::
عندما قرأت هذا الخبر الذي أرسله لي أحد القراء كتعليق على البوست السابق، مرت ببالي خاطرة ذكرتها كثيراً في مواضيع سابقة، ولا أريد أن أتوقف عن الخوض فيها في كل فرصة لأهميتها. ولذلك سوف أعيد طرحها مرة أخرى في هذا البوست.
الخبر يتناول سياسة التمييز الديني الذي تنتهجه حكومة دولة أنغولا الأفريقية ضد الدين الإسلامي. ورغم أن موقفي مناهض للأديان بشكل عام، إنما أرى أن هذه سياسة تمييزية سافرة من حكومة يغلب عليها الفكر المسيحي، وربما هذا المنع نابع عن تأثير طائفي محظ.
لا أدري في الحقيقة ماهي الأسباب الحقيقة خلف منع أنغولا للطائفة المسلمة الصغيرة المتواجدة هناك من ممارسة دينهم بشكل مفتوح في الأماكن العامة، واتخاذ هذه الخطوة الدرامية الإستفزازية في هدم المساجد - برأيي أن جميع أماكن العبادة لجميع الأديان تستحق الهدم، وليست المساجد فقط، المساواة في اجتثاث الخرافة بجميع ألوانها فضيلة - إنما هذه السياسة لاتعنيني في هذا البوست، بل مايعنيني هو نوعية الفكر خلف ردود فعل المسلمين خارج أنغولا لهذا القرار، وهذا ماسوف أتناوله باقتضاب في هذا الطرح.
الخبر طبعاً يذكر أن الحكومة الأنغولية منعت رسمياً اعتناق الدين الإسلامي وممارسته على أراضيها، وشرعت في هدم المساجد، وردود فعل المسلمين أتت كما هو متوقع تماماً من أي طائفة تعامل بهذا الشكل. إنما الملفت للنظر هو نوعية ردة الفعل، والتي بدورها تعكس نوعية الفكر الذي يحمله المؤمن، وكيف يكشف هذا الفكر الغياب التام لأبسط مستويات الوعي والإدراك عند المؤمن، المسلم بالخصوص.
فمثلاً، يذكر الخبر أن الشيخ عبدالفتاح حمداش يطالب باستنهاض الأمة الإسلامية للقيام بخطوات جريئة لحماية الإسلام والمسلمين !!!!!
ألا ترون أن هناك قصور شديد والتواء في هذا الخط من التفكير؟ بيوت جبار الجبابرة، المسيطر على الكون بأكمله بقوته اللامحدودة، تهدم أمام عينيه فلا يحرك ساكناً، ولكن تتعالى صيحات عباده لاستنهاض أمته الهشة الضعيفة المتأخرة الجاهلة للذود عن ممتلكاته وحماية رسالته !!!!! طيب وهو مابيتحركش ليه؟ خايف من الحكومة الإنغولية؟
هذه الندائات المتكررة في استنهاض المسلمين كلما وقعت إسائة لمقدساتهم، والنابعة عن غضب شخصي يشعر به المؤمن، تعكس غياب تام للوعي والفطنة التي يجب أن تنبه المسلم باحتمالية عالية إنما في الواقع بسيطة، وهي أن عدم التنفيذ، عدم الوقوع، عدم التطبيق، للوعود والتهديدات السماوية بالإنتقام، والتي يعج بها القرآن وتفيض بها الأحاديث النبوية، لابد أن ينظر إليه كمؤشر واضح على عدم وجود هذا المهدد المنتقم، واستلزام انتفاضة المؤمن لا بد أن تعتبر تعويض تلقائي عن غياب الرب حتمته الحاجة للتشبث بالفكرة الموروثه على أنها حق.
يمتلأ التاريخ بالإسائات إلى المقدسات، من هدم الكعبة إلى سرقة القرامطة للحجر الأسود إلى حرق المصاحف إلى الرسومات الكاريكاتورية وغيرها الكثير، بدون وقوع أي حدث واضح وفوري يمكن أن يعزى إلى انتقام رباني ضد هذه الأحداث. إنما العجيب أن المؤمن المسلم لا يعيرها أي انتباه.
* * * * * * * * * *