::
في العاشر من شهر سبتمبر عام 1945، كان مايك، وهو إسم الديك الأبيض الوسيم، الذي لايزال يتمتع بفتوته الغضة اليانعة وهو لم يتعدى الشهر السادس من عمره بعد، يتجول في سلام وأمان مع أقربائه وأقرانه من الدجاج، وينبش في نهم وحماس تراب الحضيرة التابعة لبيت لويد وزوجته كلارا أولسن الواقع في أرياف مدينة فروتا الزراعية في الولايات المتحدة بحثاً عن قوته من الحبوب والدود والفتات، غير مدرك بالخطة الدموية المصيرية التي تحاك ضده في مطبخ البيت الذي حماه وأطعمه ورعاه منذ أن كان كتكوتاً صغيراً كقطعة قطن صفراء فقست من بيضة. تلك الخطة التي سوف تصيبه بكارثة تسجله في التاريخ وتدخله في كتاب غينيس وتطلقه في سماء المجد والشهرة ليتمرغل بريشه الحريري الناعم على ديباج سحبها فيما تبقى من عمره القصير.
وبينما مايك، ذاك الديك الباهر، يستعرض فتنته وجماله بكبرياء وتمخطر بين الدجاجات خارج البيت، كانت سيدته كلارا أولسون في تلك الأثناء في المطبخ داخل البيت تستعد لاستضافة أمها بتحضير وجبة شهية لها، إختارت أن يكون الطبق الرئيسي فيها ديك أبيض وسيم يانع لايتعدى الشهر السادس من عمره يسمى بـ مايك. فتطلب كلارا من زوجها لويد أن يذهب إلى حضيرة الدجاج ليصطاد ذاك الديك الفتى ويذبحه. فيستجيب لويد لرغبة زوجته ويحمل الفأس، وهو الأداة المفضلة للذبح عند المزارعين الأمريكيين، ويخرج ويختطف مايك من بين عشاقه وأحبائه، غير عابئ بنظرات دجاجاته المستنكرة وصيحاتهن المتكدرة، ويأخذه إلى مصطبة الذبح.
ماحدث في الدقائق التالية خلد إسم ذلك الديك في الفوكلور الريفي الأمريكي.
كان لويد يعرف أن الجزء الذي تفضله حماته من طبق الدجاج هو العنق، فلهدف التقرب إليها وإرضائها، كما جرت العادة، ولاتزال تركض، في المجتمعات البشرية عبر الأزمان تجاه الحموات، سدد فأسه بدقة ليقطع رأس الضحية مايك من أعلى الرقبة ليترك أطول جزء ممكن منها لحماته لتتلذذ به. ولكنه حين أسقط الفأس على رقبته أخطأ الهدف قليلاً، فقطع رأس مايك ولكنه أبقى جزء من أسفل المخ سالماً لايزال متصل بنخاعه الشوكي.
ظن لويد أن مايك قد فارق الحياة بعد أن بتر رأسه تماماً وفصله عن جسده، ولكنه جمد مذهولاً في مكانه يحدق فيه حين انتفض الديك من تلك الصدمة المهولة التي أصابته ووقف على رجليه يترنح بدون رأس، ومالبث بعد لحظات أن استعاد مايك توازنه ورجع إلى عادته الديكية، وكأن شيئاً لم يحدث، في محاولة فطرية لتهذيب ريشه والصياح، بدون نجاح طبعاً لعدم وجود منقار له، إذ كل ماتبقى من رأسه كان جزء صغير من مخه وأذن واحدة فقط، وظلت القصبة الهوائية وقصبة المريئ مفتوحتان فيما تبقى من عنقه، أما باقي الرأس بمنقاره وعينيه والأذن الأخرى والجزء الأكبر من المخ فكان مرمي على مصطبة الذبح تحت رجليه.
رق قلب لويد لحالة مايك الكارثية المؤلمة وأعجب بعزمه وإصراره على البقاء حياً، فقرر أن يبقيه على قيد الحياة ويُغذّيه بإسقاط الطعام والماء مباشرة في مريئه بواسطة قطارة العين. ولدهشة الجميع، أخذ مايك المسكين بالتأقلم مع وضعه المأساوي الجديد خلال أيام قصيرة، وعاد إلى روتينه اليومي الدجاجي المعهود مع بعض التعديلات في تصرفاته لتناسب ضياع رأسه، وانتشر خبره سريعاً بين الناس الذين لم يصدقوا القصة وظنوا أنها خدعة.
