الجمعة، 31 مايو 2013

الجهل والإنكار، من ضروريات الإيمان

::
إليكم هذا السؤال:
 
كيف يحافظ المؤمن المسلم (أو أي مؤمن متدين آخر) على أفكار وقناعات اكتسبها في طفولته وقولبت شخصيته، وكونت هويته وانتمائه، ورسمت له خطة سيره في حياته، وانتشلته من براثن الموت والفناء بوعده بحياة أزلية سعيدة متكاملة، في وجه ثورة علمية معرفية وانطلاقات تقدمية تنويرية وتغيير جذري في المنهج الفكري يهدد بهدم كل هذه المقومات والأعمدة التي تحدد وتسند من هو ومن أين أتى وإلى أين سينتهي به المصير ويفتتها أمامه؟
 
كيف يتعامل مع هذا الإحتمال المتربص الذي يحوم حوله، و ينط عليه كل يوم من صفحات جريدته، ويطل عليه داخل بيته من شاشة تلفزيونه، ويحمله معه بالموبايل حتى في جيبه؟ بسيطة، يحذو حذو النعامة ويدفن رأسه في الرمل.
 
الإنكار والجهل المتعمد، هما أسهل وسيلتان لتفادي مواجهة الحقيقة. ورغم أن اللادينيون يصادفون هذه الظاهرة يومياً في المجتمع المتدين، وربما تعودوا عليها، إلاّ أني شخصياً ورغم مرور سنوات طويلة على لاتديني، أشعر بحالة سيريالية غريبة كلما وجدت نفسي في هذا الموقف. يتحدث من حولك عن كيان خارق خرافي قديم، آمن به الإنسان البدائي بالضبط كما آمن بآلاف غيره من الآلهة الأخرى تعويضاً لجهلة وتهدئةً لروعه، وتناقلته الأجيال بالضبط كما تناقلت خرافة التنين والعنقاء واليونيكورن. كيان لا يوجد له حتى تعريف محدد يتفق عليه المؤمنون به، ولا يوجد أي دليل محسوس على وجوده، إنما لايزال الناس يتاعملوا معه اليوم ويبنوا حياتهم حوله وكأنما يحوم فوقهم، يراهم ويسمعهم ويتأثر عاطفياً بما يقولون ويعملون. ظاهرة عجيبة فعلاً!!!
 
فعندما تصبحت اليوم على هذا الفيديو كليب، إضغط هـنـا، دخلت في إحدى هذه الحالات السيريالية التي تنتابني بشكل متكرر وتسبب لي شعور بالدوران. والفيديو عبارة عن حلقة حوارية يقودها المقدم التفلزيوني المصري عمرو أديب، ويشارك فيها مجموعة من النعام الدافنة رؤوسها في الرمل.
 
لا أحب إستخدام عبارة الإستمناء الفكري، إنما أجد هذا الوصف ينطبق بدقة على ما يحدث في هذه الجلسة: ممارسة فاضحة لاستمناء جماعي فكري علني على شاشة التلفزيون، تقوم به مجموعة من المغفلين (وهذا وصف دقيق لهؤلاء الرهط، لأنهم غافلون بتعمد عن الواقع) بدون أي استحياء أو خجل. مراقبتهم والإستماع إلى تهريفاتهم، تثير الشعور بأنهم يعيشون في زمن آخر وفي مكان آخر غير الكرة الأرضية. إنكار تام للحقائق العلمية المتداولة والمطبقة والموجودة في مقررات جــــــــــمــــــــــيــــــــــع الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية التي تحترم إسمها وسمعتها (وهذه لائحة بها نشرتها في بوست سابق هـنـا) وجهل مطبق متعمد لها. بالإضافة إلى إنكار تام للحقائق الإحصائية الصادرة خلال العقود الماضية والتي تشير إلى إنحسار دولي في التدين، وارتفاع مضطرد في نسبة اللادينيين والملحدين، والمدونة ممتلأة بالبوستات التي تذكر هذه الحقيقة.

وكالعادة، لم أستطع أن أكمل مشاهدة هذه الجلسة، فقدرة تحملي على الإستماع إلى الغباء محدودة ببضعة ثواني فقط، ولكن ربما يجد فيها بعضكم مصدر للتسلية والضحك.
 
 
مع وافر الشكر للأخت العزيزة آية على توفير الرابط في الفيسبوك.
 
* * * * * * * * * *
 


الأربعاء، 29 مايو 2013

ماحجم الفرق بين العريفي والبابا وناسا؟

::
هائل، ويعكس هول المستوى الضحل المتدني للعقلية السائدة في المجتمع الإسلامي، الخليجي بالخصوص.
 
إستكشفت للتو، وبعد نشري للبوست السابق مباشرة والمتعلق بهذا الإستكشاف، أن عدد متابعي الداعية السعودي محمد العريفي قد بلغ الـ 5 ملايين متابع على التويتر. هذا العدد ضعفي عدد متابعي البابا الكاثوليكي فرانسس، ويفوق عدد متابعي وكالة ناسا الفضائية بحوالي مليون.
 
تنتابني نوبة من اليأس الشديد لحالة المسلمين.

وهذه عينة من المحاضرات الفكرية لمحمد العريفي التي تجذب هذه الأعداد الهائلة، قد طرحت بها بوست سابق ساخر هـنـا.
 
* * * * * * * * * *


الثلاثاء، 28 مايو 2013

حقائق فضائية عن الدول الإسلامية

::


هذه صورة رائعة للمحطة الفضائية الدولية، إضغط عليها لتكبيرها. أطلقت هذه المحطة الضخمة في عام 1998، وتم إضافة مايقارب 160 جزء إضافي لها في أوقات مختلفة بعد ذلك.

والمحطة تدور حول الأرض بسرعة تبلغ حوالي 27 ألف كيلومتر بالساعة على ارتفاع هابط نسبياً يتراوح مابين 330 - 435 كيلومتر عن سطح الأرض، ومن الممكن رؤيتها بالعين المجردة في أوقات معينة. وهي مأهولة بشكل مستمر منذ حوالي 12 سنة، حيث يجري رواد الفضاء بداخلها مختلف التجارب العلمية التي تغطي عدة مجالات من بينها علوم الفيزياء والفلك والأحياء والأحياء البشري والطب الفضائي وعلوم الطقس.

هذه المحطة التي تعتبر ذروة في المستوى التقني والعلمي الذي توصل إليه البشر، والذين استطاعوا أن يخلقوا مركز بحثي لهم في غاية التقدم والتعقيد ليسبح في الفضاء الخارجي بشكل شبه دائم، تساهم فيها 15 دولة، وهي: الولايات المتحدة، روسيا، اليابان، بريطانيا، فرنسا، أيطاليا، البرازيل، النرويج، إسبانيا، ألمانيا، هولندا، السويد، بلجيكا، الدنمارك، سويسرا. فهي كما يدل إسمها، حصيلة تعاون علمي دولي بين جنسيات مختلفة للبشر يمثلوا حوالي 1.1 مليار إنسان.

