الاثنين، 17 مايو 2010

خواطر من الحفرة

::
لنحتفل على درب الحياة قبل الوصول
 (أنقر على الصورة لتكبيرها)

الموت ليس من المواضيع التي يستسيغ الإنسان تناولها، قراءةً أو كتابة أو محادثة، وقطعاً ليس من الأفعال التي يستسيغ أحد أن يجلبها سواءً على نفسه أو على غيره، هذا إذا لم يكن معتل النفس أو موبوء بالأيمان. وأعترف أنه لولم أكتب الموضوع السابق عن بانزي الشيمبانزي والذي جر تفكيري إلى شُعَب كنت أفضل عدم الدخول فيها لما كانت هناك رغبة لي في التطرق إليه.

ولكن حيث أن كل منا سوف ينزلق يوماً ما في هذه الهوة التي ليس لها قعر، فاسمحوا لي أن أنفس عن بعض مايجول في بالي من خواطر بنشر هذه الترجمة القصيرة لأحد الأعمال الشهيرة للكاتب المسرحي البريطاني توم ستوبارد وهو عبارة عن مونولوغ (حوار فردي) بين صديقين: روزينكرانتز وغيلدينستيرن، يخاطب فيه الأول صديقه عن فكرة الموت. 

هذا النوع من الأدبيات له طابع قد لايتناسب مع تفكير جميع القراء، إذ قد يبدو الحوار للوهلة الأولى أنه سطحي وعادي، ولكنه في الواقع سيريالي مقنّع بلمحات ساخرة وعبط متعمد، ويحمل (على الأقل في بعض أجزائه) معاني أغزر بكثير مما يبدو عليه، وللأسف أن الترجمة تُفقده بعض المضامين التي لاتظهر إلاّ في اللغة الأصلية. على أي حال، إذا لم يظهر المغزى، أعيدوا قرائته ببطء وتفكّر:

هل تخيلت نفسك قط بأنك ميّت، مستلقي في قبرك ومن فوقك التراب؟
أنا في الحقيقة لم يخطر ببالي هذا التفكير أبداً
إذ من السخافة أن يكتأب أحد بسبب هذه الأفكار
أقصد عندما يتخيل الإنسان أنه داخل القبر، فأنه يرى نفسه كأنه حي
وينسى أن يأخذ بعين الإعتبار أنه في الواقع ميت، فهناك اختلاف كبير .. أليس كذلك؟
ماأعنيه هو أنك لن تعرف بأنك في القبر
إذ يبدو وكأنك نائم في حفرة
وليس معنى هذا بأنني أستحسن النوم في حفرة .. بدون هواء
لأنك سوف تستيقظ وترى نفسك ميت، وأين؟
في القبر

هذه هي الفكرة التي لاأستسيغها في الواقع
وهذا هو السبب الذي يجعلني أتفادى التفكير به
لأنك سوف تكون بلا حول
كأنك حشو للقبر .. تظل فيه إلى الأبد
حتى لو أخذت بالإعتبار أنك في الواقع ميت
فالفكرة لاتزال كريهة، خصوصاً أنك فعلاً ميت

إسأل نفسك:
ماذا لو قلت لك أنني سوف أضعك في القبر الآن، هل تفضل أن تكون حياً أم ميتاً؟
من الطبيعي أن تجيبني بأنك تفضل أن تكون حياً
لأني أعتقد أن الحياة في القبر أفضل من لاحياة إطلاقاً
لأنه على الأقل سوف تكون هناك فرصة (للبقاء)
وسوف تستلقي هناك وتقول: "على الأقل أنا لست ميتاً ..
وقد يأتي أحد عابر وينبش قبري ويخرجني منه"
سوف تسمع أحد ينبش الأرض من فوقك ويصيح:
"هل من أحد في القبر؟ أنا قادم لأخرجك منه"

أتسائل متى كانت تلك اللحظة التي عرفنا فيها الموت؟
لابد أنه كانت هناك مثل تلك اللحظة؟
تلك اللحظة التي خطرت على بالك في طفولتك، أنك لن تبقى في هذه الدنيا إلى الأبد
لابد أنها كانت لحظة مرعبة، إرتسمت في مخيلتك إلى الأبد
ولكن الغرابة أنني لاأتذكرها، فلم تخطر ببالي على الإطلاق
قد تكون حتمية موتنا غريزة مزروعة بنا منذ ولادتنا
وقبل أن نعرف حتى معنى هذه الكلمة (الموت)
وقبل أن نعرف حتى الكلمات نفسها
فنحن نخرج من البطن نصرخ مغطين بالدماء
ونعلم بأنه من جميع الإتجاهات الموجودة التي تشير إليها بوصلة (الحياة)
هناك إتجاه واحد مؤكد .. والوقت هو قياسه الوحيد