لتأكيد هذه الحالة العجيبة وتصديق الحادثة، أخذ لويد مايك بعدها بأسبوع إلى جامعة أوتاه ليتسنى للعلماء فحصه ويتم تسجيل الحالة رسمياً. وتوصل العلماء هناك بعد فحصه ومعاينته إلى تعزية قدرته على البقاء حياً بدون رأس إلى ماتبقى من مخه المتصل بنخاعه الشوكي، والذي بدى لهم أن ذلك الجزء المتبقي من دماغه كان كافياً لأن يُمكّن مايك من الإستمرار في الحياة والرجوع إلى عاداته المألوفة من محاولة النقر وتشذيب الريش والمشي والجلوس وأداء باقي الواظائف الحيوية التي يتحكم بها في الطيور ذلك الجزء من الجهاز العصبي.
عاش مايك، الديك الأعجوبة، بعد تلك الحادثة لسنة ونصف برقبة بدون رأس، يتناول طعامه وشرابه بواسطة القطارة برعاية سيده - وجزّاره .. لاننسى - لويد. وزاد وزنه من حوالي كيلوغرام واحد قبل الذبح إلى أكثر من ثلاثة كيلواغرامات ونصف أحرزها خلال تلك الفترة. وكان ديكاً نشيطاً متعافياً بالرغم من عدم وجود رأس له حسب أقوال صاحبه لويد الذي كان يجول به في شتى أنحاء الولايات المتحدة في عروض حققت له مايقارب من الـ 4500 دولار ذاك الوقت أو مايعادل 50000 دولار بقيمة اليوم، وامتطى لويد وزوجته به سلم المجد والشهرة حتى نشرت مجلة لايف-تايمز الأمريكية صور للمعجزة مايك حين أصدرت فيه مقالة قصيرة في أحد نسخها تجدونها هـنـا.
وفي أحد أيام شهر مارس عام 1947، خلال عودة لويد وزوجته من إحدى تلك الرحلات الإستعراضية، قررا التوقف في موتيل في الطريق لقضاء ليلة فيه للراحة قبل مواصلة العودة. وفي منتصف الليل، إستيقضا من النوم على صوت مايك وهو يختنق بشيئ دخل في قصبته لم يتمكن لويد وزوجته لسوء الحظ من إخراجه منها وإنقاذه، لأنهما نسيا إحضار الأدوات المستخدمة في تنظيف مريئ الديك وقصبته الهوائية من الشوائب. ففارق مايك الحياة تلك الليلة مختنقاً عن عمر يناهز السنتان وانتهت إحدى أغرب حالآت البقاء المسجلة تاريخياً.
هل من الممكن أن يعيش الحوان بعد قطع رأسه؟ هل قصة الديك الذي عاش بعد أن قطع رأسه حقيقية؟ ماأسم الديك الذي عاش بعد أن قطع رأسه؟ أماهو الحيوان الذي يستطيع أن يعيش بعد قطع رأسه؟
هناك 22 تعليقًا:
مش لاقي كلام يتقال بس بجد تسلم ايديك علي عرض الموضوع ده أنا أول مرة أعرف القصة دي
بس علميا معروف إن أجساد جميع الكائنات الحية يمكن أن تأخذها منها أعضاء بعد موت العائل الذي يحملها وأن تعود للحياة مرة ىخري إذا توفرت لها الظروف المناسبة من طعام وتدفئة وأكسجين وغيرها من الأمور علي حسب العضو المنتزع من الجسد
لكني أول أدرك حدوث أمر مشابه طبيعيا
تسلم يداك وننتظر المزيد من هذه الأمور الرائعة والغريبة :)
مواضيعك ومدونتك روعة .. استمر بارك الله فيك ..
تركيب الدماغ عجيب جدا. هذه الحادثة مشابه لطفل فقد نصف دماغة و مازال على قيد الحياة
http://www.metacafe.com/watch/205285/amazing_kid_with_only_half_a_brain/
سبحان الله
حادثه غريبه
إسلوب رائع يا بصيص
و موضوع شيق ومثير
بس حتفرق فى ايه الراس مع الديك/الراجل, المهم راسه التانية شغالة!!