أعتقد أنكم قد خمنتوا التساؤل الذي أود طرحه:

أليس من الغريب حقاً، فكروا فيه شوية رجاءً، أنه لا توجد دولة واحدة مسلمة مساهمة في هذا المشروع الدولي الضخم، أو أي مشروع علمي آخر يدنو من هذا المستوى، أو في الحقيقة أي مستوى حتى لوكان محلي دعك عن المشاريع الدولية، يضيف إلى علوم البشر أو يدفع بعجلة الحضارة بأي شكل يستحق الإشادة عليه؟ هناك مايقارب من 50 دولة يفوق عدد المسلمين فيها الـ 50% من تعداد سكانها، ولا واحدة منهم ساهمت بشكل رسمي أو حققت أي خطوة في أي من المجالات العلمية أو التقنية الحاضرة.  

يتفاخر المسلمون بأن عددهم قد بلغ مليار ونصف، وبعضهم يزعم بأنه أكبر من ذلك بكثير، وربما هذا صحيح، ولكن من الواضح أن هذا العدد الكبير ماهو إلاّ فقاعة فارغة، تزداد حجماً بدون أي محتوى مفيد داخلها، ماعدا اكتسابها لشهرة تتصف بالعنف والكراهية والعداء للآخر.
 
* * * * * * * * * *
 

الأحد، 26 مايو 2013

اللحظة التي تقود إلى الإلحاد

::
قدم لي أحد الأخوة المسلمين الليلة الماضية، وبعد بضعة ساعات فقط من كتابتي للموضوع السابق (توجد علاقة بين هذا البوست والبوست السابق سترونها لاحقاً)، كوب صغير من ماء زمزم لأتذوقه. فرفضت وقلت له أن هذا الماء ملوث بالبكتيريا والنايترايت والزرنيخ السام المسرطن، وأحضرت له هذا التقرير (الذي كتبت حوله مقالة سابقة هـنـا) ليشاهده بنفسه.
 
لم أندهش عندما رفض رفضاً قاطعاً وفوري في قبول التقرير، بل جلست متكئاً على ذراع الكنبة أحتسي الشاي وأستمتع مبتسماً صامتاً بمشاهدة أدائه البهلواني السيركسي في القفز والنط والتشقلب والدوران بين التبرير والتكذيب والتعزية للكراهية الإستعمارية والصهيونية والماسونية للإسلام والمسلمين ومحاولات هؤلاء الأعداء في حبك المؤامرات ضدهم.
 
لم يتوقف برهة واحدة ليتفكر في احتمال صدق التقرير، أو حتى لتكذيبه من منطلق فكري منطقي. فلم يسمح لعقله، ولو لبرهة قصيرة، بتقييم الأدلة المخبرية المقدمة في البرنامج وما إذا كانت تشير فعلاً إلى تلوث هذه المياه المقدسة وخطورتها على الصحة، بل حجر على عقله ومنعه من التفكير فوراً قبل أن تتسرب إليه أي رغبة في المعاينة أو التمحيص. لأنه لو سمح لعقله بالتفكير الجاد الصادق، لكان من الصعوبة البالغة عليه رفض هذا الإستكشاف، ولكان عليه أن يواجه إحتمال خطأ أحد أهم الأعمدة الدينية التي ترفع هذا الماء إلى مرتبة التقديس في صفائه وفوائده للإنسان، الأحاديث النبوية:
 
عن ابن عباس، قال رسول الله: ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تشتفي به شفاك الله، وإن شربته لقطع ضمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل.
 
فلكي يحتفظ أخونا هذا بصنم عقيدته سالماً ويبعد عنه مطرقة الشك، لجأ إلى أسهل وأقرب مهرب، الإنكار. وهذا مايفعله الغالبية الكبرى من المؤمنين، بصرف النظر عن نوعية العقيدة المزروعة في رؤوسهم.

ولا أعلم ماذا كان يجول بخاطره خلال مشاهدته للتقرير، فهذا قد استغرق عدة دقائق كافية لأن تضيئ في ظلام مخه ومضات من الشك. إنما أعتقد أنه قد شغل في ذهنه سي دي التعوذ والبسملة والإستغفار ليُغطس بها أي همس مناهض قد يطفو على السطح. 
 
ولكن هناك نوع آخر من المؤمنين، نوع يمثل أقلية صغيرة منهم. نوع يقف لوهلة ويفكر ليقيم الدلائل المقدمة له. نوع يطلق المجال لعقله في المعاينة والتقليب والتمحيص. هذه الخاصية الموجودة في هذا النوع من المؤمنين، هي التي تفصل مابين المؤمن الذي يرتد ويلحد، والمؤمن الذي يظل على إيمانه مهما قدمت له من دلائل ضد عقيدته. هو ميول بعض البشر للتفكير. التفكير العميق الجاد الصادق للأمور التي تتحدى قناعاتهم، والرغبة الملحة في اكتساب المعرفة والوصول إلى الحقيقة.
 
واللحظة التي تقود إلى الإلحاد، هي اللحظة التي يتوقف معها المؤمن لوهلة ليفكر في الدلائل التي يواجهها. هذه هي اللحظة التي تفتح أبواب الحقيقة، وكلما طالت تلك الوهلة وتعمقت كلما ارتفع احتمال رفضه لعقيدته مقابل الدليل. إنما المؤمن الذي يهب فوراً للدفاع عن قناعاته بدون منح أي فرصة لعقله في تقليب الأمور، فهذا هو المؤمن الذي سيحتفظ بإيمانه مهما بلغت قوة وكثرة الأدلة المقدمة ضده.
 
 
* * * * * * * * * *
 



السبت، 25 مايو 2013

برهان المؤمن وبرهان الملحد

::
أتخيل أنه لو تنازع شخصين على ماهية مكونات قطعة ما، لا يمكن تحديد من أي مادة مصنوعة بمجرد النظر إليها أو لمسها، فاعتقد أحدهما اعتقاد جازم بأنها مكونة من الخشب، وجزم الآخر بأنها مكونة من البلاستيك، ولم يستند أي منهما إلى أي مصدر منهجي موثق يؤكد اعتقاده سوى أنه قيل لأحدهما أنها خشبية وقيل للأخر بأنها بلاستيكية. فما هو أفضل أسلوب للتحقق بشكل مؤكد من حقيقة مكوناتها؟
 
أحد الوسائل الفعالة للتحقق الجازم من مكوناتها هو فلقها ووضعها تحت المجهر، فإذا كانت تركيبتها بولايمرية (أي سلاسل طويلة من الجزيئات المتشابكة) فهي بلاستيك، وإذا كانت خلوية فهي خشبية. هذه هي أحد الوسائل العلمية للتحقق من صحة شيئ ما. هكذا يسير المنهج العلمي.
 
وكمثال أكثر واقعية من القطعة الخشبية أعلاه هو قبول المجتمع العلمي بأن تطور الحياة والإنسان بالخصوص هو حقيقة لايمكن رفضها، لأن الوسائل التي أوصلتنا لهذه النتيجة تنتهج نفس الأسلوب الذي تم استخدامه لتحقق من مركبات تلك القطعة المتنازع عليها. بينما قصة الخلق التوراتية/القرآنية لا يسندها شيئ سوى الأقوال المتوارثة عبر الأجيال.
 
والفرق بين قناعات المؤمن وقناعات اللاديني، هو أن سند المؤمن القرآن، الذي هو مجرد أقوال متناقلة، بينما سند قناعات اللاديني هي الإستنتاجات الصادرة عن الأسلوب المنهجي كالمجهر مثلاً.
 
