الاثنين، 14 يناير 2013

السعودية تطلق رابع مركبة فضائية إلى المريخ

::
 تم بعون الله وفضله يوم أمس الجمعة بعد صلاة الظهر مباشرة، وبين هتافات تكبير طاقم العلماء في غرفة التحكم والمراقبة والمواطنين المتواجدين حول قاعدة الإطلاق قرب مدينة مكة المكرمة، إطلاق المركبة الفضائية البراق الثاني في رابع رحلة لها إلى كوكب المريخ تنظمها وكالة الملاحة الفضائية لاتحاد الدول الإسلامية.
 
مر بذهني هذا العنوان الخيالي الطريف عقب مشاهدتي هذا الفيديوكليب الرائع لإطلاق المكوك الأمريكي أطلانطس إلى المحطة الفضائية الدولية عام 2009.

ومراقبتي لعملية احتراق الوقود في بداية الإطلاق، والإرتفاع العمودي المتوازن الدقيق للمركبة، وتسارعها في الفضاء الخارجي الذي تخترقه خلال دقائق قليلة بسرعة تتعدى الـ 20000 كيلومتر بالساعة، وإدراك مستوى تعقيد وتقدم الأجهزة المستخدمة في تصميم وإنشاء المركبة وقواعد الإطلاق والتحكم، ودرجة العلم والمعرفة التي أوصلت النخبة القائمة على هذه العملية إلى تحقيق هذا الإنجاز الشاهق، غمرتني بإحساس عميق لمدى تقدم هذه الشريحة المبدعة من البشر، ومقدار تخلف شريحتنا المطموسة التي نعيش بينها.
 
 
 
متى ياترى سينشر الإعلام خبر إطلاق مركبة فضائية إلى كوكب أو قمر من دولة إسلامية بجهود وعلوم وتقنية محلية؟
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وحتى الهند، كلهم أطلقوا مركبات إلى الفضاء، بينما لم تطلق أي دولة إسلامية، مفردة لوحدها أو مجتمعة مع أخواتها، صاروخ واحد من إنتاجها ليصعد حتى بارتفاع نخلة.
متى ياترى سنرى في الأسواق، كمبيوترات وموبايلات من تصميم وإنتاج، وليس من تجميع فقط، دولة إسلامية؟
أوكي، دعونا من هذه الأحلام، فالنرجع إلى الأسئلة الواقعية:
متى سنرى إبرة خياطة أو شفرة حلاقة، من إنتاج دولة إسلامية؟
لاأدري بصراحة ما إذا تقدمت أي دولة إسلامية إلى هذا المستوى من التصنيع، أم لازالوا يستوردون أبرهم وشفراتهم من الخارج؟ هل هناك دولة إسلامية تصنع إبر للخياطة أو شفرات للحلاقة؟ لا أدري، أفيدوني.
 
ومالسبب ياترى؟
سأكون عادل وأقول بأن الأسباب كثيرة ومتعددة ومعقدة، ولن أتناولها في هذا البوست، إنما يطل علينا من بينها عامل جذري وأساسي بسيط، لعله أهمها، سوف يضمن تجاهله وعدم التركيز عليه البطء والتخلف عن ركاب المجتمعات الأخرى في التقدم العلمي والتقني، وهو صب الإهتمام التربوي، وتوجيه المصدر المالي، وتكريس الجهد التعليمي، وتخصيص أكبر قدر من الوقت لتدريس العلوم الطبيعية، من فيزياء وكيمياء وأحياء، وتشجيع الطلبة على اعتناقها ومتابعتها إلى المستوى الجامعي وما بعده.لأن هذا هو الأساس وهذه هي القاعدة التي ينطلق منها أي تقدم تكنلوجي، وبدونها فالتخلف في هذا المجال مضمون.
 
إنما المشكلة أن الأولويات التربوية والتعليمية في المناهج المدرسية في الدول الإسلامية مصابة بعاهة فكرية حادة إسمها الرؤية الدينية، التي لاترى ولاتميز الأمور من حولها إلاّ من خلال عدسة ضبابية قديمة مغبشة. فالآداب والأخلاقيات والتوجيهات والعلوم والمعارف كلها لاتقيّم هناك إلاّ من خلال هذه العدسة.
 
عندما ذهب العالم الفيزيائي الباكستاني أحمد عبدالسلام، المسلم الوحيد الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، إلى الدول الخليجية في السبعينات ليحثها على الإهتمام في تدريس العلوم الطبيعة، والفيزيائية بالخصوص، لتلاميذها، وجد حماس من المسؤولين لرفع مستوى التدريب التكنولوجي في مدارسهم، ولكن فتور وتخوف منهم ضد تدريس القاعدة والأساس التي تقوم عليه التكنلوجيا، وهي العلوم التجريبية الطبيعية. والسبب في هذا الفتور هو تخوفهم من تنبيه الطلبة إلى التضارب بين ما تمليه العلوم التجريبية وماتمليه النصوص الإسلامية.
 
