::
القرآن ينضح بالتحف المعرفية، وهذه إحدى أروعها وأبلغها:
هو الذي خلق السموات والأرض في ستتة أيام وكان عرشه على الماء .. (هود - 7)
إقرؤوا تفسيرها على لسان النبي محمد نفسه في هذا الحديث كما جاء في صحيح البخاري:
عن عمران به حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الله ولم يكن شيئ قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيئ، ثم خلق السموات والأرض.
وهذا الحديث النبوي الآخر كما جاء في صحيح مسلم عن عبدالله ابن عمرو:
قدر الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء.
أي لا يوجد أي مجال للشك أو الجدل، بأن عرش الله، حسب النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، كان موجود على الماء قبل بداية الخلق، أي خلق السموات والأرض. وما هي السموات والأرض؟ الكون نفسه طبعاً.
هذه في الواقع إحدى الآيات المفضلة لدي، وإحدى التحف الماستربيسية من بين التحف المثيلة الأخرى التي ينضح بها القرآن. وأعتبرها تحفة ليس لتألقها الربوبي، فليس بها مثقال ذرة من ذلك، إنما لتألقها البشري وبلاغتها المدهشة في فضح بشكل جازم وحازم، ليس من السهولة ترقيعه بالتورية والتأويل، جهل كاتبها الفاضح، الذي يشع بريقه من جميع النصوص الدينية الأخرى.
أعرضوها على أي مؤمن بمقارنة مضمونها الساذج مع المعلومات العلمية الصلبة التي توصلنا إليها اليوم، وراقبوا كيف تتغير ألوان وجهه. ورغم أنها لن تغير رأيه أو تزعزع إيمانه، ولكنها ربما تفتح زاوية صغيرة من باب الشك والنقد والتفكير في ذهنه.
وجمال تحفة هذه الآية، من المنظور المنهجي العلمي المجرد من الإيمانيات المسبقة، أنها ليست مجرد خاطئة وبس، بل أن درجة خطئها، إن كان للأخطاء درجات، هو خطأ مشين لأعمق درجة. فالماء مركب كيمائي يحتوي على ذرتين هايدروجين وذرة اوكسجين، كما يعرف كل من درس الكيمياء في المراحل المتوسطة في المدرسة. ولكن ربما ما لايعرفه الكثير، أن الغالبية الكبرى من العناصر التي تكون المادة، ومنها الأوكسجين، لا تتكون إلاّ داخل الأفران الشمسية، أي أن وجودها يتطلب وجود النجوم المصنعة لها أولاً، إنما النجوم لم تتكون إلاّ حوالي 200 مليون سنة من بعد الإنفجار الكبير، أي من بعد نشأة الكون، ولم يتواجد أي عنصر قبله.
فخلال تلك الفترة الأولية من نشأة الكون، كانت المادة الموجودة تقتصر على ذرات منتشرة بنسبة كبيرة من الهايدروجين ونسبة أصغر من الهيليوم، بالإضافة إلى نسبة ضئيلة جداً من عنصري الليثيوم والبريليوم فقط. ثم استغرق الكون 200 مليون سنة على الأقل حتى تجمعت ذرات هذه العناصر الأربعة بفعل الجاذبية في سدم كونية، تكتلت مع مرور ملايين السنين لكي تتكون منها النجوم التي أنتجت الأوكسجين وباقي العناصر الأخرى تحت تأثير عملية الإندماج النووي التي تجري فيها.
فلم يتواجد إذاً خلال تلك الفترة الطويلة من بداية ظهور الكون أي أوكسجين حتى يتكون الماء، لعدم تكوين النجوم بعد. وزعم وجود ماء قبل نشأة الكون، هو مزعم ليس له مكان أو حتى معنى ضمن قوانين الطبيعة. فحين يصرح القرآن عن وجود العرش، أياً كان تعريف هذا الشيء، فوق ماء قبل خلق الكون، ثم تأتي الأحاديث النبوية بعده لتأكد هذا التصريح، فكلا القرآن والأحاديث تكشف جهلها المطبق بأحد أهم الحقائق القاعدية الأساسية في علم الفيزياء الكونية.
وطبعاً من الممكن للمؤمن تفنيد هذا الخطأ الفادح في آيات الخالق باللجوء إلى الماورائيات في تفسيره، مثل التحجج بأن الله قادر على خلق الماء بدون الحاجة إلى النجوم. وهذا ممكن، إذا فتحنا باب الإحتمالات على مصراعيه وقبلناها كلها، من المعقول إلى المجنون.
ولكن محاولة الدفاع عن أي معتقدات بإخراجها من دائرة التفسير العلمي ووضعها في نطاق التفسير الماورائي، هو بمثابة إبعادها عن مصباح البحث وإخفائها تحت لحاف الغيبيات، حيث لايمكن إختبار صحتها، وهو بمثابة وضعها في نفس مرتبة مزاعم الديانات الأخرى، الهندوسية والزرادشتية والآلاف الأخرى غيرها، بجميع سخافاتها وتفاهاتها، حيث يكون كل شيئ ضمنها محتمل الوجود بمقياس الماورائية، لايمكن التأكد من صحته أو زيفه بالوسائل المنهجية العلمية.
إنما ضمن الإطار المعرفي الحالي في فهمنا لطبيعة المادة وكيف تكونت عناصرها، والماء مجرد أحد ظواهرها، فهذه الآية قد أبدعت في بلاغتها حين كشفت بشرية كاتبها.
