::
صاحبت أحد أقربائي في السيارة قبل بضعة سنوات للذهاب إلى عزاء قريب آخر لوفاة والده. وخلال مسيرتنا الطويلة في زحمة الشوارع، انجرف الحوار، أظن بفعل الحر وملل زحف السير الذي التصقت السيارات في طوابيره البطيئة الدعامية بالدعامية، من سرد مآثر المرحوم وذكرياتنا القديمة معاه، لينعطف إلى الحديث عن عالم السينما والأفلام.
فكنت أذكر لقريبي خلال ذلك الحديث التائه في زخم الحر والزحام أنه من المعروف في مجال الإنتاج والإخراج السينمائي وجود مايشبه بالمعادلة الرياضية، يستخدمها العاملون في ذلك المجال للتعويض عن ضعف الجانب الجوهري الفني برفع جانب آخر ثانوي من العمل السينمائي لكي تستقيم المعادلة ويتم استقطاب العدد المنشود من المشاهدين.
فإذا ضعفت القصة مثلاً أو كان أداء الممثلين هابط أو لم يكونوا من المشاهير أو كانت ميزانية الإنتاج ضعيفة، يُرفع جانب آخر معياري يستخدم دوماً للتعويض عن ذلك الضعف، وهو جانب الجنس والعنف، فترى دائما زيادة غير عادية لمشاهد الإثارة الجنسية والعنف المبالغ في أفلام الدرجة الثانية أو ماتسمى بـ بي موفي B movie.
وعندما وصلنا أخيراً إلى مجلس العزاء وقدمنا تعازينا إلى أهل المرحوم وجلسنا قريباً منهم، فاجأني أحد أولاده بتقديم نسخة من القرآن لي قائلاً أن والده قد أوصى قبل وفاته بتوزيع مجموعة منها على بعض أفراد العائلة ضمن لائحة كان قد كتبها وأدرجني فيها! فأخذته مع وافر شكري وبدأت أتصفح فيه بينما جنح خيالي إلى منظره وهو مرصوصاً على الرف في قسم الروايات الخيالية من مكتبتي، يزاحمه من جانبيه كتابي ألف ليلة وليلة وأليس في بلاد العجائب.
وبينما كنت أتصفح في هذه الهدية الموروثة الغير متوقعة والخالية تماماً من أي منفعة أو فائدة لي، وقعت عيناي على هذه الآية:
إن للمتقين مفازا {31} حدائق وأعنابا {32} وكواعب أترابا {33} - من سورة النبأ. فشردت من جوفي قهقهة خفيفة عندما مر بصري على آخر عبارة منها، جعلت نظرات الحيرة والإستهجان تصوّب نحوي من بعض المتواجدين حولي، اضطررت بعدها فوراً لاستدراك الموقف بتقنيع الضحكة بكحة مصطنعة أعقبتها رشفة ناشفة من كوب الشاي.
فقد كنت قبل بضعة دقائق فقط أتحاور في السيارة عن أسلوب هوليود في التعويض عن ضعف الإنتاج السينمائي للأفلام برفع مستوى الإثارة الجنسية فيها، وها أنا الآن أحدق في نفس هذا الأسلوب المستهجن أخلاقياً حتى عند الغرب المتحرر الكافر، يستخدمه رب العفة والفضيلة أيضاً في دعم إنتاجه الخطابي الذي أدرك كليشيهاته ولامعقوليته حتى أفراد المجتمع الرعوي في جاهليتهم.
فما معنى آية وكواعب أترابا؟
المقصود بالكواعب في الآية هي نهود الفتاة اليانعة البكر، حيث تم تشبيه شكل ثدييها البارزان اللذان لم يرتخيا بعد ببروز كعب القدم. أما الأتراب فتعني أن صاحبات تلك النهود اللاتي ينتظرن المؤمن في الجنة كلهن من نفس السن. والقرآن هنا يحاول بشكل مكشوف إعطاء القاريئ الذكر صورة ذهنية إغرائية جنسية بحتة بواسطة التلاعب بمخيلته وتهييج شهواته لهدف كسبه والسيطرة عليه.
وهذا الأسلوب يتشعب إلى عدة أدوار تساهم كلها في تعزيز السيطرة والحصول على التسليم والخنوع المنشود من المؤمن، فبالإضافة إلى إغرائه بشكل مباشر بالملذات الجنسية التي تنتظره بعد موته، يقوم أيضاً بإنحاء تفكيره بعيداً عن المعاينة النقدية لمضمون الرسالة وجوهرها والتمحيص فيها لتقييم قوة حجتها وذلك بجره إلى عالم التخيلات الشهوانية وغمسه في أحلام غرائزه، نفس الأسلوب الذي يطبق في الأفلام الركيكة التي يضعف الجانب الفني فيها.
