::
هذا رد ثاني على تعليق آخر للأخ القارئ العزيز مالك الأسلمي أطرحه هنا كموضوع جديد لهذا البوست، وأنصح القراء الكرام أن يقرئوا البوست المعني هـنـا أولاً ليكونوا على إلمام لفحوى الموضوع.
أجد في تعليقات الأخ مالك مرتعاً خصباً للكتابة لما تحتويه من أفكار ومفاهيم ربما تعكس منهج التفكير المشترك السائد في مجتمعاتنا الإسلامية وكيف تُبنى عليه رؤية الأمور هناك عندما تكون القاعدة التي يرتكز عليها تكوين الفكر العربي/ الإسلامي هي لاهوتية/قبلية في أصلها وجوهرها.
تعليق الأخ مالك كان حول البوست المشار إليه أعلاه والذي أردت أن أبين فيه الخلل الشنيع في ميزان العدالة المنسوبة إلى السماء والتي تفرض أقسى العقوبات وأشنعها على علاقات بشرية طبيعية تتمتع بقبول واسع اليوم في أغلب المجتمعات المتحضرة والمتقدمة تقنياً وعلمياً واقتصاديا واجتماعياً، وتمثل حريات لإقامة علاقات فردية خاصة بين الناس لايصدر منها أي ضرر، لاعلى الأفراد الذين يمارسونها ولاعلى المجتمع بشكل عام، بعكس أضرارها الوهمية التي يحاول ترويجها هؤلاء الذين ميزوا أنفسهم باللحى واللباس ونصبوا أنفسهم كوكلاء للسماء.
وهذا نص تعليق الأخ مالك ملون بالأزرق يتخلله ردي الذي لونته بالأحمر:
فريد ومن يخشع لفكرة فريد لن يُجيد أن يُثبت نسبه ويذكره وصولاً إلى جدِّه الأوَّل آدم وأمِّه الأولى حواء وسيتوه في سلفه ويعتقد أن جدته قردة لا تعرف من لقحها لتولد به أو بسلفه الأكثر شبهاً به "صاحب القامة المستقيمة" والأظفار المقلَّمة.
أول عبارة لردك ياأخ مالك تعكس بوضوح ساطع تفكيرك الذكوري الذي يعكس موقف المجتمع الإسلامي من المرأة. لأنك نسبت تلقائياً قرار إقامة العلاقة بين فريد وصديقته إلى "فكرة فريد" وكأن قرار إقامة تلك العلاقة محصور عليه، وتجاهلت تماماً أن هناك طرف آخر فيها يتوجب الذكر وهو صديقته وشريكة حياته.
ثانياً، بصرف النظر عن عدم وجود إنسان واحد على وجه الكرة الأرضية بتاريخها البشري الكامل يستطيع تتبع نسبه رجوعاً بعشرات الآلاف من الأجيال لينتهي بآدم وحواء اللذان بدورهما لاتسند وجودهما قشة واحدة آركيولوجية أو جينية أو حتى منطقية يمكن إستخدامها كدليل يثبت تواجدهما، فإن إمكانية تتبع النسب وإثباته سوف تفيد الفرد أو البشرية بماذا؟ غير المفاخرة بالحسب والنسب خلال التسامر وشرب القهوة في الليالي القمرية تحت خيام الشعر في البادية؟
وهل إحتاج ألبرت آينشتاين أو إسحاق نيوتن إلى تتبع أنسابهما حتى يتمكنا من دفع عجلة العلم والمعرفة والتطبيق إلى هذه الأبعاد المذهلة؟
أما جدتنا القردية التي تنحدر من جدتنا السحلية وقبلها الجدة السمكية التي تنتسب إلى جدتنا الدودية الشريطية التي تنحدر بدورها من كائنة مائية هلامية فهذه لاخلاف عليها في الأوساط العلمية والثقافية ...
وعيب على الإنسان أن ينكر أصوله ... سواء كانت تتعلق على الشجر أو تغوص في الطين.
