::
إليكم هذا السؤال:
كيف يحافظ المؤمن المسلم (أو أي مؤمن متدين آخر) على أفكار وقناعات اكتسبها في طفولته وقولبت شخصيته، وكونت هويته وانتمائه، ورسمت له خطة سيره في حياته، وانتشلته من براثن الموت والفناء بوعده بحياة أزلية سعيدة متكاملة، في وجه ثورة علمية معرفية وانطلاقات تقدمية تنويرية وتغيير جذري في المنهج الفكري يهدد بهدم كل هذه المقومات والأعمدة التي تحدد وتسند من هو ومن أين أتى وإلى أين سينتهي به المصير ويفتتها أمامه؟
كيف يتعامل مع هذا الإحتمال المتربص الذي يحوم حوله، و ينط عليه كل يوم من صفحات جريدته، ويطل عليه داخل بيته من شاشة تلفزيونه، ويحمله معه بالموبايل حتى في جيبه؟ بسيطة، يحذو حذو النعامة ويدفن رأسه في الرمل.
الإنكار والجهل المتعمد، هما أسهل وسيلتان لتفادي مواجهة الحقيقة. ورغم أن اللادينيون يصادفون هذه الظاهرة يومياً في المجتمع المتدين، وربما تعودوا عليها، إلاّ أني شخصياً ورغم مرور سنوات طويلة على لاتديني، أشعر بحالة سيريالية غريبة كلما وجدت نفسي في هذا الموقف. يتحدث من حولك عن كيان خارق خرافي قديم، آمن به الإنسان البدائي بالضبط كما آمن بآلاف غيره من الآلهة الأخرى تعويضاً لجهلة وتهدئةً لروعه، وتناقلته الأجيال بالضبط كما تناقلت خرافة التنين والعنقاء واليونيكورن. كيان لا يوجد له حتى تعريف محدد يتفق عليه المؤمنون به، ولا يوجد أي دليل محسوس على وجوده، إنما لايزال الناس يتاعملوا معه اليوم ويبنوا حياتهم حوله وكأنما يحوم فوقهم، يراهم ويسمعهم ويتأثر عاطفياً بما يقولون ويعملون. ظاهرة عجيبة فعلاً!!!
فعندما تصبحت اليوم على هذا الفيديو كليب، إضغط هـنـا، دخلت في إحدى هذه الحالات السيريالية التي تنتابني بشكل متكرر وتسبب لي شعور بالدوران. والفيديو عبارة عن حلقة حوارية يقودها المقدم التفلزيوني المصري عمرو أديب، ويشارك فيها مجموعة من النعام الدافنة رؤوسها في الرمل.
لا أحب إستخدام عبارة الإستمناء الفكري، إنما أجد هذا الوصف ينطبق بدقة على ما يحدث في هذه الجلسة: ممارسة فاضحة لاستمناء جماعي فكري علني على شاشة التلفزيون، تقوم به مجموعة من المغفلين (وهذا وصف دقيق لهؤلاء الرهط، لأنهم غافلون بتعمد عن الواقع) بدون أي استحياء أو خجل. مراقبتهم والإستماع إلى تهريفاتهم، تثير الشعور بأنهم يعيشون في زمن آخر وفي مكان آخر غير الكرة الأرضية. إنكار تام للحقائق العلمية المتداولة والمطبقة والموجودة في مقررات جــــــــــمــــــــــيــــــــــع الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية التي تحترم إسمها وسمعتها (وهذه لائحة بها نشرتها في بوست سابق هـنـا) وجهل مطبق متعمد لها. بالإضافة إلى إنكار تام للحقائق الإحصائية الصادرة خلال العقود الماضية والتي تشير إلى إنحسار دولي في التدين، وارتفاع مضطرد في نسبة اللادينيين والملحدين، والمدونة ممتلأة بالبوستات التي تذكر هذه الحقيقة.
وكالعادة، لم أستطع أن أكمل مشاهدة هذه الجلسة، فقدرة تحملي على الإستماع إلى الغباء محدودة ببضعة ثواني فقط، ولكن ربما يجد فيها بعضكم مصدر للتسلية والضحك.
وكالعادة، لم أستطع أن أكمل مشاهدة هذه الجلسة، فقدرة تحملي على الإستماع إلى الغباء محدودة ببضعة ثواني فقط، ولكن ربما يجد فيها بعضكم مصدر للتسلية والضحك.
مع وافر الشكر للأخت العزيزة آية على توفير الرابط في الفيسبوك.
* * * * * * * * * *