كان هذا موقف المؤسسة التربوية في الدول الخليجية تجاه تدريس العلوم الطبيعية قبل أربعين سنة. فما هو موقفها اليوم؟
 
لا أعرف في الحقيقة مايحدث في مدارس الدول العربية اليوم، فليس هذا موضوع يشد اهتمامي لأبحث فيه، ولكني صادفت قبل بضعة أيام هذا الخبر عن قرار يوشك أن يطبق في مدارس اندونيسيا، أكبر الدول الإسلامية وأكثرها تقدماً، وهو قرار دمج حصص العلوم الطبيعية، كالفيزياء والكيمياء، مع حصص العلوم الإجتماعية، كالإقتصاد والتاريخ واللغات. أما كيف يمكن دمج علم الفيزياء مع علم الإقتصاد في نفس الحصة، فهذا لا يزال لغز بالنسبة لي، ولكن ماهو واضح هو السبب وراء هذا القرار التخريبي الخائن، الذي يخون به المسؤولين المسلمين أبنائهم وبناتهم والأجيال المستقبلية بتفتيت القواعد العلمية التي يرتكز عليها تقدم التقني للمجتمع.
 
والسبب في هذا التخريب هو النية لزيادة عدد الحصص الدينية في مقررات التدريس، والذي سيتطلب إقتطاع وقت مما هو مخصص لتدريس المواد الأخرى، وتحويل ذلك الوقت المسروق إلى الدراسات الدينية. ولا تحتاجوا لتخمين أن خيار الإقتطاع قد وقع على المواد العلمية، التي ستزاح من الوقت المخصص لها لتملأ الفراغ دراسات عدد مصات الثدي لرضاع الكبار، وما اذا قد زعقت النملة أو استخدمت تبادل الخواطر ليسمعها سليمان، وهل دفع يونس إيجار إقامته في هيلتون الحوت أم هرب منه بدون دفع؟
 
ولماذا تضحية العلوم الطبيعية بالذات لهذا الهدف من بين جميع المواد الأخرى؟ أعتقد أن أخوانهم المسلمون في الخليج قد أجابوا على هذا التساؤل قبل أربعين عام في ردهم على تساؤل أحمد عبدالسلام.
 
فبموجب هذه العقلية، يمكن تصور الوضع حين تتوصل أي دولة إسلامية إلى إنتاج وإطلاق مركبة فضائية تهبط على المريخ، إذ سوف يكون باقي البشر آنذاك قد انتقلوا إلى مجرة أخرى، وتركوهم على الأرض والمريخ، قريبين من كعبتهم ينتظرون قيامتهم.
 
* * * * * * * * * *


هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

الخبر يتحدث عن اندونسيا وليس ماليزيا

basees@bloggspot.com يقول...

تم التصحيح، شكراً على التنبيه.

خالص تحياتي

Unknown يقول...

كم تعجبني تدويناتك


السؤال هنا . لو هبط المسلمون على المريخ
كيف سييتقبلون القبله ؟
كيف يتيقنون من دخول رمضان و المريخ له قمران ؟

غير معرف يقول...

المسيحية بطبيعتها ومحتواها لا تملك كم المقاومة والممانعة الذي يملكه النص الإسلامي بشقيه، القرآن والحديث. بل لا تملكه أغلب الأديان الأخرى، وتعود هذه الممانعة للطبيعة الأعرابية التي تشبها النص الإسلامي، القائمة على الإزدواجية والتحايل والانفعال وكراهية الآخر، وتحقير التفكير، ولكن بثوب مقدس يدعي الفضيلة والكمال.


مشكلة المسلمين أنهم يرون القرآن يحث على العلم، لأن الرسول حرر الأسرى المتعلمين مقابل تعليم الأميين المحاربين في جيشه، ويحث على الاستكشاف لأن القرآن يقول سيروا في الأرض، وبالمقابل فهو يكفر من يعارضه بالقول بالتطور ومعارضة نظرية الخلق، ويكفر من يتمركز بالعلوم الإنسانية لأنه تجاهل القرآن والسنة.

فلا يعرف المسلم المعتدل المسكين ماذا يفعل بنفسه، هل هو حر أم مجرد عبد للمفوضين إلاهيا.

لذلك وبكل بساطة، لن يكون هناك أي تقدم علمي وتكنلوجي إلا بتجاهل الإسلام عن بكرة أبيه، بدلا من مهزلة إثبات العلوم التجريبية والإسلام بأقوال نص خرج من بيئة مضى عليها 1400 عام، أخذت بدورها القليل مما توصلت له العلوم البدائية القديمة.
-----

لوجيكال

غير معرف يقول...

الجماعة يا أخي مش فاضيين لك ..
هما دلوقتي مشغولين بالإبل ويراقبون كيف خلقت .. من أول التعارف بين البعير وبعررورته لغاية خروج إبن الخطيئة ..
بعد أن ينظرون إلى الإبل كيف خلقت .. سيكون بالإمكان معرفة الصواريخ وبقية الكلام الفاضي

غير معرف يقول...

متى ياترى سينشر الإعلام خبر إطلاق مركبة فضائية إلى كوكب أو قمر من دولة إسلامية بجهود وعلوم وتقنية محلية؟

بعد يوم القيامة، بخمسة سنين لأن اخونا العبقري يقطع وقته خمس مرات باليوم ليردد كلام لم يختاره هو، فتقطع أفكاره العبقرية خمس مرات باليوم، عدا عن الأيام التي يحتاج إليها الحج إلى مكة لرجم الشيطان وتقبيل الحجر الأسود