::
بيتر هيغز، العالم الفيزيائي الشهير الذي ينسب إلى إسمه جسيم الهيغز المكتشف مؤخراً في المصادم الهادروني الكبير، معصب لأنه لا يستحسن تسمية هذا الجسيم بـ جسيم الرب كما هو شائع في الصحافة ومنتشر بين الناس.
والجاني الأول الذي أطلق هذا المسمى الربوبي على هذا الجسيم الفيزيائي الهام هو ليون ليدرمان، العالم الفيزيائي الأمريكي المعروف، والحاصل على جائزة نوبل. وقد اختار ليدرمان لجسيم الهغز هذه التسمية الربوبية لإثارة الفكاهة ضمن خطة دار النشر لتسويق كتابه. ولكنه لم يتوقع، لا هو ولا أحد آخر في المجتمع الفيزيائي، أن تنتشر هذه التسمية الغير مرغوبة والخاطئة بين الناس بهذا الشكل المحرج.
وسبب ربط جسيم الهيغز باسم الإله، هو أن ميزة هذا الجسيم في ذروة الأهمية، لأنه يوفر للجسيمات الأولية في الطبيعة كتلتها، وبالتالي يعتبر العامل الذي يسبب تماسك نسيج الكون. إذ لو لم يكن موجود، لتطايرت باقي الجسيمات الأولية المكونة للمادة بسرعة الضوء في كل مكان، ولن يمكن تكوين الذرات، وبالتالي لن تتكون النجوم والكواكب، ولن تكون هناك حياة. فـ "قدرة" هذا الجسيم إذاً كقدرة الرب كما وصفت في المفاهيم الدينية، إذ هو الذي يمسك الكون ويحفظ ترابطه، وبذلك يوفر للحياة فرصة الظهور. ولهذا السبب أطلق عليه ليدرمان إسم جسيم الرب.
إنما النقطة الهامة التي أود إبرازها هنا هي هذه: علماء الفيزياء هم أكثر البشر إدراكاً وأعمقهم فهماً لماهية المادة والطاقة وعلاقتهما ببعض وآلية عملهما. فعالم الفيزياء إذاً هو أقرب الناس إلى فهم وإدراك ماهية الوجود نفسه، المتمثل بالكون الذي ننتمي إليه ويحيط بنا من كل جانب. وبيتر هيغز هو أشهر العلماء الذين وضعوا قوائم فرضية وجود هذا الجسيم الهام والضروري لتواجد الوجود بمكوناته المتماسكة. فأحد أقرب الناس إذاً من نافذة الإطلالة على عملية الخلق نفسها هو بيتر هيغز ومن في مرتبته واختصاصه من العلماء. وهذا يطرح عدة تساؤلات:
لماذا بيتر هيغز وليون ليدرمان، وأغلب كبار علماء الفيزياء وأنبغهم، ملحدين؟
لماذا لم يرى هؤلاء العلماء النوابغ الذين يتمتعوا بعقلية استثنائية لسبر أغوار المجهول من اسرار الوجود وتحليلها ودراستها واستكشافها والإطلاع على خباياها، أن هناك كيان ربوبي وراء هذا وجود الكون ونظامه وسيره، كما تريد الأديان أن تقنعنا؟ لماذا لايحملوا نفس القناعة الموجودة في رأس إنسان الشارع من المؤمنين؟
لماذا كلما زاد فهم الإنسان لقوائم الطبيعة وكيفية عملها، وتعمقت رؤيته لها، كلما ابتعد عن الدين وزاد احتمال إلحاده؟
أترك لكم هذه التساؤلات، لعلها تثير التفكير في رأس المؤمن.
أترك لكم هذه التساؤلات، لعلها تثير التفكير في رأس المؤمن.