فمهما حاول المؤمن أن يثبت صحة قناعاته، فمالم تكن مدعمة بالمنهج العلمي، فهي ستكون دائما أضعف من قناعات اللاديني المسنودة في العادة بهذا بالأسلوب المنهجي البحثي. ومهاجمة العلم في الدفاع عن العقيدة الدينية إذا أرتطم الإثنان، هي كمهاجمة المجهر حين يحدد ماهية مكونات القطعة لصالح شخص دون الآخر في المثال أعلاه.
 
* * * * * * * * * *
 


الجمعة، 24 مايو 2013

في سبيل تسلية الألهة

::
أتخيل الرب جالس على عرشه في يوم الجمعة من كل أسبوع، يوم العطلة الرسمية لموضفي البلاط السماوي ولعباده المسلمين على الأرض، يسلي نفسه بالتفرج على أنواع العبادات الطريفة التي ألهمها لهم ليؤدوها بكامل الخشوع والجدية والإخلاص له. وربما يختار لهذه الجمعة المباركة اليوم، هذه العبادة الشيشانية الصوفية ليتسلى بمشاهدتها.

فهاكم، شاركوا الإلهة بالإستمتاع بمشاهدة هذا الأداء التعبدي الرياضي:

 

الخميس، 23 مايو 2013

إعصار أوكلاهوما بالفيديو

::
شاهدوا الزوبعة العملاقة التي ضربت أوكلاهوما قبل ثلاثة أيام وتركت عشرات القتلى ومئات الجرحى. فقد بلغت سرعة الرياح فيها أكثر من 300 كيلومتر بالساعة، ورغم أن صورتها في الفيديو ليست برهبة إنفجار القنبلة النووية، إلا أن قوتها كانت أشد وأعنف بـ 600 مرة من قوة القنبلة التي أسقطت على هيروشيما.
 

 
 
إعصار من الله لصب غضبه على ذنوب البشر ... والحيوانات والنباتات والبيوت والسيارات، وكل ما يتواجد في مساره. ألم نقل لكم أن غضب الله عشوائي.
 
* * * * * * * * * *


الأربعاء، 22 مايو 2013

لمن يريد بيت ونخلة في الجنة

::
الدعاية الإسلامية التي تبث عبر الموجات الرملية، حشدت مواهبها وإمكانياتها الواسعة وأصدرت لكم هذا البوستر المغري لكي تقنعكم باتباع تعاليم الرسالة الحرائية لدخول الجنة.

فكما ترون ياحلوين ياصغار يابالغين ياكبار، للحصول على بيت مربع أكبر شوية من صندوق الموز وقفص الكناري ولكن بسقف أزرق سماوي جميل وشباك وباب ومدخنة (سقف ومدخنة؟ يعني هناك مطر وبرد في الجنة؟)، ونخلة بثلاثة أغصان كاملة مع تمرها وأرضها المستديرة، وصندوق كنز ممتلأ بما يشبه الذرة، وشجرة واحدة أفرو مكورة، كل ما على الإنسان عمله هو أن يتبع التعليمات المرفقة لكل من هذه الجوائز الربوبية القيمة.
 


أما القصور والبساتين وأنهار الخمر والحليب والحور العين التي وعدكم بها القرآن، فهذه أنسوها، إذ يبدو أن هذه ليست للناس العاديين، بل هي محجوزة لهؤلاء المجاهدين:

 
 
* * * * * * * * * *
 

الثلاثاء، 21 مايو 2013

جاكم المهدي ياملحدين

::
المهدي المنتظر على وشك الظهور، ووزير الإتصالات الإيراني يعد البشرية ببث صوته وصورته عبر الإنترنت. ومن لم يتب ويستغفر منكم ياملحدين إلى الآن، فقد ضاق عليه الوقت وهذه فرصتكم الأخيرة.
 
من جريدة العربية:
 
معلوم أن تياراً واسعاً في السلطة الإيرانية وخارجها، ولا سيما في فريق أحمدي نجاد، يؤمن بأن نظام الجمهورية يخطط ويمهد الأرضية لظهور المهدي المنتظر. وقال الرئيس ذات مرة أن قائمة أعضاء حكومته موقعة من قبل المهدي المنتظر. وعندما نشب خلاف بينه وبين المرشد الأعلى، توسل أيضاً بالمهدي المنتظر الذي يعد الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية .... باقي الخبر هـنـا
 
 
* * * * * * * * * *
 

الاثنين، 20 مايو 2013

عقلية عاطف، واحد من الجماهير المؤمنة

::
هذا تعليق وصلني على هذا البوست قبل أسبوع، أجد من المفيد طرحه هنا للرد عليه حتى تعم الفائدة لأنه يمثل نموذج ممتاز لعقلية ونمط تفكير والمستوى المعرفي للإنسان المؤمن/ة العادي/ة الذي نجده بين الأهل والمعارف والأصدقاء، ونصادفه في الشارع وفي المقهى وفي السوق. هذه هي عقلية الجماهير المؤمنة، ليس في المجتمعات الإسلامية فقط بل في أي مجتمع آخر يؤمن بأي دين.

أود أن أضعه في بوست خاص لأني أريد أن أكشف درجة هزالة وضحالة وخطأ التفكير الديني عند المؤمن العادي الذي يمثل الغالبية الكبرى في أي مجتمع متدين. كاتب التعليق إسمه/معرفه عاطف إمام ينتقد نظرية التطور، أرعب بعبع صادفه الفكر الديني في تاريخه الطويل، وسوف أللون تعليقه بالأزرق:

لسه الهطل والهبل بتاع نظريات التطور للمخلوقات قائم في عقول الشباب ويتوالونه علما أن داروين مؤسس النظرية وضعها ليقول للعالم أن أصلكم قردة ثم جاء يهودي آخر ليقول أن أصل الإنسان جرثومة، أتعلمون لماذا يزرعون في عقولكم هذا التخلف، حتى تكونوا ابناء القرود فهم الشعب السامي والمميز عن باقي البشر لأن أصلهم بشر ومميزين عن باقي البشر .. هذا مايريدون توصيله للأجيال جيل بعد جيل .. ومن يصدق بهذه النظرية المتعفنة فأنه يكذب بالكتب السماوية وبالتلي بوجود خالق، أي إنسان ملحد ...

أول ملاحظة في هذا الجزء من التعليق، والتي تدهشني دائماً، أن هذا الكاتب وغيره الكثير من المؤمنين يعتبرون أن المفاهيم العلمية المكتسبة بالدراسات الأكاديمية الدقيقة والتقييم الموضوعي الصارم للدلائل المنهجية في هذه المرحلة المتقدمة من ثقافة البشر هو هطل وهبل، بينما المفاهيم البدائية البالية كالسموات الطبقية التي يوجد لها أبواب، والملائكة المجنحة بالريش، والبغال الطائرة والجن والعفاريت، المزروعة في العقول اليانعة للأطفال قبل نضوجها، فهذه كلها حقائق ثابتة لايعتريها شك رغم عدم وجود دليل علمي واحد على صحة أي منها. هذا المنطق المعكوس الموجود لدى الإنسان أصادفه كثيراً وأذكره مراراً في بوستاتي، ولايزال يثير استغرابي كلما سمعته.