القرآن ينضح بالتحف المعرفية، وهذه إحدى أروعها وأبلغها:
هو الذي خلق السموات والأرض في ستتة أيام وكان عرشه على الماء .. (هود - 7)
إقرؤوا تفسيرها على لسان النبي محمد نفسه في هذا الحديث كما جاء في صحيح البخاري:
عن عمران به حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الله ولم يكن شيئ قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيئ، ثم خلق السموات والأرض.
وهذا الحديث النبوي الآخر كما جاء في صحيح مسلم عن عبدالله ابن عمرو:
قدر الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء.
أي لا يوجد أي مجال للشك أو الجدل، بأن عرش الله، حسب النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، كان موجود على الماء قبل بداية الخلق، أي خلق السموات والأرض. وما هي السموات والأرض؟ الكون نفسه طبعاً.
هذه في الواقع إحدى الآيات المفضلة لدي، وإحدى التحف الماستربيسية من بين التحف المثيلة الأخرى التي ينضح بها القرآن. وأعتبرها تحفة ليس لتألقها الربوبي، فليس بها مثقال ذرة من ذلك، إنما لتألقها البشري وبلاغتها المدهشة في فضح بشكل جازم وحازم، ليس من السهولة ترقيعه بالتورية والتأويل، جهل كاتبها الفاضح، الذي يشع بريقه من جميع النصوص الدينية الأخرى.
أعرضوها على أي مؤمن بمقارنة مضمونها الساذج مع المعلومات العلمية الصلبة التي توصلنا إليها اليوم، وراقبوا كيف تتغير ألوان وجهه. ورغم أنها لن تغير رأيه أو تزعزع إيمانه، ولكنها ربما تفتح زاوية صغيرة من باب الشك والنقد والتفكير في ذهنه.
وجمال تحفة هذه الآية، من المنظور المنهجي العلمي المجرد من الإيمانيات المسبقة، أنها ليست مجرد خاطئة وبس، بل أن درجة خطئها، إن كان للأخطاء درجات، هو خطأ مشين لأعمق درجة. فالماء مركب كيمائي يحتوي على ذرتين هايدروجين وذرة اوكسجين، كما يعرف كل من درس الكيمياء في المراحل المتوسطة في المدرسة. ولكن ربما ما لايعرفه الكثير، أن الغالبية الكبرى من العناصر التي تكون المادة، ومنها الأوكسجين، لا تتكون إلاّ داخل الأفران الشمسية، أي أن وجودها يتطلب وجود النجوم المصنعة لها أولاً، إنما النجوم لم تتكون إلاّ حوالي 200 مليون سنة من بعد الإنفجار الكبير، أي من بعد نشأة الكون، ولم يتواجد أي عنصر قبله.
فخلال تلك الفترة الأولية من نشأة الكون، كانت المادة الموجودة تقتصر على ذرات منتشرة بنسبة كبيرة من الهايدروجين ونسبة أصغر من الهيليوم، بالإضافة إلى نسبة ضئيلة جداً من عنصري الليثيوم والبريليوم فقط. ثم استغرق الكون 200 مليون سنة على الأقل حتى تجمعت ذرات هذه العناصر الأربعة بفعل الجاذبية في سدم كونية، تكتلت مع مرور ملايين السنين لكي تتكون منها النجوم التي أنتجت الأوكسجين وباقي العناصر الأخرى تحت تأثير عملية الإندماج النووي التي تجري فيها.
فلم يتواجد إذاً خلال تلك الفترة الطويلة من بداية ظهور الكون أي أوكسجين حتى يتكون الماء، لعدم تكوين النجوم بعد. وزعم وجود ماء قبل نشأة الكون، هو مزعم ليس له مكان أو حتى معنى ضمن قوانين الطبيعة. فحين يصرح القرآن عن وجود العرش، أياً كان تعريف هذا الشيء، فوق ماء قبل خلق الكون، ثم تأتي الأحاديث النبوية بعده لتأكد هذا التصريح، فكلا القرآن والأحاديث تكشف جهلها المطبق بأحد أهم الحقائق القاعدية الأساسية في علم الفيزياء الكونية.
وطبعاً من الممكن للمؤمن تفنيد هذا الخطأ الفادح في آيات الخالق باللجوء إلى الماورائيات في تفسيره، مثل التحجج بأن الله قادر على خلق الماء بدون الحاجة إلى النجوم. وهذا ممكن، إذا فتحنا باب الإحتمالات على مصراعيه وقبلناها كلها، من المعقول إلى المجنون.
ولكن محاولة الدفاع عن أي معتقدات بإخراجها من دائرة التفسير العلمي ووضعها في نطاق التفسير الماورائي، هو بمثابة إبعادها عن مصباح البحث وإخفائها تحت لحاف الغيبيات، حيث لايمكن إختبار صحتها، وهو بمثابة وضعها في نفس مرتبة مزاعم الديانات الأخرى، الهندوسية والزرادشتية والآلاف الأخرى غيرها، بجميع سخافاتها وتفاهاتها، حيث يكون كل شيئ ضمنها محتمل الوجود بمقياس الماورائية، لايمكن التأكد من صحته أو زيفه بالوسائل المنهجية العلمية.
إنما ضمن الإطار المعرفي الحالي في فهمنا لطبيعة المادة وكيف تكونت عناصرها، والماء مجرد أحد ظواهرها، فهذه الآية قد أبدعت في بلاغتها حين كشفت بشرية كاتبها.
* * * * * * * * * *