السبت، 16 مارس 2013

التضرع إلى جيماما ضايع

::
المشعوذ الأفريقي كوامي أومباكا(*) يتمتع بشهرة ومصداقية كبيرة لأساليبه السحرية في شفاء المرضى بين القبائل الرعوية في دولة سوازيلاند في جنوب أفريقيا. ورغم أن أساليبه في شفاء الأمراض ليست سوى ماء باركته ترنيمات وطقوس خربوطية يناشد أومباكا من خلالها الروح العظيمة جيماما، خالقة النباتات والأنهار والحيوانات والبشر، لترسل له أرواح طيبة تذوب في الماء وتدخل في بدن المريض بالشرب لتطرد المرض ، ورغم أن نسبة فشل ونجاح هذه العملية العلاجية لاتتعدى النسبة المتوقعة لأي مشعوذ آخر على سطح الكرة الأرضية، إلاّ أن غالبية القبائل التي تتعامل مع كوامي أومباكا تؤمن إيمان تام بقدرته السحرية هذه على شفاء مرضاهم. فما هو سبب هذا الإيمان الراسخ لهذه القبائل في قدرة هذا النصاب؟
 
السبب هو الوهم الذي تثيره قوانين الإحتمال البسيطة، وسهولة التلاعب بها. فالننظر إليها عن كثب:
 
عندما يمرض أحد أفراد هذه القبائل ويذهب إلى جوامي أومباكا للشفاء، ثم يخضع نفسه لخرابيط المشعوذ ويشرب من مائه المبارك، سوف تكون النتيجة إحدى هذه احتمالات:
 
1-  أنه سيشفى، طالت فترة مرضه أو قصرت، إنما الشفاء سيكون ناتج عن مقاومة جسمه الطبيعية للمرض وليست بسبب تأثير ممارسات المشعوذ، سوى ربما بمساهمة من التأثير النفسي الذاتي المسمى بـ البلاسيبو في تعجيل شفائه.
 
2-  أنه سيشفى، ولكن بسبب العلاج الطبي الذي ربما يتعامل معه في نفس الوقت الذي يلجأ فيه إلى الساحر لشفائه.
 
3-  أنه لن يشفى، فيموت بسبب المرض. ولكن في هذه الحالة، يستطيع المشعوذ أومباكا أن يبرر فشله بادعاء أن الروح العظيمة جيماما فضلت أن تنتزع روح المريض بسبب حبها له، حتى تحضره إليها ليعيش حياة أفضل بجانبها بدلاً من شفائه وبقائه حياً ليعاني مرة أخرى من مصائب ومشاكل الحياة. ويستطيع الساحر أومباكا أن يزعم أن طقوس سحره على المريض قد ساهمت وعجلت في إنتقاله ليتمتع بحياة هنيئة رغدة أزلية بجانب الروح العظيمة. وبهذا الإدعاء البسيط، فحتى فشله في معالجة المريض يمكن تحويله إلى خاصية هامة تدعم مركزه.  
 
فمهما كانت نتيجة سحر كوامي أومباكا على مرضاه، سواءً الشفاء أو الموت، فسحره دائماً ناجح. وهذه الإحتمالات وسهولة تبرير الفشل، هو بالضبط ماتسير عليه جميع الديانات الموجودة حين يستنجد معتنقيها بآلهتهم ويتضرعوا إليها لشفائهم وكشف الكربة عنهم.
 
والقناعة العقائدية لهذه الطفلة المريضة المسلمة، في هذا الفيديوكليب الذي يدمي القلب، هي نفس القناعة العقائدية لمرضى تلك القبائل الأفريقية. وان اختلفت هذه العقائد في سطحها، فهي لاتختلف في جوهرها. فلو كانت هناك قوة ربوبية ماورائية تملك أي قدر من الـــــرحـــــمــــــة، لتبين بدون أي شك فعالية هذا التضرع والتوسل المبكي النابع من أعماق قلب هذه الطفلة المسكينة المريضة في شفائها.
 
ولكن الطفلة قد ماتت بعد كل هذه المعاناة وكل هذا التضرع اليائس المُلِح الذي يعصر القلب. وماذا سيكون تبرير المؤمن لفشل السماء في شفائها؟ تماماً نفس تبرير المشعوذ جوامي أومباكا: أن الروح العظيمة قد فضلت أن تنقلها إلى حياة أزلية أفضل بقربها، أو أن حكمتها لاتفهم. 
 
لايوجد أي اختلاف بين قدرة أرباب الديانات، على تعددها واختلافها، وقدرة السحرة الأفريقية القبلية على الشفاء، فالنتيجة واحدة والحالتين متطابقتين، فالوهم لايزال وهم وإن تعددت وجوهه. وأحذركم أن الفيديو مؤثر جداً:
 
 

 
 
من السهولة البالغة للمؤمن أن يعزي الشفاء من مرض عضال إلى ربه، لأنه من الصعوبة على المؤمن التمييز فيما إذا كان الشفاء ناتج عن العلاج الطبي أو الدعاء والإبتهال إلى الله. ولكن هناك معيار واضح ودامغ يثبت بشكل قاطع أن شفاء الرب للأمراض ماهو إلا وهم وخداع للذات. والمعيار القاضي والدليل القاطع على شفاء الرب للأمراض هو هذا:
 
أروني حالة واحدة، حالة واحدة فقط، من تاريخ البشرية بماضيها وحاضرها، ثبت فيها أن إنسان قد نبتت فيه يد أو رجل مبتورة بسبب دعائه وابتهاله إلى ربه. فمن السهولة الخلط بين تدخل الرب في معالجة المريض وفعالية العلاج الطبي أو الشفاء الذاتي، إذا كانت طبيعة المرض تتجاوب مع مقاومة الجسم الطبيعية للعلة أو العلاج الطبي، ولكن أين علاج الرب بتنمية الأعضاء المبتورة؟ من الواضح أن قدرة الرب تشمل شفاء جميع الأمراض التي يمكن خلطها مع العلاجات الطبية أو الطبيعية، ولكنها تفشل فجأة مقابل إعادة الإعضاء المبتورة لأصحابها. وهذا هو المعيار الصلب الذي يكشف الوهم.   

 
 

(*) ساحر مفترض لهدف التوضيح وليس حقيقي.
 
مع وافر الشكر للأخ/ت المعلق/ة غير معرف/ة على تزويدنا بالرابط.
 


هناك تعليق واحد:

Fas_Qtr يقول...

عورني قلبي عليها :(