والملاحظة الثانية هي عقدة المؤامرة، أو ربما هي مجرد حجة لمهاجمة النظرية، والتي تنص على أن نظرية التطور هي مجرد مؤامرة يهودية وضعها داروين لكي يرفع من شأن اليهود ويحط من قدر باقي البشر بنسبهم إلى القرود، بينما يظل اليهود شعب الله المختار. لم أصدق أن هذه الفكرة الغبية موجودة في الواقع ومنتشرة بين المسلمين حتى حضرت ندوة عن داروين قبل بضعة سنوات أسمعوني فيها بعض الأصدقاء الشيعة الحاضرين خطبة مسجلة للداعية عبدالحميد المهاجر ضد النظرية ختمها بالضبط بهذا المزعم. إنما تشارلز داروين لم يكن يهودي، فهذه كذبة فاحشة ينشرها دعاة الخرافة والجهل. داروين كان مسيحي بدون إنتماء لطائفة معينة nonconformist، رغم أنه أبوه قد عمده في صغره في كنيسة أنجليكية، وقد التحق بجامعة كيمبردج ليدرس علم اللاهوت المسيحي للمذهب الإنجليكي قبل أن يسافر في رحلته التاريخية على سفينة البيغل التي مهدت له صياغة نظرية التطور.

والحقيقة هي أن داروين قد توصل بعد عدة سنوات من البحث العلمي إلى أن جميع الأنواع الحية تنتمي إلى أصل مشترك، وهذا يشمل الإنسان الذي لا يشترك بأصله مع القرود الحاضرة فحسب، بل مع جميع الكائنات الحية الأخرى. هذه ما تنص عليه النظرية، وليست الفكرة العرقية العدائية المدسوسة التي يروجها الدعاة، والموجهة ضد المخالف من البشر.

أما عن تهمة أن قبول نظرية التطور هو بمثابة تكذيب للكتب "السماوية" فهذه تهمة باطلة. فرغم أن النظرية تناقض بشكل صارخ المزعم الإبراهيمي الذي ينص على أن الإنسان والحيوان قد خلقوا بشكلهم الحالي، فمن السهولة لأي مؤمن متشبث بعقيدته أن يختلق أي ترقيع لهذا التناقض يتمكن من خلاله قبول النظرية بينما يحتفظ بإيمانه بخرافته في نفس الوقت. والكنيسة الكاثوليكية قد تبنت هذا الموقف بالضبط وتمكنت من قبول النظرية من خلال تفسيرات وتؤيلات بهلوانية رقعت بها أخطاء مسلماتها الخلقية.

فقط أريد أن أصل لصاحب المدونة أن المخلوقات تقترب في التشابه لأن الخالق واحد، فإذا كان هناك إلهين لتميز كل واحد منهم بأشكال تختلف عن الثاني ...

والمعلق عاطف هنا ينقل العلف الجحشي الذي تم حشوه في رأسه بدون أي رؤية انتقادية أو مستقلة منه لهذا الهراء المروج. فكرة أن التعدد الآلهي سيؤدي بالضرورة إلى اختلاف بينهم هي فكرة بدائية كانت سائدة في أديان الحضارات القديمة حيث عكست تصرفات الآلهة آنذاك، ولاتزال في الواقع إلى اليوم، تصرفات البشر بوجود العداوة والغيرة والتنافس بينها. فلا يوجد أي أساس منطقي يحتم وجود اختلاف بين الآلهة، لو وجدت متعددة، عدى نسخ طبيعة البشر ولصقها بها. فلماذا يفترض المؤمن أن وجود إلهين أو أكثر سينتج بالضرورة اختلاف في الخلق؟ لماذا لايكون بينهم إنسجام وتعاون وتناغم، فيكون الخلق واحد؟

ولو كان لايوجد إله، ما كان هناك تنظيم في الحياة، وما كان هناك تنظيم في الكواكب ودورانها مع الشمس.

تفكير بالي آخر لايزال يبتلي عقل المؤمن. لا توجد نظرية علمية واحدة مقبولة اليوم، تحتاج إلى قوة ميتافيزيقية كإله لكي تدعمها. جميع المفاهيم العلمية التي توصل البشر لها والسائدة الآن، كدوران الكواكب حول الشموس، ومراحل تطور النجوم، وتكون الثقوب السوداء، وتوسع الحيز الكوني، وتفاعل المادة .... إلخ، صيغت بدون أدنى حاجة لاستحضار مفهوم الإله لتفسيرها أو دعمها. ربما هذه الحقيقة التي تتمتع بها العلوم التجريبية هي من أصعب الحقائق على المؤمن أن يتقبلها، فهو يريد إقحام ربه في كل تفسير لأي ظاهرة طبيعية، لكي لا يفقد ربه وظيفته فيصبح كيان خارق عاطل عن العمل.

ولو كان تطور للطبيعة لنبت الحب على ظهر القمر ولرحل الأغنياء إلى المريخ، ولكن جميع الرسل اكدوا أنه لا توجد حياة إلا على الأرض بالرغم من عدم صعودهم على الكواكب. ثم جائت النظريات لتهدم كلام الأنبياء، ثم جائت التكنلوجيا التي تمكن الإنسان من رؤية الأشياء بعينه، وصعود للكواكب لتؤكد صدق الأنبياء.

هناك احتمال بوجود نوع أو أنواع من الحياة البسيطة على المريخ، كما أن هناك احتمال آخر بوجود حياة في أعماق محيطات قمر يوربا، أحد أقمار كوكب المشتري، وهذا سوف تؤكده أو تنفيه الرحلات الإستكشافية الفضائية المقبلة. ولكني أتسائل، هل اكتشاف حياة خارج الكرة الأرضية سوف يقنع مؤمن كعاطف بزيف عقيدته وكذب رسلها؟ أشك في ذلك، فالمؤمن المتشبث بإيمانه سوف يستخدم مهارة الإنسان الذهنية الفائقة في الجمباز التبريري ليخرج نفسه من أي مأزق يناقض عقيدته.

أرجو من شبابنا عدم الإنسياق وراء النظريات، لأن اسمها نظرية، أي هذه وجهة نظر انسان وليست حقائق علمية، ودائما النظريات تحتمل الصواب والخطأ، وعندما تدخل النظرية حيز الفلسفة الفكرية والخيال والأوهام وبنائها على قيام صاحبها برسوم بخط يديه ليؤكد صدق نظريته ليوهم الغير بصدقها، فهذا إنما يدل على تدليس لأنه رسم شيئ لم يكن ثم يقول أنه كان.

أعترف بأنني لم أفهم النصف الأسفل من كلام سي عاطف، ولكني سأرد عليه حسب ما أعتقد أني فهمته. السيد عاطف أفندي ينصح الشباب المسلم برفض النظريات العلمية التي أنتجت له الكمبيوتر الذي يكتب عليه تعليقه هذا، والقنوات الفضائية التي تشحن رأسه بالأكاذيب والتلفيقات التي ترسخ في رأسه هذا الهراء، فلايبدو أن تكذيب النظريات التي أحضرت له كل هذه الوسائل في تلقي هراء الدعاة ونشره بدوره قد دفعته لأن يرفض هذه المنتوجات العلمية ويخرجها من بيته لأنها نتاج الأكاذيب العلمية! ليه ياسي عاطف؟

وهذا هو النموذج المثالي لتفكير الجماهير المؤمنة التي نصادفها كل يوم. ومن لديه رد آخر بالإضافة إلى ماقلته يريد أن ينقله للأخ عاطف المؤمن، فليتفضل به في صفحة التعليقات.
 