* * * * * * * * * *
لماذا يموت الإنسان؟ لماذا نموت؟ أين نذهب بعد الموت؟ أين يذهب الإنسان بعد الموت؟ هل هناك حياة بعد الموت؟ ماهي دلائل وجود حياة بعد الموت؟ ماهي براهين وجود حياة بعد الموت؟ ماذا لو لم توجد حياة بعد الموت؟ كيف يموت الإنسان؟ ماذا يحدث للإنسان خلال الموت؟ ماهي حكمة الموت؟ هل يوجد بعث بعد الموت؟ هل رجع أحد من الموت؟ هل عاد أحد من بعد أن مات؟ هل رجع أحد إلى الحياة بعد الموت؟ رأى أحد الموت؟ هل من الممكن تفادي الموت؟ كيف نتفادى الموت؟ ماهي أسباب الموت؟ مالذي يسبب الموت؟ ماذا يحدث للوعي بعد الموت؟ أين يذهب الوعي بعد الموت؟ هل يفنى الوعي بعد الموت؟ يظل الوعي بعد الموت؟ هل يسمع الإنسان بعد الموت؟ هل يرى الإنسان بعد الموت؟ هل يشعر الإنسان بعد الموت؟ هل من الممكن الهروب من الموت؟ كيف تهرب من الموت؟ هل يستطيع أحد أن يهرب من الموت؟

هناك 13 تعليقًا:

Godless يقول...

عند موت الدماغ يموت الادراك لا يوجد أنا لكي اتسائل واشعر بالخوف. ربما انا اخاف من العملية المؤدية الى الموت ولكن ليس من الموت نفسه !

أفضل من صاغها هو مارك توين عندما شبه الموت هو كما كنت قبل أن تكون في بطن امك هل شعرت باي مأساه او تضايق :)

Pure يقول...

سأقرأ موضوعك غدًا
سأنام الآن

سي يو

Pure يقول...

الموت
من أبشع حفائق الحياة

وهو السبب الرئيسي
في نشأة الأديان

الجمبل في الشعور بالموت
أنه يُضاعف رغبتك في الحياة

عندما نشعر بالسعادة
لا نبالي بالموت

بوووه
كم حكمة طلعوا مني p:
بسبب بوستك
راح أضيفهم ضمن كلماتي

ترجمتك جميلة ومتقنة
أهنؤك

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي Godless ،،

حقاً، عند الموت يندثر الإنسان ولايبقى منه سوى كومة من الخلايا البائدة، تناظره بالشكل ولكن تخلو من الذات.

لاأعتقد أن المقصود من هذا المونولوغ هو التخوف من مابعد الموت، ولكنه بالأحرى أسلوب الكاتب توم ستوبارد في التعبير عن خواطره وإحساساته تجاه هذه الحتمية بلمس جوانب منها قلما خطرت على بال الغالبية منا.

فمثلاً هل فكر أحد منا بعمق كافي في تلك اللحظة الأبدية الحاسمة التي تتلاشى فيها الحياة منا إلى العدم؟ وليس إلى حياة أخرى بل إلى لاشء. لاأعتقد، بسبب الصعوبة البالغة في تخيل نفسك بلا وجود بدون إضفاء بعض الحياة المجسمة لهذه الصورة. والكاتب يعكس هذه الحقيقة في السطور الأولى من الحوار.

مع تحياتي

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزتي Pure ،،

أتفق معك تماماً في بعض مقولاتك الحكيمة وأختلف معك في البعض الآخر.

"الموت من أبشع حقائق الحياة"
بل هو بنظري أبشعها على الإطلاق. فإن كانت أحد أصعب حقائق الحياة تقبلاً حتى للمؤمن هو حتفه المحتوم، بالرغم من أن المتدين يؤمن بأن هناك حياة أخرى. فتخيلي الصعوبة التي تواجه من عرف بأن الموت هو النهاية الأبدية، ليس له فقط بل لأحبائه وأقربائه وأصدقائه والحياة بأكملها.

هذه أسوء سلبية تواجه من لايؤمن بالمعاد ولاأعتقد أنه من السهولة التكيّف معها. فهذا جري كوين عالم الأحياء الأمريكي يقول: "كنت أفضل أن أكون جاهلاً من أن أدرك هذا المصير"

وهذا ستيفن واينبرغ يصف إدراكنا، ليس بفنائنا بحد ذاته، بل بمعرفتنا بأننا سوف نفنى بأنه: "تراجيدية إنسانية"

"عندما نشعر بالسعادة، لانبالي بالموت"
أهنئك ياعزيزتي على هذا الحكمة المتفائلة والموقف الشجاع. ليتني أستطيع مشاركتك نفس الشعور.

مع تحياتي

Pure يقول...

الآن فقط لاحظت أخطائي المطبعية ):
رغم التدقيق الذي ألزم نفسي به


بصيص

من البديهي
أننا عندما نكون في حالة بهجة
لا نبالي بأي شيء
ولا حتى بالموت

لأنها تكون لحظات مفعمة بالحياة
فلا مجال للتفكير بأي شيء

حالنا يكون حال العاشق
الذي يسكره عشق حبيبته

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزتي Pure ،،

في الحقيقة أنا لم أصل إلى هذه الحالة من البهجة التي لاأهتم فيها بالموت، مما قد يشير إلى نقص هام في حياتي. أو قد يعني أني لست قادر على تناسي هذه الحقيقة المروعة مهما بلغت البهجة. لاأدري أيهما الصحيح.

