::
إنتابني إحساس غريب أشبه مايكون بـ الديجافو Deja vu وأنا أراقب أخي يؤدي صلاة العشاء خلال زيارتي له ليلة البارحة. لقد رأيته قبلها مئات المرات يصلي، ولكني عندما راقبت صلاته عن كثب البارحة، شعرت كأني أشاهدها للمرة الأولى ...
فهو يمط ترانيمه في مواضع محددة من قرائته وينغمها في مواضع أخرى، ويصمت لبرهة ويسترسل لبرهات أخرى، ويغمض عينيه تارة ويفتحها تارة أخرى، وينحني لوهلة ثم يقوم معتدلاً لوهلة أخرى، ثم يهوي بجبهته على الأرض ثم يقعد جالساً، ثم يقوم بعدها معتدلاً ليعيد بالضبط نفس الترانيم والتناغيم والإنحنائات السابقة كلها بانتظام في حركات ميكانيكية رتيبة متتابعة، مبرمجة في عقله، يكررها خمسة مرات في كل يوم من كل أسبوع من كل شهر من كل سنة من عمره، بدأها وهو دون العاشرة وسوف يستمر بها إلى آخر يوم من حياته، إذا لم يعيقه المرض ... أو يفيق من وهمه.
أقول إنتابني شعور بـ الديجافو، الذي هو إحساس بأن الإنسان قد مر بالضبط في وقت ما في السابق بنفس المشهد الذي يعيشه الآن، لأني كنت أأدي فعلاً نفس هذه الطقوس الميكانيكية الرتيبة، بانتظام والتزام فرضته أنا على نفسي بحكم محيطي، أو ربما فرضه علي محيطي وخضعت له من نفسي، لست متأكد أيهما، ولكن هذا لايهم الآن، لأني قد توقفت عن أداء هذا الروتين الخنوعي الرتيب منذ سنوات طويلة، بعدما رفع لي الغطاء وأنكشفت لي الحقيقة.
إحساس إنتابني البارحة، ممتزج بتساؤلات عديدة، تطايرت في أجواء تفكيري وأنا أنظر إلى هذا الإنسان الراكع الساجد، وأستمع إلى تناغيم تراتيله:
في عقل أخي المصلي قناعة. قناعة نابعة عن عقيدة تنص على وجود ذات جبارة متكاملة العلم والقدرة، تسمع ترانيمه وتراقب حركاته. إنما رغم قوتها وجبروتها وعلمها الكامل، واكتفائها عن مخلوقاتها، فهي تلزمه بالقيام بها خمسة مرات في كل يوم من حياته، وتعاقبه بقسوة يصعب تخيلها أو إستيعابها من شدتها إن تركها، وتحرض قومه على التعجيل في إرساله إليها بقتله، وكأنها لاتستطيع هي أن ترفعه إليها!!!
لماذا العقاب، وتلك الذات الربانية، بحكم تعريفها بنفسها، ليست بحاجة إلى أخي ولا إلى ترانيمه أو تناغيمه؟ ولم الحاجة إلى التهديد والوعيد للحث على الصلاة؟ أليست الحجة الربانية تكفي للحث على أدائها؟ فإن كانت الحجة ربانية فيجب أن تكون أكثر من كافية ووافية. الحجج الربانية مقنعة. هي ربانية، من السماء، من الإله، فلابد أن تكون مقنعة، أليست كذلك؟ فلم الحاجة إلى التهديد بالعقاب؟
نعم، يوجد لهذا التساؤلات رد، يتكون من لوي وعلك ودلك. إنما لايوجد له رد منطقي عقلاني وافي، أبداً.
ثم ماهي الفائدة الفكرية، أو الثقافية، أو الإبداعية، من ترانيم لعبارات مكررة برتيبة روتينية يومية مملة، ترغم خلايا المخ على التمرد والعصيان وتحث التفكير على التشتت والسرحان؟
نظرت إلى أخي وهو يؤدي صلاته بكامل الخشوع والخنوع، كما يبدو، ثابت في مكانه، لايلتفت يميناً ولاشمالاً، ولايتقدم خطوة ولايتأخر، فهو في حضرة الإله الأعظم، خالق السموات والأرضين وباعث الأنبياء والمرسلين، فواجب عليه أن يخشع له ويخنع ... كما يؤمن أخي وهو يؤدي صلاته.
ولكني أعرف مالايعرفه أخي، أو مالا يريد أن يعرفه أخي، وهو عدم وجود أي دليل علمي تجريبي على وجود خالق للكون. ولا دليل واحد ... أبداً. بل العكس هو الصحيح، أن العلوم التجريبية تشير إلى عدم وجود إله للكون. وماهو موجود، ويقدم كدليل، هو مجرد تراث قديم متوارث ... فقط.
فعندما أنظر إلى أخي وهو يصلي بكل خشوع وخنوع، ويمط في ترانيمه وتناغيمه، وينحني ويركع ويسجد، فخشوعه وخنوعه وركوعه وسجوده كله موجّه للكنبة أمامه، أو ربما للحائط خلفها، أو للهواء بينهما، إنما ليس لإله ...