* * * * * * * * * *
 

السبت، 18 مايو 2013

رها ترتقي إفرست

::
ماهي أدلة كذب إدعاء أن المرأة أدنى مستوى من الرجل، جسدياً وعقليا؟

الأدلة كثيرة، ويمتلأ بها التاريخ، ولكن عندما ترتقي إمرأة سعودية، خرجت من قلب مجتمع إسلامي أصولي محافظ أنتج الرسالة الدينية التي تحط من مرتبتها البشرية،  قمة أعلى جبل على الكرة الأرضية، وسبقت ذكور هذا المجتمع في تحقيق هذا الإنجاز المضني والخطر، والذي لا تستطيع تحقيقه إلاّ نخبة صغيرة وفريدة من البشر، فهذا أقوى رمز على بطلان هذا الإدعاء الفاشي الجاهل الكاره للنساء. فقد وصلت الفتاة السعودية رها حسن محرق قمة جبل إفرست (اليوم؟) وبذلك حققت درجة من الإنجاز مايكرهه وينكره ويرتعب منه دعاة الخرافة والجهل.

وهي ليست الإمرأة العربية الوحيدة التي حققت هذا الإنجاز، فقد سبقتها البنت الفلسطينية سوزان الهوبي في عام 2011 عندما أصبحت أول إمرأة عربية تصل إلى قمة هذا الجبل الشاهق.

تهانينا القلبية لرها ومن قبلها سوزان على هذا الإنجاز الباهر. وأما للفاشيين الكارهين للنساء، فسنستعير آية من قرآنهم ونقول: وجوههم اليوم صاغرة مكفهرة، إلى رها بحقد وغيظ ناظرة.

من المؤنس حقاً أن يظهر دليل دراماتيكي مثير كهذا يدحظ مزعم رئيسي للخرابيط البلوة المسماة بالأديان.

 
 
 
 
* * * * * * * * * *
 

الجمعة، 17 مايو 2013

خواطر هرطقية - عبثية خلق الإنسان

::
هذا بوست قصير لخواطر أثارها هذا الحديث:
 
يأتي على الناس زمان، القابض على دينه كالقابض على الجمر.
 
والمعنى المجازي واضح، أنه من شبه الإستحالة التمسك بدين الله، وهو الإسلام طبعاً، في زمن ما في المستقبل. والتساؤلات هي هذه:
 
على افتراض أن الحديث صادر عن إله حقيقي على لسان نبي حقيقي. إذا كان ذلك الإله يعلم مسبقاً ويعترف بذلك أيضاً أن دينه سوف يفشل هذا الفشل الكاسح، فما هو الهدف إذاً من إنزال دين ميئوس منه؟ أو لو كان الدين صحيح ومثالي والعيب في البشر، فما هو الهدف من خلق بشر ميئوس منهم؟ وإذا كان الرب يعرف كل هذه الحقائق مسبقاً ويعترف بها أيضاً، فلماذا يعذب خلقه وهو يعلم مسبقاً وقبل أن يخلقهم، بأنهم سوف يكونوا ميئوس منهم؟
 
أوليس هو الذي خلقهم هكذا: كائنات ميئوس منها؟ ألا يدل كل هذا على أن هذا الرب كائن عبثي سايكوباثي، هدفه أن يخلق ليعذب؟
 
* * * * * * * * * *


الثلاثاء، 14 مايو 2013

لو انتظر الرب الفيسبوك والتويتر

الزائر الكريم إنسان أثار في تعليقه على هذا الموضوع نقطة وجيهة لا أدري إن كنت قد تطرقت لها في السابق، وأود أن أتناولها باقتضاب في هذا البوست، وهي تتمثل في هذا السؤال:

هل اختار الله الفترة المناسبة والمكان المناسب لنقل رسالته إلى البشرية، عندما أنزلها وسط بيئة صحراوية بدائية في القرن السابع الميلادي؟

هذا ليس بتساؤل يكفيه تخوض طفيف في تدوينة قصيرة، بل يتطلب بحث مسهب ومتفرع طويل، وربما كتاب كامل للإجابة عليه. ولكني أود أن أعبر عن الخواطر التي تجول بذهني حول جزئية بسيطة منه، وهي اختيار الزمان والمكان في إنزال رسالته الشاملة والأخيرة.

لو افترضنا أن هناك رب فعلاً يريد أن يوصل مجموعة من الأفكار والتعليمات بحزمة واحدة نهائية خلال حقبة محدودة إلى مخلوقاته، كما هو مفهوم من الرسالة الإسلامية، فما هو أفضل وقت ومكان يتسنى اختياره لإرسال هذه الحزمة إليهم؟ فالنتغاضى حالياً عن وسيلة الإرسال نفسها، وما إذا كانت وسيلة التخاطب اللغوي وتوكيلها لشخص واحد فقط هو أفضل وسيلة يختارها الرب في نقل الفكرة، فهذه تحتاج إلى توسع في الطرح، وأفضل أن يكون هذا البوست مقتضب، ولنركز على الزمان والمكان فقط.

ولو تجاهلنا التاريخ الخلقي السخيف لقصة آدم وحواء وهابيل وقابيل ونوح وإبراهيم وباقي الشلة الخرافية، ونظرنا إلى تاريخ البشر المبني على قواعد علمية، فسوف نجد أن الإنسان الحديث المصنف بهومو سابيين قد اكتمل تكوينه على هيئته الحالية هذه قبل حوالي 200 ألف سنة، وأنه كان في ذاك الوقت محصور جغرافياً في بقعة أو بقع متقاربة جداً تمتد على الساحل الشرقي لأفريقيا فقط، ولم ينتشر بعد في شتى أصقاع الكرة الأرضية كما كان الحال وقت ظهور الرسالة الإسلامية في القرن السابع الميلادي. فقد كانت أعداد البشر في بداية ظهور الهومو سابيين مجرد بضعة آلاف فقط، متركزة في بقعة صغيرة نسبياً ومحدودة.

فلو كان هناك رب يريد أن يوصل رسالة شفوية إلى مخلوقاته هذه، فبرأيي أن هذه كانت أفضل فرصة له لنشرها بينهم، وذلك لقلة أعدادهم وتقارب المسافات بينهم. فهذا لكان سيؤدي إلى ارتفاع فعالية ترسيخ تعاليمه واحكامه بينهم في هذا الوقت المبكر من تكوينهم البشري قبل أن يهاجروا من موطنهم الأصلي في أفريقيا وينتشروا عبر جميع أصقاع الكرة الأرضية.

فتصوروا لو نزلت الرسالة الإسلامية على البشر الذين لم تتعدى أعدادهم بضعة آلاف في ذاك الوقت، لشملت أكبر عدد منهم، ولترسخت في عقولهم لمئتي ألف سنة منذ ذلك الوقت، ولانتشر الإسلام اليوم في جميع أرجاء الأرض، ولوصل حتى في أعماق غابات البرازيل وبورنيو النائية، لأن سكان قبائل هذه المجتمعات ماهم إلاّ حفدة البشر الأصليين في أفريقيا. أي حين نزل كولومبس في القارة الأمريكية لأول مرة في القرن الخامس عشر، لهلل وحمد الله على وصوله بالسلامة هناك وصلى له ركعتين، كطرف أوروبي مسلم، ولوجد الهنود يصلون ويصومون ويؤدون الزكاة هناك أيضاً كطرف أمريكي مسلم آخر بعيد ومنفصل.

ولكن هذه الفرصة طافت على الرب، فقد ضيع على نفسه وعلى البشر أجمع فرصة ثمينة.

