::
لقراءة الجزء الأول إضغط هـنـا
إذاً كما رأينا من تصريحات علماء الآركيولجيا في الجزء الأول، أن شخصية إبراهيم لاتدعم وجودها أي دلائل آركيولوجية أو سجلية، فهي لاتصنف من قبل هؤلاء العلماء بأنها شخصية تاريخية، بل يبدوا أنها مجرد كيان قصصي متناقل يفرض وجوده التراث الديني.
ولكن ماذا عن الشخصيات الأخرى الموجودة في العهد القديم [ومنها القرآن أيضاً]؟ ماذا عن شخصية موسى؟ هل يستطيع فنكلستاين وسيلبرمان العثور على أي أدلة ملموسة تدعم وجوده؟
تبدأ قصة [النبي] موسى في العهد القديم بقصة [النبي] يوسف بعدما حضر إخوانه - يمثلون كلهم الأسباط اليهود الإثنى عشر من أولاد يعقوب - ليعيشوا في مصر. ولكن مع مرور الوقت وبعد موت فرعون الذي آواهم في عهد يوسف، يستعبد الفراعنة اللاحقون أجيال بنو إسرائيل إلى أن يولد بينهم موسى. وأغلبنا يعرف قصة موسى مع فرعون فلا داعي لتكرارها، إنما نذكر مايعنينا منها وهو قصة هروبهم الجماعي من مصر وتيههم في صحراء سيناء في طريقهم للعودة إلى أرض كنعان.
وفي هذا السياق، يجيب الأستاذ دونالد ريدفورد من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، وهو أحد أكبر خبراء الآثار المصرية، على سؤال طرحه عليه سيلبرمان مفاده:
كيف تفسر نظرية خروج هذا العدد الكبير من مصر [بالملابسات المذكورة في العهد القديم والقرآن]، هل هذا ممكن؟
فيجيب دونالد ريدفورد بقوله:
"لاأستطيع تفسيرها لو كنت مؤيد لهذه النظرية. فقد كانت مصر لخمسة قرون، منذ القرن الخامس عشر وإلى القرن العاشر قبل الميلاد، تحكم أكبر إمبراطورية خلال ذلك الوقت، إمتدت لألفين ميل، من الخرطوم [في السودان] إلى قرب نهر الفرات. وكان لها جيش ضخم [مهيأ] للغزو، وكانت قوتها الإقتصادية شديدة للغاية. وكانوا يحتلون كنعان بأكملها مع امتداد نفوذهم إلى الجزر اليونانية وجزيرة كريت ... "
وألفت إنتباه القارء إلى هذه الجزء من جواب ريدفور بتلوينه بالأحمر لإبراز أهميته:
"... ولاتوجد بتاتاً أي إشارة في السجلات [الفرعونية القديمة]، سواءً الآركيولوجية أو المكتوبة، لأي ثغرة [سكانية] كبيرة سببتها مغادرة مايقارب المليونين، لو صدقنا السجل الإنجيلي. فهذه [المغادرة] كانت لتسبب ثغرة ضخمة في [حجم] السكان توقف [العجلة] الإقتصادية وتُذكر في السجلات [الأثرية] ... [إنما] لاتوجد إشارة [لمثل هذا الحدث في السجلات] إطلاقاً".
كما يذكر العهد القديم أن موسى وبنو إسرائيل [مليونين منهم لاننسى، برجالهم ونسائهم وأطفالهم] قد تاهو في الصحراء لمدة أربعون عاماً في طريق العودة إلى كنعان، وأنهم قد عاهدوا موسى خلال تلك الرحلة على ترك عبادة الأوثان وتبني عبادة الله وحده. إنما هل كانت تلك الرحلة التي إستمرت أربعون سنة في صحراء قاحلة ممكنة؟
يجيب دونالد ريدفورد على هذا التساؤل بقوله:
"كانت في جميع أنحاء الدلتا الشرقية [لنهر النيل] وفي صحراء سيناء والنقب والمناطق الشمالية، ثكنات عسكرية مصرية ثابتة مع نقاط تفتيش. وتوجد لدينا سجلات - الرسائل التي أرسلت وسجلات الشرطة [المصرية القديمة] - عن تحركات الناس المتجولين.
فبالتأكيد لم تكن هناك إمكانية إطلاقاً لمجموعة من الناس بهذا العدد الضخم في التحرك بحرية عبر الصحراء وإلى النقب. لاإمكانية إطلاقاً. بالإضافة إلى أنه في غاية الغباء أن يتجهوا نحو الشمال إلى هذه الأرض الشحيحة المقفرة التي تتواجد فيها الجبال في كل مكان ويندر فيها الماء والطعام ...
هذه القصة غير متراكبة [على بعضها، أي غير مقنعة] ..."
وإن لم تكن هذه اللامعقولية في قصة خروج بني إسرائيل من مصر كما جائت في النصوص التوراتية والقرآنية كافية، فهناك مشكلة أكبر من ذلك وهي:
أن خلال الفترة التي يفترض أن الخروج حدث فيها، كانت أرض كنعان في الحقيقة مستعمرة مصرية لها حاكم مصري يسنده جيش كبير وثكنات عسكرية قوية هناك، وكان النفوذ المصري يسيطر تماماً على المنطقة. هذه حقيقة تدعمها الكثير من الإستكشافات الحفرية في المنطقة. مما يعني أن بنو إسرائيل قد هربوا من السلطة المصرية في مصر ليعودوا إليها في كنعان!!!
هذا مايخص أحداث قصة موسى، ولكن ماذا عن شخصية موسى نفسها؟ هل كان موسى شخصية تاريخية حقيقية؟ هل هناك أي أدلة آركيولوجية أو سجلات تدعم وجوده؟
يجيب الأستاذ جون فان سيترز بقوله:
"إسم موسى هو إسم رائج، من أوائل تلك الحقبة إلى أواخرها. فقد كان إسم مصري شائع، وهذا كل مانعرفه عنه. فلا يوجد هناك سجل نستطيع أن نتعرف من خلاله على أن هذا الموسى أو ذاك الموسى هو الموسى [المقصود]".
ويضيف فينكلستاين قائلاً:
"التساؤل عن [مصداقية] تأريخ موسى هو نفس [التساؤل عن] تأريخ إبراهيم، فقد يكون هناك شخص أو قائد يسمى موسى، إنما هدفي ليس تقويض [مصداقية] تأريخ موسى فقد يكون هذا محتمل إنما لايمكن التأكد منه".
يتبع ...
هناك 3 تعليقات:
متابع و بشوق .. أكمل
شكرا لهذا المجهود الرائع
يسعدني جداًعزيزي وحيد إستحسانك للطرح، وسترى أن القادم سيكون أكثر تشويقاً من الحالي.
لك تحياتي
عمل رائع عزيزي مجهود كبير تشكر عليه افدتني بالمعلومات التي سردتها في المقالة
إرسال تعليق