هذا الخط الشهواني الإغرائي كما يعرف الجميع، يعبر النص المقدس بطوله وعرضه ويتكرر فيه من الغلاف إلى الغلاف، ولايختلف كثيراً في غاياته وأهدافه عن الخط الجنسي المتبع في تسويق أفلام الدرجة الثانية، سوى في تمييزه السافر بين الذكر والأنثى. فبينما الإثارة الجنسية في أفلام هوليود تستهدف كلا الجنسين، تتركز نظيرتها القرآنية حصراً على الذكور، فلن تجد في النص أي محاولة لكسب النساء بنفس الأسلوب، طبعاً لذكورية المجتمع الصحراوي آنذاك ولحاجة القيادة الإسلامية إلى المقاتلين الرجال أكثر مما هي بحاجة إلى مساهمة النساء.
فهل تريدون برهان أقوى من هذا يدل على بشرية النصوص وهزالتها في تقديم الحجة التي لو كانت حقاً من إله لما احتاج منتجها السماوي لنشرها تبني نفس الأسلوب الجنسي الهابط الذي يستخدمه البشر لتعويض ركاكة إنتاجهم الأرضي؟
موجود.
::
فكنت أذكر لقريبي خلال ذلك الحديث التائه في زخم الحر والزحام أنه من المعروف في مجال الإنتاج والإخراج السينمائي وجود مايشبه بالمعادلة الرياضية، يستخدمها العاملون في ذلك المجال للتعويض عن ضعف الجانب الجوهري الفني برفع جانب آخر ثانوي من العمل السينمائي لكي تستقيم المعادلة ويتم استقطاب العدد المنشود من المشاهدين.
فإذا ضعفت القصة مثلاً أو كان أداء الممثلين هابط أو لم يكونوا من المشاهير أو كانت ميزانية الإنتاج ضعيفة، يُرفع جانب آخر معياري يستخدم دوماً للتعويض عن ذلك الضعف، وهو جانب الجنس والعنف، فترى دائما زيادة غير عادية لمشاهد الإثارة الجنسية والعنف المبالغ في أفلام الدرجة الثانية أو ماتسمى بـ بي موفي B movie.
وعندما وصلنا أخيراً إلى مجلس العزاء وقدمنا تعازينا إلى أهل المرحوم وجلسنا قريباً منهم، فاجأني أحد أولاده بتقديم نسخة من القرآن لي قائلاً أن والده قد أوصى قبل وفاته بتوزيع مجموعة منها على بعض أفراد العائلة ضمن لائحة كان قد كتبها وأدرجني فيها! فأخذته مع وافر شكري وبدأت أتصفح فيه بينما جنح خيالي إلى منظره وهو مرصوصاً على الرف في قسم الروايات الخيالية من مكتبتي، يزاحمه من جانبيه كتابي ألف ليلة وليلة وأليس في بلاد العجائب.
وبينما كنت أتصفح في هذه الهدية الموروثة الغير متوقعة والخالية تماماً من أي منفعة أو فائدة لي، وقعت عيناي على هذه الآية:
إن للمتقين مفازا {31} حدائق وأعنابا {32} وكواعب أترابا {33} - من سورة النبأ. فشردت من جوفي قهقهة خفيفة عندما مر بصري على آخر عبارة منها، جعلت نظرات الحيرة والإستهجان تصوّب نحوي من بعض المتواجدين حولي، اضطررت بعدها فوراً لاستدراك الموقف بتقنيع الضحكة بكحة مصطنعة أعقبتها رشفة ناشفة من كوب الشاي.
فقد كنت قبل بضعة دقائق فقط أتحاور في السيارة عن أسلوب هوليود في التعويض عن ضعف الإنتاج السينمائي للأفلام برفع مستوى الإثارة الجنسية فيها، وها أنا الآن أحدق في نفس هذا الأسلوب المستهجن أخلاقياً حتى عند الغرب المتحرر الكافر، يستخدمه رب العفة والفضيلة أيضاً في دعم إنتاجه الخطابي الذي أدرك كليشيهاته ولامعقوليته حتى أفراد المجتمع الرعوي في جاهليتهم.
فما معنى آية وكواعب أترابا؟
المقصود بالكواعب في الآية هي نهود الفتاة اليانعة البكر، حيث تم تشبيه شكل ثدييها البارزان اللذان لم يرتخيا بعد ببروز كعب القدم. أما الأتراب فتعني أن صاحبات تلك النهود اللاتي ينتظرن المؤمن في الجنة كلهن من نفس السن. والقرآن هنا يحاول بشكل مكشوف إعطاء القاريئ الذكر صورة ذهنية إغرائية جنسية بحتة بواسطة التلاعب بمخيلته وتهييج شهواته لهدف كسبه والسيطرة عليه.
