العظيم، يُرمى في سلة النفايات ... فحين يتكلم العلم عن أي شيئ، الأحرى بالخرافة أن تصمت وتظل منكمشة في عقول الموهومين والبسطاء.


مقالات سابقة في المدونة عن الهيغز:

في انتظار ظهور جسيمة الإله
بوزون هيغز وصعوبة الحصول على الإيسكريم في تركيا
العلم لمح جسيمة الإله
::
* * * * * * * * * *

الثلاثاء، 3 يوليو 2012

قطع شحمة أذن الطفل اعتداء عليه

::


تناقلت القنوات الإعلامية قبل بضعة أيام هذا الخبر عن حكم قضائي صدر من محكمة ألمانية ضد ممارسة الطقوس المسماة بالـ "ناتخلا" المتمثلة بقطع شحمة أذن الأطفال، والتي تمارسها بعض الفئات الدينية الـ "دوهية" والـ "مالساية" كأحد فروض عقيدتهما في الكثير من بقاع العالم (أنقل أغلب الخبر هنا مع بعض التصرف):

وصفت محكمة ألمانية أمس طقوس الـ ناتخلا، التي تجرى بناء على أسس دينية، بأنها تُعد بمثابة إعتداء على هؤلاء الأطفال حتى لو وافق الأبوان عليها.

وجاء حكم المحكمة في قضية تنظرها لطفل عمره أربع سنوات تعرض لمضاعفات صحية في أعقاب عملية ناتخلا أجريت عليه. غير أن المحكمة لم تنزل أي عقاب للطبيب الذي أجرى العملية.

وجاء أول رد فعل من قبل مجلس الطائفة الدينية الدوهية الألمانية منتقداً قرار المحكمة وواصفاً إياه بغير المسبوق، داعياً البرلمان الألماني لتوضيح الوضع القانوني وحماية الحرية الدينية، مضيفاً بأن عادة الـ ناتخلا تتم عبر آلاف السنين ولاتوجد أي دولة في العالم تحضرها.

ومن ناحية أخرى، انتقدت جمعية ألمانية للطائفة الدينية المالسية اليوم ادانة المحكمة لطقوس الـ ناتخلا كتقليد ديني، معتبرة بأنه "تعد خطير" على الحرية الدينية.  

وهو ماذهب إليه مجلس التنسيق لطائفة الـ مالسا الألمان في بيان صادر عنه اعتبر فيه أن هذا الحكم القضائي تعد صارخ على الحرية الدينية "وتجريم" لتقاليد الطائفتين الـ مالسية والـ دوهية المطبقة منذ آلاف السنين ... (انتهى)

أعتقد أننا جميعاً، من مؤمنين ولادينيين، نستنكر بشدة هذه الطقوس الوحشية اللاإنسانية في قطع شحمة الأذن، التي تمارسها بعض الطوائف بحق أطفال لاحول لهم ولاقوة باسم العقيدة. صح؟

طبعاً.

فلماذا إذاً يمارس المسلمون واليهود قطع أجزاء من الجهاز التناسلي للذكور والإناث الأطفال بدون أي استنكار أو استهجان؟

(مصدر الخبر هـنـا، وقد عكست كلمة الختان إلى ناتخلا واليهود إلى دوهي والاسلام إلى مالسا لكي أوصل الرسالة)

* * * * * * * * * *

الأحد، 1 يوليو 2012

ورود في غابة الأشواك

في سياق الصراعات والتناحر والظلم والطمع والفساد السائد في المجتمعات البشرية منذ بدأ تاريخها، والمحتد حالياً في مجتمعاتنا، هذه صور تحكي أحداث تجسّد وجهاً مغايراً، إيثارياً عطوفا للبشر، كامناً وراء ذلك الوجه العدائي القاسي الذي يطل علينا في أخبار كل صباح، نشرها موقع بز فيد تحت عنوان: 21 صورة تعيد ثقتك بالإنسانية، أنقل بعضها هنا مع تعليق على كل صورة:
::
يقول ياسوتيرو يامادا لمراسل البي بي سي في طوكيو أنه قد تطوع من ضمن أكثر من 200 مهندس وخبير متقاعد، يفوق سن كل منهم الستين عام، لمعالجة مشكلة النفايات المشعة التي نتجت عن إنفجار مفاعل فوكوشيما، بدلاً من تعريض المهندسين الشباب الأصغر سناً لهذه المخاطر.
::
::
::
وضع صاحب محل لبيع الكتب هذا الإعلان أمام محله. يقول فيه:
خلال ساعات العمل، سعر الكتب الموضوعة في المدخل 50 سنت للكتاب، أو خمسة كتب بدولارين. وخلال ساعات إقفال المحل، أنتم أحرار فيما إذا أردتم إستعارة الكتب أو الإحتفاظ بها ودفع ثمنها لي لاحقاً. وفي كل الأوقات، إذا لم تملكوا النقود وشعرتوا بحاجة أو رغبة للقراءة، خذوها [مجاناً].
::
::
::
رجل يتبرع بنعاله لامرأة فقيرة حافية في ريودي جانيرو في البرازيل.
::

::
::::::::::
خلال إحدى المظاهرات في البرازيل، قال الجنرال [قائد قوات الأمن] للمتواجدين: لاتتقاتلوا، أرجوكم، ليس في يوم عيد ميلادي. فأحضر له بعض المتظاهرين كيكة بعيد ميلاده.
::
::
::
سقط كلب هذه المرأة في البحر بعدما دفعته الرياح العاصفة، فخلع أحد المارة ثيابه ونزل في البحر الهائج لينقذ الكلب.
::
::
::::
::
صداقة على أرجوحة
::
::

ويوجد المزيد من الصور في الموقع
::
* * * * * * * * * *