وماذا لو أخر إنزال دينه الإسلامي لبضعة قرون أخرى بعد القرن السابع، وأختار أن ينزله في هذا الوقت، وقت الإنترنت والفضائيات والهواتف الجوالة والفيسبوك والتويتر؟ تصورا ماذا ليحدث لو ظهر رسول برسالة مبينة اليوم، تدعمها معجزات ودلائل علمية دامغة لا خلاف عليها؟ هل يستطيع أحد أن يحتج بأن رسالة الرب لم تصله أو يسمع بها أو يرى معجزات رسولها ويتفحص دلائله؟ وهل نحتاج اليوم إلى حملات وفتوحات عسكرية تبشيرية تهدر فيها الدماء؟ أو ليس مجرد ظهور الرسول ببدلته الأنيقة أو جبته وعمامته في مقابلة على البي بي سي أو سي أن أن كافي لأن ينشر الرسالة الربوبية خلال ساعات في شتى أصقاع العالم بدلاً من عقود وقرون من الغزوات والحروب كما حدث في الواقع؟

ولكن الرب الإسلامي كالعادة، بحكمته التي لايفهمها غير جلالته، فضل أن ينزل رسالته النهائية الشاملة للبشر أجمع في أحد أسوء الحقبات والمواقع الممكن إختيارها خلال المئتي ألف سنة من تاريخ البشرية الحديثة. أنزلها وسط الصحراء، في قرية صغيرة مغمورة ومعزولة، لايتعدى سكانها بضعة آلاف، وترك باقي الملايين من البشر في جهل تام لرسالته لعدة قرون بعدها، إلى أن انتشرت وسائل الإتصالات التكنلوجية الحديثة قبل بضعة سنوات.وإلنتيجة؟

أن اليوم وبعد 1400 سنة من الحروب والغزوات وهدر الدماء باسم الرسالة الإسلامية، لايزال عدد المسلمين لم يصل إلى حتى ربع مجموع سكان الكرة الأرضية!! وإن لم يكفي هذا الإخفاق، أضف إليه حقيقة أن شريحة هائلة منهم، إما أنها مسلمة إسماً فقط، وليس عملاً بأداء الفروض والإلتزام بالواجبات أو حتى بفهم ماهية الهوية الإسلامية، بالإضافة إلى الفئة الملحدة بينهم الغير معروف حجمها. 

فهل هذا تدبير رب عليم حكيم، أم تدبير إنسان عادي ألف رسالة دينية في بيته في مكة، وصادف أن يعيش في تلك البقعة وفي ذلك الوقت؟
 
* * * * * * * * * *
 

الاثنين، 13 مايو 2013

أصلب برهان على صدق القرآن

::
تمتاز الديانات بشكل عام، والإبراهيمية بشكل خاص، كونها الديانات السماوية الوحيدة، بصلابة دلائلها وحججها وبراهينها، وهذا أحد أشد هذه الحجج والبراهين صلابة:

عثر المواطن السعودي صالح مسفر الغامدي على أحد أحجار السجيل المستخدمة كقذائف ربوبية، أسقطت كما جاء في القرآن بواسطة أسراب من الطيور الأبابيل المقاتلة على جيوش إبرهة الحبشي في عام الفيل المذكور في التراث. وقد عرض طرف مصري مبلغ 4 مليون دولار  لشراء هذا الحجر، ولكن المواطن السعودي رفض العرض.

ولهؤلاء الملحدين والمشركين والكفار الناكرين لحجج السماء وبراهينها، نقول لهم لن تجدوا أصلب من هذا الدليل على صدق الرسالة، وإن كان لايزال لدى أحدكم شك في ذهنه، فرمية واحدة بهذا الدليل على رأسه لاشك سيشعره بشدة صلابته.

 

 
 

 
 

الأحد، 12 مايو 2013

هل انحطت القيم الإنسانية في سوريا إلى هذا المستوى؟

::
تصبحت اليوم على مائدة الإفطار، قبل أن آكل لقمة، بهذا الفيديوكليب البشع المتداول في الفيسبوك، ولا أدري مدى صحته. هل هو مفبرك من قبل النظام السوري لتشويه سمعة الجيش الحر، أم فعلاً يعكس درجة إنحطاط سلوك بعض المجموعات الإسلامية التي يتألف منها هذا الجيش؟
 
يظهر في المشهد أحد المقاتلين المسلمين وهو يقتطع كبد أو قلب أحد القتلى، ويأكله نياً. ما رأيكم؟
 
 
(تحذير: يحتوي الفيديو على مشاهد مقززة قد يتأثر منها البعض)
 

 
 
 تحديث: تم التعرف على الشخص الذي يظهر في الفيديو بأنه أبو صقار، زعيم مجموعة إسلامية مقاتلة تسمى بكتيبة عمر الفاروق يبلغ عددها 20 ألف مقاتل، تنتمي إلى الجيش الحر. وقد تم تصنيفه الآن من قبل هيومان رايتس وتش HRW بأنه مجرم حرب له سوابق أخرى طائفية حين قصف مناطق الشيعة في لبنان بشكل عشوائي وفقاً للـ بي بي سي.
 

السبت، 11 مايو 2013

ورع وتقوى هارون يحيى

::
الناشط الإسلامي التركي هارون يحيى (إسمه الحقيقى عدنان أوكتار)، وأحد أكبر أعداء نظرية التطور الحديثة، التي يرفضها هو وجميع أقطاب الجهل المقدس جملة وتفصيلاً، ويشن ضدها حرباً شعواء من خلال منشوراته وكتبه التي يرسلها مجاناً إلى جامعات الغرب وعلمائه لكي يتسلوا بها ويضحكوا عليه، ويقدم بدلاً عنها القصة التوراتية/القرآنية الخلقية، الطفولية المنطق والواقع، والتي يؤيدها وينشرها كالبديل الوحيد للنظرية العلمية من منطلق "لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق فيما يقول"، أثبت متانة هويته الإسلامية ودرجة طاعته لخالقه فيما يقوله، ومدى تمسكه بتعاليم دينه الحنيف وإلتزامه بتأدية طقوسه وواجباته، وذلك بظهوره أمام العالم أجمع في إحدى القنوات التلفزيونية وهو يؤدي صلاة العشاء مصاحبة بترتيل كامل ماتيسر من سورة غاغنم ستايل، تشاركه في أدائها في الستوديو نخبة جذابة من المتدينات المؤمنات الصالحات.
 
ولاننسى أن الممول الأول لنشاطات هارون يحيى الإسلامية ومن هم على شاكلته، وبالتالي عباداته هذه، هو البترودلار الوهابي الخليجي، الصادر من المتبرعين المتشددين في طاعة الله ورسوله. ولا تطوفكم عبارة "ما شاء الله" التي يختم بها هارون ومضيفاته صلاتهم.

   
 
 

الخميس، 9 مايو 2013

إستفتاء هام، أرجو المشاركة

::
يبدو أن الإستفتاء الذي كنت قد طرحته قبل سنتين عن التوجهات الفكرية/العقائدية لزوار المدونة ومتابعيها، وظننت أنه لايزال جاري، قد اعتزل الآن عن العمل تماماً لسبب لا أعرفه قبل أن يكمل حتى سنته الثالثة، وتم حذفه في أسفل الهامش. ولكن بسبب أهمية الحصول على مثل هذه المعلومات الإحصائية المفيدة التي تمدنا بصورة تقريبية عن التركيبة الإلحادية مقابل العقائدية لمتابعي المدونة على الأقل، إن لم يكن عن المجتمع العربي بشكل عام، فها أنا أعيد طرح نفس الإستفتاء من مصدر آخر جديد.

