::
من القارئ الكريم مراد. وتوجد روابط لجميع قصص الملحدين في هذه السلسلة من البوستات، تجدونها أسفل الهامش على يمين الصفحة.
عندما كنت صغيراً، وجدت منحوتة خشبية في البيت على شكل العالم الجليل الفارابي. كان طويل اللحية، أبيض اللون، وجاحظ العينين. نظرت إلى أبي وقلت: هذا الله !!! ضحك أبي واعطاني المنحوتة. كنت مقتنعاً تماماً بأنه الله، على الأقل أستطيع رؤيته.
مرت الأيام وإنا أحمل صفة المسلم المعتدل، لا تستعجلوا فأنا أعرف سيل اتهامات الملحدين الكفرة. على كل، اصدقائي كانوا مسيحيين يحبون الحياة ويحبون مريم واليسوع، لم أتأثر بهم كما حذرني بعض الأصدقاء، بل على العكس، زاد يقيني بأن الجميع يحب الله، ولكن كل على طريقته.
أنهيت دراستي الجامعية بتفوق، وسافرت إلى عاصمة الجمال سيدني (ليست عاصمة استراليا). هناك، شاهدت معنى الإنسانية المتجردة، وكيف تكون أنت لأنك أنت. وبسبب سوء الحال وفقري المدقع، وجدت عملاً لدى تاجر لا يقل خباثة عن تاجر البندقية. عملت لديه كبائع ومحاسب ومهام أخرى، كان يتردد على المحل قس جليل أكرمه الهادي بأن أعطاه قدرة كبيرة على الإقناع والمجادلة وعقد الصفقات، وكنت أنا في ريعان شبابي، وكنت متأكد أني أملك الحقيقة أكثر منه. دخلنا في جدالات كثيرة، أي منا يعرف مايريده الله أكثر، من منا على صواب ومن منا على خطأ، هو يقول تعدد الزوجات وأنا أقول ثلاثة في واحد. كم كنت متحمساً لادافع عن ديني وأهديه إلى السرطان، أقصد الصراط المستقيم.
هذا الجدال جعلني أتعمق في الأديان عموماً وبديني الإسلامي خصوصاً، كلما قرأت أكثر زاد شكي أكثر. كما أنا سخيف، هل هذا حقاً ماصدقته؟ هل كانت جل معتقداتي مبنية على من أحق بالسلطة؟ بني هاشم أم بني أمية؟ وكأني امتداد لداحس والغبراء. هل هذا السجع هو دليلي على أن الإنفجار العظيم حدث أو لم يحدث؟ للحظة، شعرت بالفراغ التام، وسألت نفسي من أنا؟
في الصباح وجدت نفسي كما كنت، لكن لحظة !! أنا لا أبغض شخصاً آخر لأنه لا يصدق ما أصدق ولا يعتقد ما أعتقد، بل كل الناس سواء. أخلاقي هي ماتربيت عليه، وفعلي هو ماتمليه علي إنسانيتي. أنا لا أكره أحد، حتى الله !! فهو أضغاث أحلام لا أكثر. كيف أكره شيئ غير موجود؟ كم تقاتلنا على مر العصور، الشيعة يعتقدون بأن الله معهم، والسنة والكاثوليك والأرثودوكس والوهابية والبوذيين والإسماعيليين ووووو .... الكل يظن أن الله معه. لكن لحظة، أذا أحدهم مخطئ، هل من الممكن أن يكونوا جميعهم مخطئين؟
(حدثنا عزيزي القاريئ/عزيزتي القارئة عن أسباب إلحادك حتى ننشره في المدونة. يمكنك إرسال قصتك بواسطة الإيميل إلى basees@ymail.com أو كتابتها كتعليق على أي بوست في المدونة)
* * * * * * * * * *
هناك 3 تعليقات:
معظم المسلمين أو بالأحرى المؤمنين الذين دخلوا في جدالات مع محلدين ولا دينيين لإقناعهم، يحدث لهم التالي:
1- إما أن يكون المؤمن لا يبحث أصلا عن جدل ولا يملك أدنى أبجديات الجدل المنطقي، وبالتالي سوف يستمر في التعريف بخرافاته والتزام الصمت أمام الإحراجات المختلفة، والإفحام البين.
2- مؤمن يتحاور مع ملحد وهو يملك أدبيات الجدل المنطقي القائم على الحجة والبرهان فضلا عن التفكير العلمي القائم على التجربة والإثبات المادي ولكنه لا يملك المعلومات الكافية، وهذا ينتهي به الحال أثناء الجدل واكتساب المعرفة إلى الإلحاد أو اللا دينية.
3- مؤمن لا يملك المعرفة والمعلومات الكافية، ويتحاور لإقناع الطرف الثالث بفكرته الموروثة من الآباء والأجداد، ثم تصدمه كل الشواهد والإثباتات البديهية وينتهي به الحال إما إلى متعصب أو حتى إرهابي، وإما أن يهرب ولا يفكر مرة أخرى في الموضوع ويعيش كيفما اتفق.
أنت عزيزي عشت الحالة الثانية، مع أمنياتي لك بالسعادة الدائمة :)
That was beautiful
اغلب الملحدين كانت هذي قصتهم، كانوا مسلمين صادقين ..جادلوا الناس او حتى انفسهم .. رغبة بالدفاع عن دينهم ورغبة بإجابات شافية ، .. فبحثوا بصدق عن تلك الاجابات ... وتدريجيا .. انتهى بهم المطاف وسط دائرة العقلانية .. ولا شيء غيرها ! والحمد للعقل ;)
إرسال تعليق