وهذا الأسلوب يتشعب إلى عدة أدوار تساهم كلها في تعزيز السيطرة والحصول على التسليم والخنوع المنشود من المؤمن، فبالإضافة إلى إغرائه بشكل مباشر بالملذات الجنسية التي تنتظره بعد موته، يقوم أيضاً بإنحاء تفكيره بعيداً عن المعاينة النقدية لمضمون الرسالة وجوهرها والتمحيص فيها لتقييم قوة حجتها وذلك بجره إلى عالم التخيلات الشهوانية وغمسه في أحلام غرائزه، نفس الأسلوب الذي يطبق في الأفلام الركيكة التي يضعف الجانب الفني فيها.
هذا الخط الشهواني الإغرائي كما يعرف الجميع، يعبر النص المقدس بطوله وعرضه ويتكرر فيه من الغلاف إلى الغلاف، ولايختلف كثيراً في غاياته وأهدافه عن الخط الجنسي المتبع في تسويق أفلام الدرجة الثانية، سوى في تمييزه السافر بين الذكر والأنثى. فبينما الإثارة الجنسية في أفلام هوليود تستهدف كلا الجنسين، تتركز نظيرتها القرآنية حصراً على الذكور، فلن تجد في النص أي محاولة لكسب النساء بنفس الأسلوب، طبعاً لذكورية المجتمع الصحراوي آنذاك ولحاجة القيادة الإسلامية إلى المقاتلين الرجال أكثر مما هي بحاجة إلى مساهمة النساء.
فهل تريدون برهان أقوى من هذا يدل على بشرية النصوص وهزالتها في تقديم الحجة التي لو كانت حقاً من إله لما احتاج منتجها السماوي لنشرها تبني نفس الأسلوب الجنسي الهابط الذي يستخدمه البشر لتعويض ركاكة إنتاجهم الأرضي؟
موجود.
::
* * * * * * * * * *
هناك 5 تعليقات:
بصيص....رائع انت
انت عبقري
انت مرجعي في حواراتي البائسة
مع العلم انا واحد من من قرأ مدونتك كلها من الجلدة الى الجلدة حتى مع التعليقات...لا وبل كررت قرائة بعض مواضيعها لروعتها وقوة حجتها ومنطقيتها وجمال سردها...
قد اكون أول من يقرأ البوستات لأنني آتي بين الحين والآخر لأتفقدها...
لم اكن اعلم انني نهم للقراءة لهذه الدرجة، والفضل يعود لك بالتأكيد.
استمر يا بصيص امل الوطن العربي
-----ديناصور-----
صحيح قلت في الاخر "هل تريدون برهان أقوى من هذا يدل على بشرية النصوص..."
انا بالنسبة لي لا أحتاج، فقد اكتفيت...
أما غيري فقد يحتاج..أدلو بدلوك يا اخي :)
-----ديناصور-----
تحية أخ بصيص
ويا ليت كل هذه الاغراءات اتت اكلها ، فالسيناريست وواضع القرآن لم يحسب حساب القرن ٢١ وتطوراته ، نسبة الارتداد عن الدين الإسلامي بتصاعد وبشكل مضطرد ، ترقيعات كهان الدين وتخبطاتهم لم تعد تنفع ولأول مرة في التاريخ اصبحت القنوات الدينية اكثر من معتنقيها ، فمرتزقة الدين اصبحت عروشهم في خطر واصواتهم بحت من كثرة الصراخ والبكاء ولا من سميع ، لم يبقى لديهم سوى ارشاء لاعب كرة قدم عجوز او عالم بدأت عليه علامات الزهايمر Alzheimer كي يعتنق الإسلام ولكي يحفظوا ماء وجوههم .
ادناه الشيخ حازم شومان حفظه اللة يوصف نعيم الجنة وحور العين حشرنا اللة واياه في الفردوس الاعلى :
http://www.youtube.com/watch?v=WDg3ePnmG-Q&feature=related
موضوع رائع شكراً
مع التقدير
القرآن يستعمل ما يسمى في هوليود بالlowest common denominator إي الحد الأدنى المشترك بين البشر , من جانب تجد وصف لعقاب وحشي شنيع و بشع, ومن جانب وصف للجنة و الخمر و الجنس و الثديان و السيقان و ألخ.
يا مسلمين هل هذا أسلوب خالق هذا الكون العظيم هل من المعقول أن يستعمل إله الكون هذا الأسلوب البدائي السوقي.... أعينوني يا حورس و يا زيوس.
صديق الأحرار.
اشكرك اخي بصيص عقلاني واتمنى منك الاستمرار في نقد الأديان والاهم الاسلام لانه الاكثر ارهاب وبشاعه تحررت من الخرافات منذ سنه والفضل يعود للنت وبجهودكم ... محبتي لك وسلامي
إرسال تعليق