فأنا أنظر إليه بشكل دوري، كل ستة شهور، لأرى التوجه المتوسط والطويل الأمد لأي تغيير يطرأ على التركيبة الإلحادية/العقائدية التي يتبناها القراء الكرام، وبالخصوص الزوار الجدد. 
 
أرجوا مشاركة جميع القراء والزوار مرة أخرى في هذا الإستفتاء الجديد، الذي وضعته في أعلى الهامش على يمين الصفحة، مع وافر شكري وتقديري.

(تنبيه: الكود المستخدم من مصدر هذا الإستفتاء قد يسبب تصغير لصفحة المدونة في بعض الموبايلات (الجوالات). لتفادي هذه المشكلة، أنصح باستخدام خيار الموبايل المبسط في إظهار الصفحة وليس خيار الويب). 

____________________________________________

تحديث: إضافة بسيطة أثارتها ملاحظة غريبة شاهدتها خلال الساعة الماضية منذ نشري لهذا الإستفتاء.

يشير برنامج غوغل التحليلي عندي لزوار المدونة، أن عدد الذين دخلوا على هذا البوست خلال الساعة التي أعقبت نشره مباشرة قد بلغ 14 زائر، وهذا لايشمل عدد الزوار الذين شاهدوا الصفحة بدون الدخول على البوست نفسه. فعدد الزوار الذين مروا على المدونة (وهؤلاء عددهم أكبر بكثير من زوار البوست وحده) وقرئوا الموضوع خلال تلك الساعة قد بلغ على الأقل 40 أو 50 زائر. ولكن عدد الذين ساهموا في المشاركة في الإستفتاء، بتحريك أحد أناملهم قليلاً ونقر أحد الخيارات، لم يتعدى الواحد فقط من هذا العدد طوال هذه المدة.

ألا يعكس هذا الفتور في التجاوب حجم السلبية واللامبالاة والخمول الفكري المنتشر ضمن المجتمعات العربية؟ أم أنا غلطان؟
 
* * * * * * * * * *
 

الأربعاء، 8 مايو 2013

معقولة؟

::
أتاني هذا الخبر متأخر شوية وأجد صعوبة في تصديقه، أن السعودية تمنع دخول الشاب الإماراتي عمر الغلا إلى أراضيها. والسبب:

وسامته؟

قولوا لي أن هذا الخبر غير صحيح.




لو صح الخبر، فتعليقي الوحيد عليه سيكون على نفس خط التعليق الذي دونته في هذا البوست السابق هـنـا، وهو:

أليست هذه الوسامة إختيار وهبة من الله لعبده؟ ليش الغيرة؟ عندكم إحتجاج؟ هذا فيلاّته الأرضية يمكم، طقوا عليه الباب واحتجوا على جمال خلقه، واطلبوا منه أن يكثر الجكر لكي تقل الفتنة ... ولاتنسوا وعد صاحب الفيلا لكم أنكم ماتحتاجون أي موعد معه، وامشوا على نصيحته التي تقول لو تنتظروا إلى ليلة 25 رمضان فسوف يتواجد فيها بالتأكيد.

* * * * * * * * * *
 

الثلاثاء، 7 مايو 2013

وليس للتطور في خلقه أي شؤون

::
عندما رأيت هذه الصورة للوهلة الأولى ظننت أنها من إنتاج فوتوشوب، ولكن اتضح لي بعد بعض البحث بأنها حقيقية، وحجم السلحفاة صحيح وتسمى بـ السلحفاة الجلدية الظهر العملاقة، وهي من الفصائل البحرية وتتواجد في عدة مناطق حول خط الأستواء.




والآن، من منكم يعرف ما هذا الحيوان العملاق الآخر؟ (الإجابة بعد 24 ساعة)




الإجابة: السمندل العملاق، والفصيلة الصينية منه قد يبلغ طول بعضها 1.8 متر. وبرافو للمعلق/ة كوكو واواو وغير معرف على الإجابة الصحيحة.

* * * * * * * * * *

الاثنين، 6 مايو 2013

إلى من نشير بأصبع الإتهام؟

::
هذه الصور الصادمة لابد أن تنشر حتى يفيق العالم لما يحدث في سوريا. والسؤال الذي أود أن أستعيره من البوست السابق هو: على من تقع مسؤولية هذه المجازر؟

هل على النظام السوري؟ أم الشبيحة؟ أم الجيش الحر؟ أم مجموعات سلفية؟ أم عناصر إيرانية؟ ...... من؟
 
 
 
 
 
 
 


أم تقع المسؤولية على من عرف ما سيحدث مسبقاً، وسجله في مذكرته المحفوظة بجميع تفاصيله الاجرامية المقززة، ومهد له قبيل حدوثه، ثم جلس صامتاً على كرسيه يراقب بشاعة ماسيحدث رغم قدرته واستطاعته الكاملة بأن يوقفه.

أليست هذه مسؤولية الرب العالم القادر المسيطر أم لا؟

لا طبعاً. لأن الرب كيان وهمي مختلق، والكيان الوهمي المختلق لايمكن أن يشار إليه بأصبع الإتهام، وهذه الأحداث من أشد الدلائل على عدم وجوده. فالمجرمين الذي اقترفوا هذه المجازر ماهم إلا بشر تطوروا من بكتيريا، إنتُزعت منهم آخر ذرة من إنسانيتهم، فانزلقوا إلى الوراء ليعودوا إلى طبيعة أسلافهم البكتيرية التي تنخر في محيطها.

* * * * * * * * * *
 

الأحد، 5 مايو 2013

خواطر هرطقية - من المسؤول؟

::
هذا البوست مبني على خاطرة صادفتها في الفيسبوك.
 
الحديث النبوي يقول: تنقسم أمتي إلى بضع وسبعون شعبة، كلها في النار إلا واحدة (متفق عليه تقريباً من جميع المذاهب). فالنفكر قليلاً في ما يعني هذا الحديث.

عدد المسلمين اليوم، وبعد مرور أكثر من 1400 عام على نزول الرسالة الربوبية على البشرية جمعاء، يبلغ حوالي 1.5 مليار مسلم من جملة عدد سكان العالم الذي يفوق الـ 7 مليار نسمة. فإذا قسمنا عدد المسلمين حالياً على 73 شعبة (وهو العدد المتفق عليه)، يكون متوسط عددهم في كل شعبة حوالي 20 مليون مسلم. وطبعاً من الممكن أن يكون عددهم في الشعبة الناجية أكثر أو أقل من ذلك بكثير، إنما لهدف توضيح الفكرة، فالنأخذ هذا المتوسط.
 
