الاثنين، 2 أغسطس 2010

إقهمي ياحكومة



يزور أغلب البلاد العربية، لاسيما الصحراوية منها، حالياً بدون إستظافة أو دعوة، عابر متطفل ثقيل غير مرغوب. فهو عدائي، قاسي، شرس، ناري المزاج، ملتهب الطبع، مكروه لايطاق، يتسلل إلى المنطقة في هذا الوقت من كل سنة بدون القدرة من أحد على منعه من الدخول أوطرده عند الحلول، فيرزح بين الناس غير عابئ أو مهتم بأحد، ويغادر متى حلى له الوقت وتهيأ له الرحيل. فجرت العادة أن يهرب منه المتمكن خلال فترة إقامته ويظل يعاني منه من لم يقتدر، ليرزح تحت ثقله ويتحمل سوء طبعه ويعاني من لفحات أنفاسه إلى أن يتفضل عليهم برحيله.

هذا الزائر المنبوذ يُسمى بالصيف.

يمر هذا الزائر المحموم على الدول التي شائت الجغرافيا - والبعض يقول الله - أن تنثرها في ممره، وحيداً في العادة. ولكن يصاحبه بين حين وآخر رفيقٌ جلف فظ غليظ أشد منه عداء وقسوة وشراسة، ليس زائراً عابراً إنما هو أحد سكان المنطقة والمقيمين فيها، تراه يتسكع في أزقتها وأروقتها، محتداً في عداوته ومتقلباً في ضراوته، وملبياً لدعوات أهله وأسياده من الذين ربوه ورعوه وغذوه واستغلوه كلما استدعت حاجاتهم الإنتهازية الجشعة إلى وغده وبطشه.

هذا الرفيق هو طيف القمع والظلم والجور والإجحاف والقهر، يتخفى بعدة أقنعة ولكن وجوده محسوس ملموس تفضحه روائحه النتنة وأقنعته البشعة.

كان هذا الطيف قابعاً منذ زمن ليس بالقصير في الكويت، دولة إنتاج النفط والقرع (كان الإنتاج بطيخاً من الدرجة الرفيعة في السابق ولكن سوء الإدارة دهورة المحصول إلى قرع بدرجة العلف الآن)، ولكن الصيف قد أقبل الآن وتزامن معه ليضاعف المعاناة على المواطن المسكين وكأنما بتدبير باثالوجي سادي من الحكومة هناك متمثلة برئاستها التنفيذية المتأطرشة المتعامية التي إما أنها لاتفهم حين تسمع أو ترى، ونحن نظن أنه تسمع وترى، أو أنها مخرومة الأذنين ومسمولة العينين، فهي فعلاً لاتسمع ولاترى ندائات مواطنيها وتلويحاتهم لها بالذهاب، فهي في كلتا الحالتين تعيش إذاً في عزلة إحساسية محكمة لاتسمح لها بأن تقود دراجة ناهيك عن دولة، وتنزع عنها شرعيتها السياسية تماماً. 

هذا الطيف القمعي المتسكع النتن ألبسوه الآن القناع القضائي، وأمسكوه خرق التكميم بيد وهراوة الجزاء باليد الأخرى، وأمروه بأن يطرق بها كل رأس رفعه الضمير والغيرة والتفكير من فوق حيطان ستر الفساد ليجرأ على فضح أهله وأسياده، إن لم يكمم إولاً كل من حاول فتح فاهه.

القدرة على المخاطبة والتعبير هو أسلوب في التواصل امتاز به البشر دون غيرهم من الكائنات، وهو حق إنساني أساسي غدى له من القداسة والتبجيل ماأثار حروباً شعواء طحوس شُنّت صيانةً له وذوداً عنه حتى لم يخلو أي دستور منه لشعب متحضر. ولكن حكوماتنا تحت تأثيرات مزيج مخاطي من العوامل التاريخية والسياسية والعقائدية قد طورت بعد قرون من الممارسات والتدريب بلاهة مصطنعة في فهم اللهجة المؤدبة الرزينة وصعوبة مسطحة في إستيعابها تمكنها من التهرب والتملص حين تخاطبها بها شعوبها لتطالبها بمنحها حقوقها في التعبير وممارسة الحريات الأخرى التي كفلتها المنظمات الدولية للبشر لتنحى حكوماتنا عنها إلى فرض الذل والقهر.

وللتغلب على تلك الرعونة في الفهم، ماذا لو أستخدمنا في باقي هذا المقال أسلوب خطابي آخر قد يكون أكثر وضوحاً في أعين الأنظمة الجائرة وأشد وقعاً على أذنها وأكثر مماشاةَ لعقليتها الفاسدة التي تتمتع هي بها وتعاني شعوبها منها.

في دعوى قضائية نشرها موقع "البصل" ، رفعت محافظة تشارلستون في كارولاينا الجنوبية في الولايات المتحدة تلك الدعوى ضد فرقة مسرحية إسمها "لاعبين كاناوها" إعتراضاً من المحافظة على مستوى الإباحية في أحد عروض هذه الفرقة، ووصلت القضية بعد أن إجتازت عدة مراحل قضائية إلى المحكمة الفدرالية العليا The Supreme Court التي هي أعلى مرحلة قضائية في الولايات المتحدة.