* * * * * * * * * *
هناك تعليقان (2):
من الحتمل ان ليون ليدرمان عندما سمى جسيم الهيغر بجسيم الرب هو تعبيرآ مجازيآ بسبب قدرة هذا الجسيم الخارقة على تماسك نسيج الكون مثل قدرة الرب عند المؤمنين بمسكه للكون من الأنهيار وسقوط السماء على الأرض كما يدعي المؤمنين ! وربما سبب انتشار تلك التسمية الخاطئة بين الناس هو بسبب مايتمناه بعض الناس وخاصة المؤمنين وفي عقلهم الباطن ان تعزز تلك التسمية وتكون دليلآ على وجود الرب !! ومن هنا تكون الأكتشافات والأختراعات العلمية القيمة هي احدى طرق المؤمنين الرخيصة لأثبات وجود ربهم المزعوم ! وان اغلب العلماء وحتى الناس العاديين الذين يملكون قوة الملاحظة والتساؤل وبخاصة المثقفون والمحبين للأطلاع وبدرجة كافية هم ( ملحدون ) لأنهم بكل بساطة قادرون على اكتشاف التناقضات في الأديان والقرآن وحتى
من صفات الأنبياء والرب نفسه من حديث وآية والى اخرى ! على سبيل المثال كل صفة معينة من الرب في الآية المعينة نجد النقيض لها تمامآ في
نفس تلك الآية والأخرى !! وكذلك الأمر ينطبق تمامآ على الأنبياء وصفاتهم ! والملائكة والشياطين وخلق السموات والأرض والأنسان والحيوان والقائمة تطول ! وكل ماذكرناه وغير ماذكرناه لايلاحظ تناقضه إلا الملحدون الحقيقيون المثقفون من كبار العلماء وبخاصة الفيزيائيين وغيرهم من العلماء ولذلك هم ملحدون ! لأن كما قال المثل إذا عرف السبب بطل العجب ! والعجب هنا في هذه الحالة هو عجب المؤمنين ! لأنهم بكل بساطة هم لايعرفوا السبب ومسبباته ! على سبيل المثال المؤمنين بالرب يتعجبوا من شروق الشمس ومغربها ! ومن حجم الكون وتعقيده المذهل وبقاء السماء والنجوم فوقهم وعدم سقوطها ! بسبب ظنهم ان هناك شئ اسمه الأعلى والأسفل والأتجاهات الأصلية والفرعية وهو من الظواهر المحلية فقط وهم لايدركوا ذلك ! وكذلك من قدرة الكثير من الحيوانات والطيور على معرفة طريق هجرتها وبدون معلم يرشدها ! ومن تناسق الوان الشجر والزهور والطيور وحتى الحشرات والأسماك ! وكذلك حتى تكون الجنين ! وخروج الحي من الميت على حسب اعتقادهم ! (صغار الطيور مثلآ ! والقائمة تطول ! وكل ماذكرناه لايدركه الأنسان العادي القليل المعرفة ولايستوعبه عقله بسهولة لذلك هو (مؤمن) ! ويردد كلمة سبحان الله وفي خلقه شؤون ! والعكس هو الصحيح بالنسبة الى العلماء الحقيقيون والمثقفون على درجة كافية ولأنهم يعرفوا الكثير عن الفيزياء وحقيقة نشوء الكون وايضآ ينطبق الأمر تمامآ على علماء الأحياء والتطور ومن احد الأمثلة على ذلك هو (ريتشارد دوكنيز) وغيرهم الكثير من العلماء الأفذاذ ولأنهم ادركوا الحقيقة كما يجب ولأنهم بعقلهم وعلمهم الواسع لم يجدوا دليلآ ولو واحدآ على وجود الرب المزعوم وهو من البديهيات مثل استحالة وجود حيوان الفقمة والأسماك والبطريق في قلب الصحراء ! وفي ختام حديثنا نقول لعل الفكرة اتضحت من كل ماقلناه ونقول لبصيصنا العقلاني ان اغلب مواضيعك هي هادفة ومعبرة وقيمة .
الاستاذ بصيص تحية طيبة:
من الطبيعي ان يكون اكثر العلماء ملحدون لان القوانين الطبيعية التي بكتشفوها ويلمسوها تزيح الكم الكبير من خرافات الاديان وهم اذكى من ان يكونوا منافقين ومزدوجي الشخصية,اي يؤمنون بالعلم والخرافة معا كما نرى الكثيرون من حولنا يفعلون.
ان اغلب المؤمنون لديهم ما يسمونه ثوابت ومقدسات قد ترسخت وتجذرت في ذواتهم وغلفوا بها عقولهم ومن الصعوبة عليهم التنازل عنها,ولكن من الاسف ان يكون لدينا ايضا شبابا درسوا نظرية دارون وعرفوا الانفجار الكبير وعرفوا قيمة جسيم هيغز وتراهم يتمسكون بما قالت لهم جدتهم ومشايخهم عن بعبع السماء.
استاذ بصيص,ما علينا الا ان نضع العقول الصدئة على سندان المعرفة ونطرق عليها بقوة وباستمرار لعلنا نحدث فيها ثقبا ولو صغيرا يكفي لدخول نور المعرفة لعقولهم ويكسروا حاجز الخوف من الثوابت المقيتة,وعسانا ان نساهم بانقاذ اوطاننا العربية من ظلام التخلف الذي يحيطها,ونفضح تخاريف المشايخ وفتاواهم الاجرامية التي يدعون من خلال بعضها الى الارهاب والقتل.
امنيتي ان ينزع وطني لباس الخرافات ويعزلها في المساجد وصومعات الدين الاخرى,امنيتي ان يكون وطني العربي بصف الاوطان المتحضرة يساهم بنشر العلم ويسوده محبة الاخرين ,لك الشكر استاذ بصيص.
إرسال تعليق