رسمة مبسطة لجدتنا الدودة الشريطية (إضغط على الصورة لتكبيرها)
فريد لا يعترف بعلمٍ اسمه علم النسب المشتق من علم التاريخ، بل إنه سيتنكر للتاريخ ويعتبره "حقبة سوداء"، والغالب أن فريد ليس عربياً أو أنه عربي ذاق نوعاً من العبوديَّة والإستضعاف في ماضٍ يريد نسفه بجيِّده وسيِّئه كردة فعل نفسيَّة إنسانيَّة طبيعيَّة.
فريد أقام علاقة عائلية مع صديقته، بكل ماتتطلب من حقوق وواجبات متبادلة بينهما كزوجين، والفرق الوحيد بينهما وبين غيرهما من المتزوجين هو عدم إمتلاكهم لورقة موقعة بحضور شاهدين لإثبات علاقتهما تلك. هذه الورقة الآن فقدت أهميتها في الكثير من الدول المتقدمة، لأن القوانين المدنية هناك قد ساوت بين تلك العلاقات وباقي الأسر وكفلت حقوق الجميع ... بورقة أو بدون ورقة.
وتأثير عدم معرفة علم الأنساب على الحياة الناجحة السعيدة المثمرة لفريد وزوجته وابنته هو كتأثير عدم معرفة المركبات الكيميائية لصخور كوكب المريخ عليهم ... مادخل معرفة أو جهل علم الأنساب أو التاريخ في حياة فريد؟ أما تحليلك ياعزيزي لسايكولوجية فريد بواسطة توارد الخواطر بينك وبينه كما يبدو فهذه سيحسدك عليها سيغمند فرويد بنفسه لو كان حياً.
فريد عشق امرأة وشُغف بها حُبّا، لكن جذوة الحب لكل من جربها تذبل مع الأيام، وغداً قد لا يطيق أن يشاهد وجه هذه التي يناكحها على هامش المكان والزمان، حينها من سيرغمه أن يتكفَّل بضمان حياة كريمة لإبنته المظلومة بأبيها "أبو نزوة" وأمها التي كشفت فخذيها لنسمة هواء جميلة ستنتهي بعد الربيع ويأتي في الصيف السموم، أم أنّه سيُطلب منّي أن أشفق عليها بـ"كفالة يتيم".
هذه الفقرة من تعليقك هي التي حثتني على طرح التعليق بأكمله كموضوع للبوست، لأنها مع احترامي لك كإنسان هي فقرة قبيحة المفاهيم وممتلئة بالمغالطات. وهي مجموعة من الأفكار تعكس بشدة العقلية الذكورية المهيمنة التي تبتلي بها مجتمعات الديانات الإبراهيمية الملتزمة، وبالخصوص القبلية منها، وتتطلب طرح موضوع آخر كامل بها. ولكني سوف أختصر تعليقي لها تجنباً للتعقيد:
أولاً أنت افترضت مرة أخرى أن زمام العلاقة واتخاذ القرار هو بيد فريد - الرجل - وكأن زوجته دمية فارغة العقل والإرادة يتحكم فيها على هواه ...
فهو الذي عشقها وشغف بها حباً، وكأن العشق من طرف واحد ... الرجل! أليس لشريكته وصديقته وحبيبته عواطف ومشاعر تخولها للعشق هي أيضاً؟ لماذا لم تقل عشقا بعضهما؟
وهو الذي قد لايطيق أن يرى وجهها، وليست هي التي لاتطيق أن ترى وجهه ... "هذه التي يناكحها"!
هذه التي يناكحها؟؟؟
هل فقدت المرأة كرامتها عندك إلى درجة تعريفها بـ "هذه التي يناكحها"، وأصبحت مجرد كيان أنثوي غير معرف "كشف فخذيه" الهدف منه النكاح؟
إسمح لي أن أقول بأن كلامك عدائي للمرأة وممتلأ بالمغالطات، ولاألومك في ذلك لأن منهج تفكيرك هو نتاج محيطك الغاصب لحقوق المرأة والهادر لكرامتها. ففريد وشريكته يمثلان وحدة أسرية سعيدة وناجحة تعيش في ظل حماية القوانين المدنية لهما ولأطفالهما في مجتمع علماني غربي متحضر ومزدهر وآمن. يتمتع الإثنان فيه بقدر واسع من الحريات من أهمها إتاحة الخيار للأسلوب المعيشي الأسري الذي يختاره أفراده. ليس لجنس فيه أفضلية على الآخر، إنما الإثنان متساويان في الحقوق والواجبات.