على أي حال، أتمنى لو كانت هناك حياة أزلية في مكان ما، وليس من المهم أن تكون جنة أو نار، حياة أزلية وخلاص. وعليه، فأنا أنتمي إلى مدرسة جيري كوين السابق الذكر والذي يفضل الجهل على معرفة فنائه.

ولكن قولي لي، لماذا اخترت صيغة المذكر في وصف حالة العاشق الذي يسكره عشق حبيبته في حين أن الأحرى بك أن تختاري صيغة المؤنث بقولك: حالنا يكون حال العاشقة التي يسكرها عشق حبيبها كونك أنثى والمثل ضربتيه عن نفسك؟

تحياتي

Pure يقول...

بالنسبة لي

أنا لا أتمنى حياة أزلية

أتمنى أن تستمر الحياة
دون أن نشيخ أو نمرض

أن تستمر إلى الحد الذي
تتوقف رغبتنا عن الاستمرار بالحياة

لا أن يأتي الموت قسرًا



بالنسبة لصيغة المذكّر

احم..

لا أنكر أنني مررت بلحظات عشق
ولكن لأنني أُعشق
أكثر مما أعشق
< يا ويلي (:

فأكون على دراية أكبر
لحالة العاشق الذي عشقني
ههههههههه

لو تلاحظ خواطري
معظمها كتبتها بصيغة المذكّر

لأنني أشعر بما يشعر هو ناحيتي بوضوح
فتأتيني الرغبة في التعبير عما يجول بخاطره من خلال محادثاته وتعبيره اليومي لي

هل اتضحت الصورة؟
هل سببي مُقنع؟

Pure يقول...

إضافة أخرى..

هناك الكثير
مما أعبّر به
عن لسان العاشق لي
دون أن ينبس بحرف

وعندما أريه ما كتبت عنه
تبدو عليه علامات التعجب
بأنني كيف وصفت شعوره بتلك الدقة
وكأنني أسكنه

ثم يقول ساااحرة!
هههههه

إنه الحدس

إليك بمثال
http://www.poem.pure-feminine.com/Between-2-women.htm

وكتبت خاطرة عن مشاعر القطة
http://www.poem.pure-feminine.com/Persian-Cat.htm

أتبع في ذلك
أسلوب جبران خليل جبران
ونزار قباني

لقدرتهم على
التعبير عما يشعره
الشخص أو الكائن
المقابل لهم

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزتي Pure ،،

تقولين: "أُعشق أكثر مما أَعشق".
هذه إشارة على أن لك عشاق كثيرين، مما يدفع إلى إستنتاج أنك تملكين قدر كبير من الجاذبية، وأتذكر أنك قلت في تعليق سابق لك أنك في غاية السكسية أيضاً ...
هذه إمكانيات كافية لن تحتاجي معها إلى قراءة أفكار أي رجل، لأنك سوف تملكين زمامه بدون أي جهد.

أرى أنه من المحتمل أن قدرتك على معرفة إحساسات هذا الشاب المهيّم بك والذي تحادثينه يومياً نابعة عن شعور مماثل مبطن منك أنت تجاهه، وهو ما يمدك بهذا الإلهام الجميل والمعبر في أشعارك.

إلاّ إذا كنت ساحرة فعلاً !!

تحياتي

Pure يقول...

مرحبا بصيص

أنا لم أقل بأنني
"غاية في السكسية"

أنت سألتني
إن كانت امكانياتي
تؤهلني للانضمام بالمظاهرة
مع النساء في أمريكا

قلت لك: من هذه الناحية .. اطمئن


هذه الخواطر
كتبتها قبل سنة ونصف
ولم تعد لي به علاقة

ولكن بالتأكيد
مشاعره
وتعابيره
كانت تلهمني

السحر
يكون له مفعول
على قدر تجاوب الآخر

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزتي Pure ،،

نقلت ماكان في ذاكرتي لحظة الكتابة فاعذريني إن كنت قد قوّلتك مالم تقوليه.

يأتي الإلهام من عدة مصادر وقد يكون أشدها وقعاً على النفس وأبلغها تعبيراً هو ماينبع من أحاسيس تجاه الآخرين.

أشعارك جميلة ورقيقة ومعبرة ولوحاتك تشع فناً وموهبة، فلا غرابة إن كانت لديك قدرة على سبر أفكار الآخرين لغرف الإلهام منها.

ولك تحياتي

Pure يقول...

هلا بصيص

يبدو أنك اطلعت على الموقع بأكمله
ربما أنا مخطئة ..

ما كتبته
لا يُعتبر أشعارًا
بل محاولة
للتعبير عن مواقف
مررت بها بأسلوب نثري

أسعدني رأيك
بما كتبته ورسمته

هذا يدفعني
للاستمرار