هذا يعني أن عدد مسلمي الفرقة الناجية من الـ 7 مليار إنسان اليوم، هو 20 مليون فقط، أو مايعادل 0.3 % فقط من مجموع سكان الأرض. وهذا بدوره يعني أن 99.7 % من البشر سوف يشويهم ربهم الرحيم بهم والعطوف عليهم على نار الباربكيو الأزلي إلى أن ... هممم، يتحسن مزاجه. وهذا يطرح عدة أسئلة:
 
من المسؤول عن هذا الفشل الكارثي في توصيل الرسالة وإقناع البشر بها، الله أم رسوله؟ أم هل هو جحود الـ 99.7 % من البشر؟ وإذا كان جحود منهم، فلماذا خلقهم الله أصلاً وهو يعرف أن الغالبية الساحقة منهم سيجحدوا وسيكون مصيرهم الشوي؟ ولماذا بعد خلقهم وضع فيهم خصلة الجحود؟ ألم يستطع أن يخلقهم بدون هذه الخصلة التي سوف تؤدي إلى أشد وأقسى أنواع المعاناة الممكن تصورها؟ 

فإذا كان هذا مصير البشر، فهل يعني ذلك أن خلق المادة بالإنفجار الكبير، وتطور النجوم، وظهور الكواكب الذي مهد لإقصاء آدم إلى أحدها بعد سرقته للتفاحة، وما أعقب ذلك من طوفان أغرق الأرض الذي سكنها حرامي التفاح هذا، وفنى ذريته والحياة عن بكرة أبيها، وتعيين عشرات الالآف من الأنبياء والرسل بعد ذلك، وفلق البحر وتدمير القرى والحروب والغزوات ..... إلخ إلخ إلخ، مجرد تمثيلية طويلة، لأن الله كان يعرف مسبقاً بأن 99.7 % من البشر، المحور المركزي لكل هذه الأحداث، سوف ينتهي مصيرهم في النار على أي حال؟

هل توجد فكرة جنونية أسوء من هذه؟ 
 
* * * * * * * * * *
 

السبت، 4 مايو 2013

مايضحك السني والشيعي والملحد

::
المؤمن الشيعي سيضحك على نكتة الحويني في الفيديو الأول، ولكنه سيستاء من تسمية النكتة في الفيديو الثاني بـ "نكتة"، لأنه سيعاملها كحقيقة مسلمة عليه أن يقبلها وينظر إليها بمنتهى الجدية.
 
 
 
والمؤمن السني سيتخذ نفس موقف المؤمن الشيعي، إنما سيعكس الضحك والجدية بين الفيديو الأول والثاني.
 

 
 
أما الملحد، فسيستلقي على قفاه من الضحك على درجة العبط المستحكم في كلتا النكتتين.
 

الخميس، 2 مايو 2013

العقلية البدائية أساس الهتافات الدينية

::
كان الإنسان في قديم الزمان، في العصور البدائية المطوية الغابرة، يشاهد الظواهر الطبيعية كالبرق والرعد والخسوف والكسوف والزلازل والأعاصير، فيخاف ويرتعب منها، ويلتمس لها تفسير يقتطفه بانتقائية متعمدة من دائرة معلوماته المتواضعة، التي تمتلأ بالجهل وتفتقر لأي معرفة مفيدة، أو في الغالب يختلقه من خياله، وذلك لكي يريح به باله ويهدأ به من روعه ويوهم نفسه باكتساب بعض السيطرة على مايراه ويرعبه مما يجري حوله.
 
فكان يعزي تلك الظواهر إلى أرواح طيبة أو شريرة، يخصصها حسب فائدة أو مضرة هذه أو تلك الظاهرة له، أو إلى كيانات وهمية يلبسها هالة قدسية ويمنحها قوة ميتافيزيقية ويسميها آلهة.
 
ولكن بعد توصلنا إلى المنهج المثدولوجي العلمي، واستخدامه في البحث والتمحيص لكشف خبايا الوجود، والذي أدى بدوره إلى القفزات المعرفية الهائلة التي نتمتع بنتائجها الآن، والتي بددت بدورها أيضاً هالة الغموض التي نسجها عقل الإنسان البدائي حول هذه الظواهر الغريبة عليه، وعرّت حقيقتها الطبيعية، أصحبت هذه الظواهر التي كانت مخيفة وغامضة بالأمس، مجرد وجوه مختلفة عادية تعكس ديناميكية الطبيعة، يعرفها اليوم حتى الأطفال قبل دخولهم المدارس.
 
ولكن للأسف، الدين (هل يوجد غيره؟)، يرغم قطعانه المغيبة البسيطة الساذجة على اتباع نفس النهج البدائي الذي كان يتبعه أسلاف البشر البدائيين في تعزية قوى الطبيعة إلى الأرواح والكيانات الوهمية الخارقة المسماة بالآلهة.
 
هذا فيديوكليب عرضه علي أحد الأصدقاء قبل كم يوم ليريني شدة الفيضانات التي أصابت السعودية في أحد الأعوام السابقة (لا أدري أي سنة). والحقيقة أن عنف سيول مياه الأمطار مروع. ولكن هذا جانباً، ما لفت نظري ليس الفيضانات، بل الهتافات الكليشيهية التسبيحية التعظيمية للآلهة،والتي تنطلق بعفوية تامة من فم أحد المشاهدين الواقفين بجانب الفيضانات في الفيديو. شاهدوا المقطع أولاً قبل أن تكملوا قراءة باقي البوست.

 
 
 
رغم أن سيول المياه المتدفقة في المشهد تبدو مروعة، إنما تحكمها عدة عوامل طبيعية عادية للغاية وهي: 
 
* دورة المياه المطرية التي تتسبب عن تبخر مياه المحيط وتكثفها في طبقات الجو العليا.
* عدم وجود قنوات مناسبة لتصريف المياه المتدفقة في المناطق التي تسقط فيها الأمطار.
* الجاذبية الأرضية التي تتحكم في اتجاه سير السيول.
 
هذه معلومات بسيطة وروتينية مملة يعرفها القاصي والداني اليوم عن ديناميكية الطبيعة، فلماذا تسبح الناس بالألهة وتعظمها على هذا المشهد؟ أين بالضبط يد الآلهة في هذا المنظر؟ هل رأى أحد يد ربوبية تنزل من السماء بسطل ماء تسكبه على رمال السعودية؟ أو عفريت سليمان يمسك خرطوم ماء؟ أو ملائكة تنفخ على السيول لتوجيهها في مجرى معين، ضد الجاذبية مثلاً؟
 
إنما المؤمن الناظر لهذه الظواهر، يلجأ بشكل تلقائي إلى نفس أسلوب أسلافه البدائيين في تعزيتها إلى قوى خارقة، يسبح لها ويعظمها ويبتهل إليها. والدين بالطبع يشجعه ويحثه على تبني والحفاظ على وممارسة هذه الرؤية البدائية الجاهلة. لماذا؟
 
لأن ليس من صالح الدين أن يقترب الإنسان في فهمه من حقيقة مايجري حوله، ففهمه الصحيح للطبيعة وعملية آلياتها سوف يبعده عن هالة الغموض والتحسب والترقب التي تمنح الدين مرتبته التفسيرية المهدئة المطمئنة في عقل الإنسان، ويكشف له كيف أن أمور الحياة من حوله ماهي إلاّ حالات طبيعية عادية لا تتطلب تفسير ماورائي وقرابين وصلاة وتضرع وابتهال لقوى خفية ...
 
فتبني هذا الموقف المعرفي لاشك بأنه تقويض هادم للأساسات التي يقوم عليها الدين، وإبعاد للآلهة عن ساحة التفكير في آليات الطبيعة ومكوناتها، الطبيعة التي يفترض أن الآلهة قد خلقتها وسيرتها ولاتزال تتحكم بها. فهل من المستغرب أن يوصى المؤمن بالإكثار من التسبيح والتبجيل والتعظيم لربه في كل ظاهرة يشاهدها؟ 
 
* * * * * * * * * *