،::
كيف يمكن تحديد نسبة الملحدين في البلاد العربية بأي قدر من الدقة؟
الإجابة بسيطة وهي:
لايمكن معرفتها بأي قدر من الدقة ... أبداً، والسبب؟
بسيط أيضاً وواضح: لأن الإنسان يحب رأسه ويحتاجه، ويفضل إبقائه متصل بباقي جسده، فلن ينفعه أبداً في رغبته للعيش حين يكون مفصولاً عنه يتحدرج على الأرض، لا لسبب سوى أن ثغرة أفقية مستطيلة فيه قد أباحت علناً بعدم اقتناعه بمفهوم صحراوي عتيق.
فكيف عرف طاقم البرنامج المشار إليه في رابط البوست أعلاه بأن نسبة الملحدين في البلاد العربية هي 2.5%؟ وعلى ماذا أستند أنا في زعمي بأن النسبة الحقيقية أضعاف هذا المعدل؟
أولاً، نسبة 2.5% أظنها مقتبسة من إحدى مقالات ويكيبديا التي صادفتها بنفسي في الماضي ولا أتذكر أين. ولكنها حتماً تخمينية. أما ثقتي - بل يكاد يكون جزمي - بأن النسبة الحقيقية لابد أنها تفوق ذلك المعدل، فهذا تخمين أيضاً، ولكنه ليس تخمين اعتباطي مقتطف من الهواء ليس له أساس، إنما تخمين مستمد أولاً من الطبيعة العنيفة للدين الإسلامي تجاه المخالف، وثانياً من الملاحظة المباشرة لما يحدث من حولي. ولي كلمة بسيطة حول مفهوم المسلم والملحد قبل التطرق إلى استدلالاتي.
الإلحاد مفهوم ضيق التعريف ومحصور جداً، وهو عدم الإيمان بوجود رب. هو مفهوم ضيق التعريف لأنه لايشمل فئة كبيرة من الذين لاينطبق عليهم تعريف الملحد ولا تعريف المسلم، تلك الفئة العائمة بين التعريفين.
فمن يؤمن بالله إنما لايؤمن برسله، فهذا قطعاً ليس بملحد، ولكن هل هو مسلم؟ ومن يؤمن بالله ولكنه يشكك برسله وملائكته وكتبه وجنته وناره، فهل هذا يعتبر مسلم أيضاً؟ لأن اعتبار هذه الفئة من عداد المسلمين، هو إقحام لمن هو ليس بمسلم ضمن أعداد المسلمين لا لسبب سوى لتضخيم نسبتهم. فعندما نتكلم عن نسب الملحدين بالتعريف الضيق، نتجاهل بالضرورة هذه الشريحة، التي لاتنتمي إلى الإلحاد بمفوهمه الدارج أو الإسلام شرعاً.
فالقسم الثاني قطعاً ليس بشريحة مسلمة رغم أنهم من أصول مسلمة، وهذا هو المهم، والقصد من محاولة معرفة نسبة الملحدين في البلاد العربية، أو أي مجتمع آخر، هو في الحقيقة لمعرفة نسبة من هم من أصول دينية إنما خرجوا عن دائرة الدين، والإسلام بشكل خاص، حسب التعريف الشرعي للمسلم أو للدين محل البحث، وليس لمعرفة نسبة الملحدين بتعريفهم الضيق فقط. فعندما أقول بأن نسبة الملحدين لابد أن تكون أعلى من مجرد 2.5%، فهذا تعبير غير دقيق مني، لأنه يستثني تلك الفئة الغير مسلمة، والأدق أن أقول من خرجوا عن الدين الإسلامي. وعلى هذا الأساس، أرى هذه الملاحظات من حولي:
1- أن مجموع عدد الملحدين والفئة المعلقة بين الإلحاد والإسلام، كما وضحتها أعلاه، من بين الثمانية والعشرون فرد من الذين أحتك بهم أكثر من غيرهم من أفراد عائلتي (المتدينة بالمناسبة)، سبعة منهم ينتمون إلى إحدى الفئتين المذكورتين ممن هم خارج الدائرة الدينية. فنسبتهم إذاً في دائرة الصداقة من عائلتي تبلغ أكثر من 20%.
2- من أبناء جيراننا الذين تربطني بهم علاقة وطيدة وصريحة، إثنان منهم ملحدان، وعدد أفراد عائلتهما الكلي هو 9. إذاً نسبة من هناك أيضاً أكثر من 20%.
3- من زملاء العمل، الذين أعرف مواقفهم العقائدية، 3 منهم مابين ملحد ومشكك، وكل منهم له عائلة صغيرة تتراوح مابين 3 و 4 أفراد مع أطفالهم، ولا أدري إن كانت الزوجات تحملن نفس توجهات الأزواج. فنسبتهم هناك إذاً مابين 20 إلى 30%.
4- من بين دائرة أقرب الأصدقاء لي وهم 6، إثنان منهم ملحدان، هما وزوجاتهما وأولادهما. هذا يجعل نسبة الإلحاد بين أقرب أصدقائي 30%.
ولم أذكر الأخبار المتفرقة والمعلومات التي تأتيني من المعارف والزبائن وأصدقاء الأصدقاء، وغيرهم الكثير من يدرجوا تحت تصنيف من هم خارج الدائرة الإسلامية، تفاديا للإطالة. فمعدل الملحدين والمشككين الذين يقعون خارج دائرة الإسلام الشرعي ممن أعرفهم من حولي، قطعاً تتجاوز الـ 20%.
ورغم أن هذه ليست نسبة رسمية، إلا أنها تعكس واقع محيطي الملموس كما أعيشه. وياحبذا لو أضاف من يرغب من الملحدين/الملحدات في التعليق على هذا البوست ملاحظاته/ها الشخصية عن نسبة الملحدين/المشككين من حوله/ا، حتى نرى مدى الإختلاف أو التقارب في النسب.
* * * * * * * * * *