::
من الأخ الكريم م م، مع وافر الشكر له على رسالته (توجد روابط لجميع هذه الرسائل المستلمة من القراء والمنشورة في المدونة، تجدونها في أسفل الهامش على يمين الصفحة).
أولاً أحب أشكرك على مجهودك في مدونتك المباركة، وأنا من متابعيك منذ فترة. ثانياً أستاذنا الفاضل أحببت أنقلك تجربتي مع الإلحاد والزندقة.
أنا ولدت وعشت طفولتي في بيت مسلم عادي جداً، أبي كان ملتزم بشكل بسيط، وأمي كذلك وأخوتي أيضاً.
تعلمت الدين مثل غيري، أنه يحث على الأمور الجميلة والأخلاق، وكانت فكرتي سطحية جداً، ولكن من سن صغير بدأت أفكر وأسئل، من دون قصد وعلم أنه سيؤدي إلى ترك الإسلام، وأذكر أني سألت أمي من خلق الله، وطبعاً غضبت الوالدة وقالت لي هذا من الشيطان.
وعموماً أنا كنت أتجاهل هذه الأفكار مثل أي مسلم آخر، حتى لا ينتهي بي الأمر بالنار والجحيم التي أكتشفت فيما بعد أنها مجرد فزاعة لتخويف الناس. ولكن مع هذا كله وعكس رغبتي، بدأت الأسئلة تتزايد. مثلاً، كنت أتسائل لماذا يخلق الله الكفار والأشرار؟؟ لماذا الله خلقنا أصلاً؟؟ لماذا نعبد الله؟؟ لماذا يختبرنا الله؟؟ لماذا من يكفر عشر سنين يعذب إلى الأبد؟؟
وبعدما كبرت قليلاً وأصبحت في سن المراهقة، بدأت أطلع على الدين والقرآن والأحاديث، ووجدت الكثير من الخرافات مثل يأجوج ومأجوج، الأمة التي لو افترضنا أنها موجودة لرأيتها في جوجل أيرث !! ووجدت أيضاً الأخطاء العلمية مثل أن الشمس تغرب في عين حمئة، وأن القلب مركز التفكير، وأن القمر نور وهو في الحقيقة مجرد عاكس.
أما الأحاديث والسنة فحدث ولا حرج، ففيها ماهو خاطئ علمياً، مثل أن الحبة السوداء دواء لكل داء، وحديث لا عدوى ولا طيرة، وأيضاً ادعاء أن أشد الحر والبرد في الصيف والشتاء بسبب النار !! وفيها ماهو مضحك، مثل حديث ضراط الشيطان وبوله في أذن النائم. وفيها ماهو مقزز، مثل شرب بول الرسول وبول الأبل. وفي الحقيقة باب المهازل والأخطاء في الأحاديث يمكن أن نؤلف عنه كتب كاملة.
وطبعاً عند سؤالي لأي شخص، سواء الأهل أو مدرس التربية أو زملائك أو أمك، دائماً تكون النتيجة النهائية أني حمار وأضيع وقتي بالأسئلة، والشيطان ضاحك علي. وبالأخير، وصلتني نصيحة أن أتجه إلى المنتديات الإسلامية وأبحث عن ردود على الشبهات، وأن طبعاً فرحت لأن المفترض أن هؤلاء لديهم الإجابة لأنهم طلبة علم ومضيعين حياتهم بالتفاهات المسماة العلم الشرعي.
فكانت المفاجأة أن أجوبتهم كانت ضعيفة ومن شاكلة الله أعلم، وحكمة لا يعلمها إلا الله، وترقيعات أخرى كثيرة، وأن الأعضاء يهللون ويفرحون، لكن المفاجئة الأكبر أني وجدت إناس ملحدين في المنتديات الإسلامية كانوا يطرحون نفس ما كنت أفكر به، لكن دائماً عضوياتهم تغلق، ويشتمهم الأعضاء، وتحذف ردودهم، والمفروض أن ديننا هو دين التسامح والإحترام، ولكن كان الواقع أن الملحدين كانوا أفضل أخلاقاً. ولا أنسى أنني استغربت من الكم الهائل مما يسميه المسلمون شبهات !! كيف يكون دين الله مملوء بالشبهات والثغرات؟؟ وأنا طبعاً لم أمتلك الشجاعة أن أطلع على هذه الشبهات، فأنا بدون أي قراءة، كانت لدي كمية كبيرة من الشبهات التي لم أجد لها تفسيراً مقنعاً رغم أني حاولت أن أقنع نفسي كثيراً.
وعموماً بعد هذه الحادثة، قررت ترك البحث في الأنترنت حتى لا أشك وأدخل النار، وطبعاً هذه لعبة محمد على المسلمين حيث يرعبهم بالنار والثعبان الأقرع وعذاب القبر، وبهذا لا يفكر المسلم في الإشكالات الموجودة في الدين.
ثم بدأت أستمع للإعجاز العلمي، وكنت فرحان لأنه أخيراً لقيت مايدعم إيماني، وكانت قوية، تطرح أن القرآن أبهر الغرب، وأن فيه ذكر للثقوب السوداء والإكتشافات الحديثة. لكن بعدها بدأت أتسائل، لماذا كل هذه الإعجازات ماهي إلا مجرد ربط الآيات بأمور مكتشفة مسبقاً؟ ولماذا لا يوجد إعجاز قبل إكتشافات الغرب؟ وهنا توصلت إلى أن الإعجاز مجرد لزق الآيات فقط بالإكتشافات، ودعاية رخيصة، وكانت نكسة كبيرة بالنسبة لإسلامي.