الأمور لا تسير بكيفيَّة زئبقيَّة، أنت شخص مسؤول بالعقل الحر التي تبني قراراتك على أساس عمله بكيفيَّة طبيعيَّة، وكل فعلٍ تقوم به تحاسب عليه، الآن بالزواج وبالعقود المثبتة وبالمحاكم المتضامنة مع حقوق المرأة نجد بلاوي يشيب لها مفرق الولدان ومشاكل اجتماعية مدمِّرة، كيف سيكون الحال لو كل موجب نكح سالبة على قارعة طريق أو خلف أي تراشكان.
هذا كلام لايحمل أي درجة من الصحة ولايعكس مايحدث في الدول التي تمارس فيها الحريات الجنسية بجميع أشكالها، سواءعلاقات غير شرعية بين أفراد الجنسين أو علاقة مثلية بين أفراد نفس الجنس. بل العكس هو الصحيح، وأحيلك مع القراء الكرام إلى بوستات سابقة في هذه المدونة تجدها هـنـا وهـنـا تطرقت فيها إلى مدى نجاح وسعادة المجتمعات العلمانية اللادينية التي تنتشر فيها هذه الظواهر المستهجنة في مجتمعاتنا، يمكنك من خلالها مقارنة ماتتمتع فيه هذه المجتمعات المخالفة لقيمنا وعاداتنا مع ما تتمرغل فيه مجتمعاتنا المتدينة من تخلف وجهل وفساد.
إسمح لي أن أقول بأن كلامك عدائي للمرأة وممتلأ بالمغالطات، ولاألومك في ذلك لأن منهج تفكيرك هو نتاج محيطك الغاصب لحقوق المرأة والهادر لكرامتها. ففريد وشريكته يمثلان وحدة أسرية سعيدة وناجحة تعيش في ظل حماية القوانين المدنية لهما ولأطفالهما في مجتمع علماني غربي متحضر ومزدهر وآمن. يتمتع الإثنان فيه بقدر واسع من الحريات من أهمها إتاحة الخيار للأسلوب المعيشي الأسري الذي يختاره أفراده. ليس لجنس فيه أفضلية على الآخر، إنما الإثنان متساويان في الحقوق والواجبات.
الأمور لا تسير بكيفيَّة زئبقيَّة، أنت شخص مسؤول بالعقل الحر التي تبني قراراتك على أساس عمله بكيفيَّة طبيعيَّة، وكل فعلٍ تقوم به تحاسب عليه، الآن بالزواج وبالعقود المثبتة وبالمحاكم المتضامنة مع حقوق المرأة نجد بلاوي يشيب لها مفرق الولدان ومشاكل اجتماعية مدمِّرة، كيف سيكون الحال لو كل موجب نكح سالبة على قارعة طريق أو خلف أي تراشكان.
هذا كلام لايحمل أي درجة من الصحة ولايعكس مايحدث في الدول التي تمارس فيها الحريات الجنسية بجميع أشكالها، سواءعلاقات غير شرعية بين أفراد الجنسين أو علاقة مثلية بين أفراد نفس الجنس. بل العكس هو الصحيح، وأحيلك مع القراء الكرام إلى بوستات سابقة في هذه المدونة تجدها هـنـا وهـنـا تطرقت فيها إلى مدى نجاح وسعادة المجتمعات العلمانية اللادينية التي تنتشر فيها هذه الظواهر المستهجنة في مجتمعاتنا، يمكنك من خلالها مقارنة ماتتمتع فيه هذه المجتمعات المخالفة لقيمنا وعاداتنا مع ما تتمرغل فيه مجتمعاتنا المتدينة من تخلف وجهل وفساد.
الصورة أعلاه: إن كان نجاح علاقة الرجل بالمرأة يقاس بمدى سعادتهما مع بعضهما، فمن الواضح أن علاقة الإثنان على يسار الصورة أنجح من نظيرهما الجالسان على يمينها.
::
* * * * * * * * *