الأحد، 26 أغسطس 2012

نيل أفضل من نبي

::

 
المأثرة التي ميزت في نظري رائد الفضاء نيل آرمسترونغ الذي فارقنا يوم أمس الماضي، وتركت في نفسي طابع لن يزول من ذهني، ليست في وزن إنجازه العلمي كأول إنسان وضع قدمه على سطح جسم خارج الكرة الأرضية، بقدر ماهي في بياض كلماته التي وصف بها هذا الإنجاز الجلل.
 
فبعدما حط رجليه على سطح القمر، وأكمل أول خطوة مشى فيها كائن أرضي على ترابه، أطلق هذه العبارة التي ارتقت إلى قمة سلم الشهرة لمقولات القرن العشرين، والتي يبدو أنها قد صدرت منه عفوياً ولم تكن محضّرة مسبقاً:
 
One small step for a man, one giant leap for mankind
 
خطوة صغير لرجل، قفزة عملاقة للبشر
 
لاحظوا أنه لم ينسب هذا الإنجاز إلى أمريكا (موطنه) أو إلى الغرب (هويته) أو الجنس الأوربي (عرقه) أو يحكره ضمن أي فئة أو حدود معينة أخرى، بالرغم من أنه شخص أمريكي والإنجاز أمريكي محظ، مولته أموال المواطن الأمريكي دون غيره، بل نسب تلك القفزة العملاقة للبشرية جمعاء وشملهم كلهم فيها. مما يشير إلى النظرة الشمولية البعيدة الجامعة التي كانت تحكم فكر هذا الإنسان. وهذا يضعه في مرتبة أسمى وأعلى من مرتبة مفهوم النبوة الإقصائي الإنعزالي الطائفي الذي يفرق بين الناس ويفصلهم إلى فرق نحن وهم، ويعادي كل من لاينتمي إلى فرقتهم.
 
وليتنا جميعاً نحتذي بمثال أرمسترونغ ونحرر تفكيرنا من أصفاد العقلية القبلية التي لاتزال تسود في المجتمعات البشرية، بالخصوص الرملية منها، والتي تحصر نفسها ضمن أسوار جغرافية وطبقية وعرقية وعقائدية وغيرها من الجدران الزائفة الضيقة التي تفصل مابين البشر. فلو اعتبر كل منا نفسه كمواطن دولي ينتمي إلى المجتمع الأكبر الممتد خارج حدود وطنه وطبقته وعرقه وعقيدته، لزاد السلام وعم التآخي والمحبة بين البشر.
 
وهذا بوست سابق يتناول فكرة المواطنة الدولية، مترجم عن خطبة قصيرة للفيلسوف المعاصر أي سي غريلينغ. إضغط هـنـا.
 
 
 
 
* * * * * * * * * *
 



هناك 7 تعليقات:

Techno Science يقول...

بصيص أيها الانسان العظيم
بوست رائع جداً
قضيت شهرا اقرأ كل حرف في هذه المدونة
انت موهبة علمية غير مكتشفة!
أعرفك بنفسي
أنا لا ديني سعودي منذ كنت بالتاسعة من عمري
ألحدت عندما بلغت السادسة عشرة
أنا الان بالثمانية و العشرين و سعيد جداً
السبب هو العلم و نوره المقدس الذي يغمر الارض كمصباح
بل كانفجار شمسي يحرق أعين الظلاميين المهرجين المهرطقين المهووسين المهلوسين المخربين المخرفين المضللين عشاق الخزعبلات
آمنت انه لا اله و لا حتى الله
و ان محمدا ابتدعه مما قرأه و سمعه و رآه
و السلام على من اتبع العلم و اتقى الدين

غير معرف يقول...

تخيل (مجرد تخيل مع أنع من سابع المستحيلات) أن أعرابياً من أتباع الإسلام هو أول من سار على القمر ماذا كان سيقول؟
الحمد لله الذي انعم على المسليمن لنعمة العصود للقمر .. وأذل الشرك والمشركين، والنصارى الأنجاس واليهود قتلة الأنبياء!!
سبحان الذي سخر لنا (ناسا) وما كنا له بمقرنين.

غير معرف يقول...

