هذه أول مقالة من سلسلة مقالات ضيوف التي دعوت القراء لتقديمها للنشر في المدونة، أستهلها اليوم بموضوع كتبه الصديق المبدع، المستنير في فكره والمستفيض في ثقافته، الأخ الفاضل فرانسي:
::
ليس للفنون من أية وظيفة مادية، فأروع المقطوعات
الموسيقية لا تشبع جائع، وأجمل اللوحات لا تعالج مريض، وأحسن التماثيل لن تأوي مشرّد ...
فلم إذاً قام أول إنسان عاش في الكهوف بالرسم على جدران
كهوفه؟
ولماذا كان الإنسان الأول يغني ويعشق وهو يسالم ويحارب؟
باختصار، ماهو موقع الإبداع الفني والإنتاج الغير مادي
المحسوس في حياة الإنسان؟
أليس من حقنا ان نعتبر أن الفن هو مقياس "لروحانية
" مجتمع ما وسمو نوازعه؟
تتردد مقولة الغرب المادي
على ألسنة الإسلاميين، حتى أصبحت الكلمتان مصطلحاً واحدا يشبه في عقولهم مسلّمة
رياضية. فالسؤال هو: لماذا اذاَ يزدهر الفن عند الغرب، ويرافق مسيرة حياتهم، فيتربى
عليه طفلهم ويتبعه مراهقهم وشابهم وعجوزهم؟
يقول الإسلاميون أن الغرب لا يعرف الروحانية والتجريد،
إنما في واقع الحال نجد أن ذلك الغرب الذي يُتهم بأنه "لايعرف الروحانية
والتجريد"، ينفق الجهد والمال على الإبداع الفني.
فأنا لاأعرف بيتاً غربياً
واحداً يخلو من أثر فني... لوحة ...تمثال... قطعة أثاث. وأنا لاأعرف طفلاً غربياً واحداً
لا يمارس هواية فنية ما. والقانون يفرض على البلديات، سواءً في أصغر قرية أو أكبر
مدينة، أن تخصص جزءاً من ميزانيتها لشراء التماثيل ونصبها في الساحات العامة أو
على الطرق.
ولكن بالمقابل، مشايخ الوهابية وإسلاميي الصحوة ودعاتهم
يحرمون:
الموسيقى
الرسم
النحت
الرقص
السينما
المسرح
الغناء
وكل ما هو إبداعي روحاني (بمعنى لا مادي حتى لا ندخل في
موضوع الروح). والسؤال:
من هو المادي؟ من هو الذي يخصص وقته لبطنه ولإشباع حاجاته الغريزية؟ أهو الغربي الذي أنتج ملايين الآثار الفنية في كل هذه
المجالات، والتي جعلت من العالم مكانا جميلاً، أم الذي يريد أن يحول (لاسمح الله)
فن الأزياء إلى خيمة سوداء بثقب واحد، وإلى دشداشة قصيرة للجميع؟
لو إتّبعنا خطابات
الصحوين لتحولنا الى مخلوقات تأكل وتشرب وتتكاثر بانتظار الموت، فهل
الأموال التي تصرف على الفن هو تبذير وفسق، أم أنه جمال وإبداع وعبادة تفيد صاحبها
إن كان مؤمنا في التقرب من الله؟
::
أجمل مانحته بشر: دافيد، لمايكل أنجلو
وهذه يد دافيد
وهذه مهداة للسيد مسلم مصري، بدون أي سوء نية.
ماكان أجمل ذوق أجداده ورفعة حسهم الجمالي.
* * * * * * * * * *