ولكنه لايدرك ذلك.
فهو يمط ترانيمه في مواضع محددة من قرائته وينغمها في مواضع أخرى، ويصمت لبرهة ويسترسل لبرهات أخرى، ويغمض عينيه تارة ويفتحها تارة أخرى، وينحني لوهلة ثم يقوم معتدلاً لوهلة أخرى، ثم يهوي بجبهته على الأرض ثم يقعد جالساً، ثم يقوم بعدها معتدلاً ليعيد بالضبط نفس الترانيم والتناغيم والإنحنائات السابقة كلها بانتظام في حركات ميكانيكية رتيبة متتابعة، مبرمجة في عقله، يكررها خمسة مرات في كل يوم من كل أسبوع من كل شهر من كل سنة من عمره، بدأها وهو دون العاشرة وسوف يستمر بها إلى آخر يوم من حياته، إذا لم يعيقه المرض ... أو يفيق من وهمه.
أقول إنتابني شعور بـ الديجافو، الذي هو إحساس بأن الإنسان قد مر بالضبط في وقت ما في السابق بنفس المشهد الذي يعيشه الآن، لأني كنت أأدي فعلاً نفس هذه الطقوس الميكانيكية الرتيبة، بانتظام والتزام فرضته أنا على نفسي بحكم محيطي، أو ربما فرضه علي محيطي وخضعت له من نفسي، لست متأكد أيهما، ولكن هذا لايهم الآن، لأني قد توقفت عن أداء هذا الروتين الخنوعي الرتيب منذ سنوات طويلة، بعدما رفع لي الغطاء وأنكشفت لي الحقيقة.
إحساس إنتابني البارحة، ممتزج بتساؤلات عديدة، تطايرت في أجواء تفكيري وأنا أنظر إلى هذا الإنسان الراكع الساجد، وأستمع إلى تناغيم تراتيله:
في عقل أخي المصلي قناعة. قناعة نابعة عن عقيدة تنص على وجود ذات جبارة متكاملة العلم والقدرة، تسمع ترانيمه وتراقب حركاته. إنما رغم قوتها وجبروتها وعلمها الكامل، واكتفائها عن مخلوقاتها، فهي تلزمه بالقيام بها خمسة مرات في كل يوم من حياته، وتعاقبه بقسوة يصعب تخيلها أو إستيعابها من شدتها إن تركها، وتحرض قومه على التعجيل في إرساله إليها بقتله، وكأنها لاتستطيع هي أن ترفعه إليها!!!
لماذا العقاب، وتلك الذات الربانية، بحكم تعريفها بنفسها، ليست بحاجة إلى أخي ولا إلى ترانيمه أو تناغيمه؟ ولم الحاجة إلى التهديد والوعيد للحث على الصلاة؟ أليست الحجة الربانية تكفي للحث على أدائها؟ فإن كانت الحجة ربانية فيجب أن تكون أكثر من كافية ووافية. الحجج الربانية مقنعة. هي ربانية، من السماء، من الإله، فلابد أن تكون مقنعة، أليست كذلك؟ فلم الحاجة إلى التهديد بالعقاب؟
نعم، يوجد لهذا التساؤلات رد، يتكون من لوي وعلك ودلك. إنما لايوجد له رد منطقي عقلاني وافي، أبداً.
ثم ماهي الفائدة الفكرية، أو الثقافية، أو الإبداعية، من ترانيم لعبارات مكررة برتيبة روتينية يومية مملة، ترغم خلايا المخ على التمرد والعصيان وتحث التفكير على التشتت والسرحان؟
نظرت إلى أخي وهو يؤدي صلاته بكامل الخشوع والخنوع، كما يبدو، ثابت في مكانه، لايلتفت يميناً ولاشمالاً، ولايتقدم خطوة ولايتأخر، فهو في حضرة الإله الأعظم، خالق السموات والأرضين وباعث الأنبياء والمرسلين، فواجب عليه أن يخشع له ويخنع ... كما يؤمن أخي وهو يؤدي صلاته.
ولكني أعرف مالايعرفه أخي، أو مالا يريد أن يعرفه أخي، وهو عدم وجود أي دليل علمي تجريبي على وجود خالق للكون. ولا دليل واحد ... أبداً. بل العكس هو الصحيح، أن العلوم التجريبية تشير إلى عدم وجود إله للكون. وماهو موجود، ويقدم كدليل، هو مجرد تراث قديم متوارث ... فقط.
فعندما أنظر إلى أخي وهو يصلي بكل خشوع وخنوع، ويمط في ترانيمه وتناغيمه، وينحني ويركع ويسجد، فخشوعه وخنوعه وركوعه وسجوده كله موجّه للكنبة أمامه، أو ربما للحائط خلفها، أو للهواء بينهما، إنما ليس لإله ...
ولكنه لايدرك ذلك.
* * * * * * * * * *