تحية أخ بصيص

تبقى اسم هذه القامة مغروسة في عقول كل محبي العلم ومحبي الأنسانية، يشعر المرء بصغر حجمه امام هؤلاء الذين افنوا حياتهم في كشف اسرار الكون الشاسع ، بخطوته الجبارة هذه قد خلد اسمه للأنسانية، وتَرِكَتِهِ من هذه الخطوة سوف تتقاسمها الأجيال القادمة لتكمل الخطوات التي هو بدأ فيها.
لكن في المقابل من المؤسف والمخزي لما ذهب اليه البعض حول اعتناقه الأسلام كون فكرة اختراق السماء لم ترق لتجار ومشايخ الدين الأسلامي فهذا الشيء لا يتم الا بفرمان من السماء او عن طريق البغال المجنحة الخارقة لسرعة الضوء بذا كان الأسهل نسب هذا الدين له لتغطية عورة الدين البدائي والمخازي التي فيها، فكم من عالم فذ غربي بالذات نسبت اليه هذه السبة اي الأسلام؟ سوف اذكر مثال واحد هو عالِم البحار Jacques Cousteau هو الآخر نسبوا اليه الأسلام والقائمة تطول، هم كرسوا جل حياتهم للعلوم والاستكشافات لخدمة البشرية بالمقابل يأتي شخص من دولنا التعيسة كل مؤهلاته علوم خرافية لينسب كل عناء العلماء لدين صحراوي، انها بالفعل لمآساة.
دولنا تتفاخر بالأنساب والقبائل والعرق الأصيل وهي لا تسوى قشرة بصلة ان لم نقدم شيء للبشرية ، اتصور النوم هو الحل الوحيد لهذه الشعوب لدرء مصائبهم وتغني لهم تهويدة الأطفال حتى يناموا قريري العين.

شكراً عزيزي على الموضوع وبالفعل خسارة للبشرية هذهِ القامة

مع التقدير

basees@bloggspot.com يقول...

الأخ الكريم تكنو ساينس ،،

أسعد دائما حين أصادف إنسان قد اكتشف الحقيقة، وتزداد سعادتي حين أعرف أنه قد وعى لها في سن مبكر كما حدث معك. فهذا يعني أن عقلك سوف يكون نظيف من شوائب العقيدة وسمومها، لإدراك أرقى وسعادة أعمق وانتاج أفضل للمستقبل.

هنيئاً لك ولكل من اكتسب هذه المعرفة الثمينة، مع شكري وتقديري وخالص تحياتي

************************

وأقدم وافر شكري وتقديري للأخوة/الأخوات المشاركين في التعليق، مع خالص تحياتي

غير معرف يقول...

أهلاً أخي بصيص

فكرة المواطنة الدولية هي فكرة مهمة جداً لي شخصياً و تعارضها الواضح مع الأديان من أهم أسباب تركي للأديان يعني كراهية المسلمين لغيرهم هو شي قبيح, و تعجب لناس يخبرونك أن دينهم دين سلام و محبة و كل هذا الهراء ثم تجدهم يسبون كل البشرية التي لاتأمن بصلعومهم المشأوم و تسميهم بالحيوانات, يعني يا مسلمين هداكم العقل إذا كان الكفرة لايهمهم سوى الأكل و النكاح لماذا إذا هذا الشغف بالعلم و معرفة أسرار الكون. كل المعلومات الأساسية عن الكون أخبرنا بها الكفرة من عمر الأرض و الكون إلا طبيعة الفضاء. و إذا كان الكفرة كالأنعام لماذا يقدمون المساعدات الإنسانية لكل البشرية. يا مسلمين إنا الذين يحرضونكم على الكراهية إنما يفعلون ذلك لأسباب سياسيةو إن الطبيعة البشرية السوية ترفض الكراهية الشديدة و الحقد. في كلام جميل لتوماس باين في مسألة الفكر الإنساني و المواطنة العالمية (The world is my country, all mankind are my brethren and to do good is my religion)
تحياتي للجميع صديق الأحرار

عبدالعزيز يقول...

اخي بصيص
لقد شاهدت ع الجزيره الوثائقيه برنامج يتكلم عن هذا الانجاز
ويذكر هذا الفلم الوثائقي ان هذا العالم قبل ان يضع قدمه ع سطح القمر فتح الكتاب المقدس وقرا بعض اياته وشرب النبيذ ومن ثم نزل ع سطح القمر
هل من المعقول عالم مثل هذا يعتقد بمثل هذه الخرافه؟؟؟؟؟

basees@bloggspot.com يقول...

أخي الكريم عبدالعزيز ،،

ربما اختلط عليك أو على الجزيرة إسم الرائد الذي قرأ "الكتاب المقدس"، فهو لم يكن نيل آرمسترونغ بل زميله الرائد بَز ألدرين الذي طلب من ناسا مهلة للتأمل قرأ فيها بعض آيات الإنجيل بينما كان نيل آرمستروهغ صامت خلال تلك الفترة.

وهذا ليس غريب، فليست جميع الشخصيات العاملة في المجالات العلمية والبحثية لادينيين، فبعضهم لايزال يرزح تحت دين محيطه، لايستطيع التخلص من سلطته.

خالص تحياتي