الثلاثاء، 28 فبراير 2012

لماذا لايُسجن هذا السايكو؟

في الفيديو كليب أدناه مقتطف لخطبة ألقاها الداعية المصري الشيخ مازن السرساوي على قناة الحكمة في سبتمبر العام الماضي، وهي أحد أسوء الخطب الدينية المحرضة على العنف التي شاهدتها شخصياً تبث على التلفزيون (ولاشك أن هناك الكثير غيرها). وهذا المقتطف القصير منها يبين بصورة جلية ومخيفة حدة النزعات العدائية الإرهابية، ودرجة التعطش الدموي التي يتطبع بها الكثير من الإسلاميون، إنعكاساً لاشك لدموية التراث الإسلامي نفسه.

في بداية الفيديو، يذكر السرساوي رواية عن الخليفة العباسي المهدي عندما قال في حكم قتل المرتد: "والله لو إن لم يبقى من حياتي إلاّ نطق كلمة واحدة لقلت أقتله .... إقتلوه وقطعوا أعضائه عضواً عضواً"، ويقدم تلك الرواية كمثل يحرض الحاضرين والمشاهدين على الإقتداء به!!!

تمعنوا في هذا المقطع، وراقبوا جيداً درجة حماس واندفاع هذا الخطيب المتدين في تمجيد وتعظيم العنف والإرهاب المتمثل في موقف الخليفة المهدي الوحشي من قتل المرتد. وتقديم ذلك الموقف العنيف للمشاهدين كقدوة يجب الإحتذاء بها في التعامل مع كل من يجرأ على الإختلاف معه في عقيدته التي ينتمي هو إليها. لاحظوا بأن السرساوي لايكتفي بِحَثْ المشاهد على مجرد قتل المخالف، بل يحرضه على أبشع صور العنف: ذبحة ثم تقطيعه. 

لايمكن وصف مثل هذه الخطبة كمجرد تحريض محدد لارتكاب جريمة محددة لسبب محدد كالإرتداد، بل هي قوام صغير لأجندة لها أبعاد أعمق من ذلك. هي محاولة لتشجيع العامة من الجماهير على انتهاج منظومة فكرية، هي عنيفة بطبيعتها، إنما حثهم على تبني أعنف أشكالها تجانساً مع عقيدة الداعية. هي محاولة للحجر على الرأي الحر لخنق المعارضة وإسكاتها. هي محاولة لمسخ الهوية الفردية المقوّضة للهوية الموحدة التي تتطلبها قطعنة الشعوب. فيقدمها السرساوي للجمهور على أنها واجب رباني إحتذى به "السلف الصالح" وطبقوه، وبالتالي فهي واجب على مسلموا اليوم أن يتّبعوه ويطبقوه. ولكنها في حقيقتها لاتغدوا عن كونها نداء خليع سافر لارتكاب الجرائم ضد الإنسانية باسم السماء لهدف إحكام السيطرة على البشر والتمكن من توجيههم آلياً لتحقيق أجندتهم.

ويأتينا المراوغون والمتنصلون والسذج في محاولة لإقناعنا بأن الدين الإسلامي دين مسالم!!! كيف يكون ديم مسالم ونصوصه وأحاديثه وسيره مكتظة بمثل هذه النماذج؟ 

حتماً لست ممن ينادي بالحجر على الحريات، وبالخصوص حرية التعبير عن الرأي. ولكن هناك فرق شاسع بين حرية التعبير التي لاتنطوي على أي تحريض للعنف بأي أشكاله، والتحريض السافر على القتل، وبهذه الكيفية السايكوباثية البشعة. ولو ألقيت هذه الخطبة على منصة عامة في أي دولة متحضرة لسيق الخطيب إلى المحكمة ... والسجن.

فلماذا لايسجن السرساوي لتحريضه على القتل؟

أولاً لأن هذه الخطبة ألقيت في مصر، ولايمكن وصف مصر أو أي دولة أخرى بأنها متحضرة طالما كانت ترزح تحت سلطة دينية، وإسلامية بالذات، بصرف النظر عن أي تقدم علمي أو تكنلوجي حققته تلك الدولة، لأن السلطة الدينية (وأقصد أي من الديانات التوحيدية القديمة) هي تعريفياً سلطة سلفية (بمعنى الماضية وليست السلفية الطائفية) تستمد قيمها وأعرافها من تراث جامد لحقبات ماضية وليس من المبادئ المتطورة التي تتميز بها المجتمعات الحاضرة.  

