الثلاثاء، 8 مارس 2011

فرض الجهل بالتهديد بالقتل

::

الدكتور أسامة حسن يشغل منصبين هامين، إنما برأيي متضاربين تماماً في مبادئهما .... 

فهو أستاذ محاضر لمادة العلوم الطبيعية في جامعة ميدلسكس البريطانية، وفي نفس الوقت إمام لمسجد التوحيد في منطقة ليتون شرق لندن. والتوفيق مابين الوظيفتين المتضاربتين لايبدو أنه محاولة كانت تؤرق الدكتور أسامة طالما ظل محتفظاً بالمنهج الفكري الذي تبناه لتكييف المبادئ الدينية مع نقيضتها المبادئ العلمية لنفسه بدون كشفه لجموع المصلين في المسجد ... لأن عواقب كشفه لهم، كما ثبت لاحقاً، سوف تكون وخيمة ... عليه طبعاً ...

فقد هدد بالقتل بسببها.

وموجز القصة هو أن الدكتور أسامة يحمل قناعة راسخة تجاه حقيقة تطور البشر والمخلوقات الأخرى، تبلورت لاشك كنتيجة لثقافته العلمية الغربية التي لا تخضع لمقص الرقابة الدينية، ويرفض كنتيجة حتمية لهذه القناعة التفسيرات الدينية الشائعة والمقبولة في الدين الإسلامي وباقي الأديان التوحيدية الأخرى التي تنص على أن الإنسان قد تم تشكيله من طين على هيئته الحالية ثم بثت فيه الروح بعد ذلك. ويعتبر أن هذا التفسير الديني عن كيفية ظهور الإنسان على الأرض هو، على حد تعبيره، "أصلح لمدارس الأطفال" وليس للبلوغ الذين يتوجب عليهم أن يقبلوا نظرية التطور ويكيفوا معتقداتهم معها كونها لاتتعارض برأيه مع قصة الخلق الدينية.

كلام جميل ... فهناك إعتراف على الأقل بصحة النظرية التي اكتسبت الآن مركزاً علمياً يفوق في أهميته وصلابته أي نظرية علمية أخرى، أما التفاصيل التي ترتطم بالمبادئ الدينية وترفض الرضوخ لأي محاولة للتكييف، فهذه يمكن كنسها تحت السجادة، كما فعلت الكنيسة الكاثوليكية عند قبولها للنظرية ...

ويرتقي المؤمن بعلومه بعد تبنيها ولكنه يظل في نفس الوقت على إيمانه ... بديع ... صح؟

نعم، بديع لو لم يصر البعض على تعلقهم بالجهل وفرضه على الباقي ..
بديع لو لم يكن هناك آلية في غاية الفعالية أتاحتها لهم الأحكام الإسلامية لإخضاع الناس وإجبارهم على إتباع مايُملى عليهم، بغض النظر عن مدى هشاشته أو خرافته ...

هي آلية التهديد بالقتل ... والتخويل كارت بلانش(1) بتنفيذه عليهم.

لم يكن بديع في الحقيقة عندما وقف الدكتور أسامة خطيباً في المسجد يحاول توعية الحضور بأحد أهم الحقائق العلمية عن أصولهم ووجد أن كلامه لم يعجب شرذمة صغيرة من الأصوليين المتواجدين الذين أتهموه خلال خطبته بالردة وطالبوا بقتله!

طالبوا بماذا؟
بقتله!
ولماذا طالبوا بقتله؟
لأنه كمسلم أقر بصحة النظرية ... فقط!!!

كانت الكنيسة الكاثوليكية تحرق مخالفيها أحياء خلال القرون الوسطى، ولكنها أرغمت على شيئ من التحضر خلال العصور التنويرية لتحصر عقوباتها على الطرد من الملة، بعكس المسجد الإسلامي الذي لايزال يتمسك بعقوبة حز الرؤوس مدعم بالمؤسسات الرسمية التي تهيمن عليها المؤسسات الدينية. 

وهذا كل ماتطلب لتنازل الدكتور عن رأيه والإعتذار عما بدر منه من أقوال، فحياته أثمن من محاولة توعية أمة تلوح بالسيف تهديداً ضد أي محاولة لانتشالها من جهلها الموروث.

وتظل أمة بأكملها تتمسك بـ "تفسيرات مدارس الأطفال"، حسب تعبير الدكتور أسامة، أن الإنسان هو تمثال من طين بثت فيه الروح، تفسير لم يظهر دليل علمي واحد ليدعمه، وتتجاهل حقيقة تطوره الذي لم يظهر دليل واحد لينقضه، لأن من يجرأ على مخالفة ماتعتقده الأمة في الإسلام فلايحاور أو يناقش أو يحاجج، فهذا أسلوب العاقلين ...

إنما يقتل ... لأن هذا أسلوب الإرهابيين.


(1) كارت بلانش = Carte Blanch  صلاحية كاملة.

المصدر

   * * * * * * * * * *

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

المسلم مأمور بالبحث في الكون
وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)

المسلم مأمور بأعمال العقل
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)

و القرأن يشير الي التطور في الخلق
مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)

يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)
khamies62@yahoo.com