بعدها في يوم من الأيام، فكرت بسؤال بسيط جداً، وكان المفروض أني أسئله قبل كل سؤال، ولكن يبدو أني لم أمتلك الشجاعة. سألت نفسي لماذا أؤمن بالدين الإسلامي والقرآن؟ وشنو الدليل إللي يثبت صحة مافي القرآن؟
طبعاً كلنا حافظين كلام الشيوخ الذي يدعي أن القرآن أعجز العرب لغوياً ... وإلخ، وأن الإسلام دين التوحيد، ومحمد رسول الرحمة وأفضل الخلق في العالم أجمع ... وإلخ. هل فعلاً فكرنا في هذا الكلام؟؟ بعدما دققت في الكلام إللي كنت حافظه، اكتشفت أنه ليس صحيح، فالقرآن ليس معجز، بل على العكس، كان ممل جداً وغير مترابط بتاتاً. أما الضربة القاضية فكانت أنه أصلاً غير مفهوم المعنى بشكل كامل، بدليل أنه لا يوجد تفسير متفق عليه للقرآن. ولا التوحيد في الإسلام يعتبر دليل على صحته، فعادي جداً أن اخترع إله واحد فقط وأدعو الناس للإيمان به، بل حتى توحيد الإسلام لم يكن كامل، ففيه سجود للكعبة، وفيه لحس للحجر الأسود، وهذه النقطة بالذات كانت تمثل إشكالية كبيرة.
وأما أخلاق محمد المزعومة فلا عجب منها، فتاريخ محمد مكتوب من أتباعه ومن يؤمن به، والمضحك أكثر أنه دون بعد قرون من بعثته، فلا يوجد مايثبت أن محمد فعلاً كانت أخلاقه عالية. هذا بالإضافة لاكتشافي لما كتب عن بني قريضة ومافعله المسلمون من قتلهم وسبي أطفالهم ونسائهم، وهذا يناقض مانقل لنا عن الرسول من أخلاق !
وهذا كان بداية لإلحادي، لأني اكتشفت أن كل ماأؤمن به كان مجرد أساطير لا يوجد عليها دليل سوى كلام فارغ ومواضيع تعبير. وعلى الرغم من أني كنت أعرف الحقيقة بداخلي، لكن لم أمتلك الشجاعة بأن أعترف أن ديني كان مجرد خرافات. ومرت السنوات وأنا تقريباً تركت الدين ولا أصلي بتاتاً ولا أهتم للدين، ولكني أعتبر نفسي مسلم.
ومرت السنوات وأنا كبرت، ومع الوقت وبالصدفة دخلت منتدى الملحدين العرب، وطبعاً ترددت في البداية أن أدخله، لكن عندما دخلته وجدت إناس لهم نفس تفكيري بالضبط، ونفس أسألتي، وطبعاً فرحت لهم وشعرت أن هناك إناس غيري يستخدمون عقولهم.
ومن تلك اللحظة تركت الإسلام، ولم أنظر للوراء !! والدين الذي كان رعب وفزاعة تخوفني من التفكير، أصبح مادة دسمة للضحك، خصوصاً مع ظهور شيوخ الفضائيات وفتاويهم المضحكة مثل إرضاع الكبير وقتل ميكي ماوس وقتل الجن ومفاخذة الرضيعة.
عندما أنظر لانتقالي من حظيرة الإيمان إلى الإلحاد، أجد أن الأمر الوحيد الذي كان يمنعني من ترك الإسلام هو الخوف. هذا هو الذي منعني من التفكير بحرية والبحث، فأنا كنت ملحد تقريباً بدون أن أتواصل أو أقرأ لأي ملحد آخر.
حالياً أنا أعيش حياتي بشكل طبيعي جداً، كل من حولي مسلمين على الرغم من اكتشافي لإثنين من أصحاب الفكر المماثل، لكن البقية متدينون. وطبعاً أمي وأبي زاد تدينهم عن السابق، وبعض أصحابي اعتنق فكر القاعدة والفكر المتطرف، ومع هذا أنا متعايش معهم بشكل عادي. وللأسف أضطر مرات لأن أصلي، خصوصاً في الجمعة.
كنت في السابق وفي بداية إلحادي خائف من فكرة عدم الخلود والفناء، لكن مع الوقت أصبح هذا الأمر عادي جداً، وأنا أستمتع الآن بحياتي. لازلت أحب عمل الخير ومساعدة الناس أكثر من بعض المتدينين.
فنصيحتي لمن يمر برحلة شك وتساؤل هي: إستمر في التساؤل والبحث، وقم بالإطلاع على أفكار الطرف الآخر "الملحدين"، كن شجاعاً في التفكير والإستنتاج.
وبالنهاية أحب أن أقدم الشكر الجزيل لأستاذنا الفاضل بصيص على جهده الطيب.
(حدثنا عزيزي القاريئ/عزيزتي القارئة عن أسباب إلحادك حتى ننشره في المدونة. يمكنك إرسال قصتك بواسطة الإيميل إلى basees@ymail.com أو كتابتها كتعليق على أي بوست في المدونة)
* * * * * * * * * *