وثانياً، لايمكن سجنه أو حتى منعه من إلقاء خطبه، لأن تحريضه على العنف لم يختلقه عقله السايكوباثي المريض (ولا أستبعد أن مازن السرساوي بالذات يعاني من نزعات سايكوباثية يكشفها أسلوبه الهجومي العنيف على كل من يخالفه عقيدته)، بل إستمده من نصوص قرآنه وأمهات كتب عقيدته. فكيف يمكن محاكمته على نشر سموم هي من مقومات العقيدة؟

فطالما ظلت النصوص والأحاديث مسبوغة بطابع القدسية، فسوف تظل متاحة كمصدر ضبابي مفتوح، يستمد منه كل سايكوباثي مريض، شرعية ربوبية، سواءً بإجماع علمائه أو بتأويله الفردي، ليروي تعطشه الدموي بارتكاب أبشع الجرائم في حق الإنسانية ...

ولن تعالج مشاكل العنف والإرهاب في المجتمعات الإسلامية إلاّ بنزع القدسية عن التراث الديني، ولن يتحقق ذلك الهدف إلاّ بكشف بشريته.
::
::


* * * * * * * * * *

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

لكل مجتمع قوانينه واحكامه ولا يعذر الجاهل ..في اوروبا العلمانيه يسجن من (يشكك) بالهولو كوست..ما رايك بهذا؟؟

صباح هاشم يقول...

التشكيك بحدوث الهولوكوست يترابط دوما مع النازية الجديدة، ولهذا يوضع ناشرو الأكاذيب حولها في قفص الاتهام.

أما ترك الإسلام فهو خيار شخصي محض، لا تعده خطرا إلا عقول تعشق الفاشية والدولة البوليسية، وتستمني على أيام "ديوان الزنادقة" ومذابح النصارى في العصرين الأموي والعباسي وحتى العثماني.

غير معرف يقول...

من أبشع المقاطع التي شاهدتها شخصيا أيضا، وأكثرها وحشية ونزقا. حتى أنه سعيد بما حدث في الهولوكوست.


حتى المقابلة مع الهولوكوست غير صحيحة، فعقوبة الهولوكوست ببساطة، على (التشكيك في وجود المحرقة) كما أنها قضية ربطت بأمن اليهود.

ولكن قضية وجود الله قضية أزلية، فمن هذا الذي ستقطع كل أطرافه، ومن يحدد عقوبة الارتداد.

يعني حتى الملحد العقلاني الموضوعي المحترم ستقطع أطرافه، أم أن المسألة تشمل حتى من يقرر الإلحاد مع نفسه وهو صامت، أم تشمل من يشم في كلامه رائحة الإلحاد.

ما يحدث هو الذبح على الشبهة، وعدم التراجع عند أو شك.

هنئا لكم بهذا المجتمع الإسلامي الوحشي البربري.

هم يعتقدون أن العرب عاشوا قديما في نعيم ونصر حضاري، وما كان يحدث هو أن العرب أيام الخيول والسيوف كانوا يبنون حتى اقتصادهم على السبايا والغزو.

أما اليوم فتغيرت المقاييس، وكل ما سيحدث للمسلمين مع هذا السايكو، هو المزيد من الهمجية والجنون والخبل والخسة والإجرام والكذب والنفاق، وكل ما هو مرض عقلي ونفسي سوف يصبح قائدا للدولة الإسلامية المجنونة.

Reham يقول...

صباح الخير
اولا الحمار دة كان بيتضرب فى امن الدولة وبيتبهدل وبيتمنع هو بس صوته ظهر بعد تراخى القبضة الامنية عن عمد!
ثانيا القناة تمويلها سعودى مش مصرى !
ثالثا محدش بيسمعله الا الحمير امثاله اللى هم بالاساس منبوذين فى المجتمع ولكن التضخيم الاعلامى عرض سياسى ترويجى لسيناريو الجزائر وافغانستان فى مصر !
ودام سعيكم :)

غير معرف يقول...

جريمة تحريض على القتل

basees@bloggspot.com يقول...

لأخ/ت الكريم/ة غير معرف/ة (تعليق 1) ،،

في أوروبا تحاكم بعض الدول من ينكر الهولوكست، وفي مصر لايحاكم من يحرض الناس على ذبح وتقطيع الآخرين.

نعم لكل مجتمع قوانينه وأحكامه.

خالص تحياتي

********************

الأخت العزيزة ريهام ،،

صباح النور والسرور. شكراً على المعلومات الإضافية، والعتب على السلطات لإطلاق سراحه بدلاً من حجزه تحت المراقبة النفسية على الأقل.

خالص تحياتي

********************

مع شكري وتقديري لكل من شارك في إبداء الرأي.