:)
أتذكر أننى قرأت عن هذا الديك فى زمن الطفولة وكنت غير مصدق بإمكانية وجود مثل ذلك فى عالمنا الجميل المتقن الطيب
بعدها وقعت فى يدى مجلة طبية لا أذكر اسمها لكنها كانت تحكى عن حالات طبية غريبة و شاذة
كرجل فقد كل نصفه السفلى ومعظم بطنه ويعيش حياته بشكل طبيعى جدا
أو اخر هاجمه دب قطبى و مزق رأسه وعظام وجهه وبفضل الجراحيم أعادوه شبه طبيعى
أو أخرى انفجر بطنها بالكامل
واخر يحمل رأسا صغيرة كاملة بملامح الوجه بارزة من جبهته
أو أو أو أو
كل شىء محتمل فى هذا العالم
و لا شىء مثالى أو متقن
إلا فى إذهاننا
- - -
بصيص
هل هذه الحيوانات تحس بالألم مثل البشر؟
عزيزي MSMO ،،
كما تفضلت أن من الممكن أخذ أعضاء من جسد ميت وإحيائها في المختبر تحت الظروف المناسبة، والقلب هو أحد الأعضاء التي يمكن أن يعاد تشغيلها بمعزل عن الجسد. ولكن لاشك أن قصة هذا الديك كانت حالة استثنائية لم يتم تسجيل أي حالة أخرى مشابهة لها. وفي الواقع أن إنتشار هذا الخبر أحدث موجة من المحاولات لتقليد هذه الحالة ولكنها بائت جميعها بالفشل، فلم ينجي أي من الدجاج في تلك التجارب أكثر من يوم واحد.
ولك أعطر تحياتي
عزيزي Godless ،،
طريقة تكوين الدماغ بمليارات الإتصالات العصبية بين خلاياه تجعله أكثر مرونة للإستمرار في العمل بعد تلف جزء منه. وحالة الصبي الذي فقد نصف دماغه لاتقل غرابة عن حالة الديك.
شكراً عزيزي على الوصلة
مع أعطر تحياتي
عزيزتي مبدعة ،،
وأكثر مايثير الإستغراب في تلك القصة ليس فقط أن الديك نجى، إنما عاش بعدها طوال تلك الفترة بدون رأس!!!
تقبلي أعطر تحياتي
عزيزي Ameerov ،،
الإحساس بالألم يعتمد على مدى تطور الجهاز العصبي عند الكائن، ففصيلة الثدييات تشعر بالألم أكثر من فصيلة السلاحف مثلاً، والسلاحف تشعر به أكثر من السمك وهكذا. والطيور كالديكة تشعر بالألم بشكل مشابه للثدييات مثلنا.
وحالات النجاة العجيبة التي أتيت مشكوراً بأمثلة منها نادرة مما يضفي عليها طابع الغرابة، لأن أجساد المخلوقات لسوء حظنا هشة، سريعة التلف والفناء.
ولك أعطر تحياتي
سبحان الله ..
حادثة غريبة بالفعل ..
يعور القلب!
عزيزتي Engineer A ،،
حادثة غريبة من عدة جوانب، أحدها أن هذا الديك قد عاش حياة تكاد تكون طبيعية لفترة طويلة بعدها.
ولك أطيب تحياتي
عزيزتي Flamingoliya ،،
حادثة مؤلمة لنا أن نعرفها وللديك أن يعيشها.
مع أطيب تحياتي
مبارك عليك العيد
وتقبل الله طاعتك
عيدكم مبارك
و تقبل الله طاعتكم
كل عام و انت بخير
تحياتي
:)
وايد عجبتني القصه
شكرا على الإفادة
...
وكل عام وأنتم بخير
عيدكم مبارك =)
طريقة سرد القصة العلمية مشالله ممتازة ومشوقة :) معلومات يديده عليي يعطيك العافيه عليها :)
وعيدك مبارك وعساك من عواده
عزيزتي بنت الشامية ،،
علينا وعليكم، وكل عام وأنتي بخير وصحة وسلامة.
لك أطيب تحياتي
عزيزي reemas ،،
مبارك علينا وعليكم، وكل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة
مع أطيب تحياتي
عزيزتي أيامي ،،
يسعدني أن القصة قد حازت إعجابك، وكل عام وأنتم بكل خير وصحة وسلامة.
ولك أطيب تحياتي
عزيزتي Tazmania ،،
القصة بحد ذاتها مشوقة ومثيرة لغرابتها، ويسعدني أنني قد أضفت شيئاً بسيطاً لمعلوماتك.
وكل عام وأنتي بخير وصحة وسلامة.
مع أطيب تحياتي
شي غريب عندما أخبرت بعض أصدقائي ضحكو عليا وسخرو مني بجد موضوع صعب
إرسال تعليق