بعد الإستماع إلى مرافعات الطرفين، أسقط القضاة بإجماع سبعة (من مجموع تسعة قضاة) في تلك المحكمة العليا الحكم السابق الصادر لصالح المحافظة بحكم نهائي جديد لصالح الفرقة المسرحية.

وخلال المرافعة، أعرب قضاة المحكمة العليا عن سخطهم العارم لما اعتبروه انتهاكاً سافراً من المحافظة ضد حق الفرقة المسرحية في التعبير كما كفله "التعديل الأول" First Amendment من الدستور الأمريكي . أنقل لكم بعض الإقتباسات من أقوال القضاة الذي سُجل في محضر الحكم، كما نشرها الموقع المذكور، وأوجهه لحكوماتنا لعل لهجة القضاة وأسلوبهم في التعبير عن غضبهم يكون أكثر وضوحاً على أعين ومسامع الأنظمة القمعية الحاجرة على والمنتهكة لـ حرية النقد والتعبير واختيار العقيدة - أو تركها - والمساواة بين البشر في جميع بلاد العالم (سوف أترك الإقتباس باللغة الإنجليزية ليعطي أقصى مفعول):

كتبت القاضية روث بيدر غينزبيرغ:

It is the opinion of this court that the right to speak without censorship or fear of intimidation is fundamental to a healthy democracy. Furthermore, the court finds that the right to say whatever the hell you want, whenever the hell you want, is not only a founding tenet, but remains essential to the continued success of this nation.

وأضافت:

In short, freedom of speech means the freedom of f***ing speech, you ignorant c**ksuckers.


وقال القاضي كلارِنس توماس:

I don't know what kind of bullshit passes for jurisprudence down in the 4th Circuit these days, but those pricks can take their arguments about speech that 'appeals only to purient interests' and go suck a dog's asshole.


وقد يكون أبلغ تعبير لهذه الإنتهاكات لحقوق المواطنين هو ماكتبه القاضي ستيفن برايَر معبراً عن رأيه في القضية:

The plaintiff clearly brought this suit without reading the f***ing Bill of Rights. I'm not referring to a thorough grounding in the subtleties of Constitutional law, but rather, the 15 f***ing seconds it takes to read Amendment I, because after 230 goddamn years of the US Constitution, the general citizenry ought to know their own First F***ing Amendment. But it seems that gang of hillbilies is too busy cornholing they's cuzzins to pick up a book, so in review: it doesn't matter how f***ing annoying the speech is, nor how filthy the speech is, nor how f***ing insufferable to a douche-nozzle the speaker is; if we adopted the practice of suspending fundamental rights every time some dried-out c**t from the sticks was offended by the word "balls", this country would be f***ed five ways from Fudrucker's.

وحيث أن الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية بالذات لاتعير إنتباهاً لخطاب المواطن لها، فسوف أعيد ماقالته القاضية روث بيدر غينزبيرغ بأسلوبها الـ ... آآآه .. بماذا نصفه؟ ... بالساخط، وأوجهه إلى تلك الأنظمة علها تفهم هذه المرة مدى حنق مواطنيهم عليها :

"freedom of speech means the freedom of f***ing speech"


فهمتي ياحكومة ؟

وهذه القاضية روث غينزبيرغ تعبر عن شعورها تجاه كل فرد أو نظام إنتهك أي حق من حقوق الإنسان :
::
::
متى بدأت التجربة الديموقراطية في الكويت؟ هل الكويت دولة ديموقراطية؟ مامستوى الديموقراطية في الكزيت؟ ماهو نظام الحكم في الكويت؟ هل نظام الحكم ديموقراطي في الكويت؟ ماهو مستوى سقف الحريات في الكويت؟ ماهو الوضع السياسي في الكويت؟ هل الكزيت مستقرة سياسياً؟ مامدى نجاح التجربة الديموقراطية في الكويت؟ هل فشلت الديموقراطية في الكويت؟ ماهو مستقبل الديموقراطية في الكويت؟ ماهي مشاكل الديموقراطية في الكويت؟ هل يوجد تعارض بين المؤسسات الدينية والمؤسسات المدنية في الكويت؟ هل توجد مشاكل بين المؤسسة الدينية والمؤسسة المدنية في الكويت؟ هل توجد مشاكل بين الدين والديموقراطية في الكويت؟ هل توجد مشاكل بين السلطة الحاكمة والسلطة التشريعية في الكويت؟ هل نظام الحكم في الكويت ديموقراطي؟

تنويه: هناك ملاحظة لي في صفحة التعليقات
::

هناك 9 تعليقات:

basees@bloggspot.com يقول...

تنويه: القضية المقتبسة من موقع "البصل" هي في الحقيقة وهمية لم تحدث. موقع "البصل" يتميز بمحتوياته الكوميدية الساخرة، والهدف من نشري لهذه القضية هو:

TO MAKE A FORCEFUL POINT

شكراً على تفهمكم

الحمار الحكيم يقول...

قل لي ماذا كنت ستكون لو ولدت واكتشفت بأنك حاكم ؟


بوست جميل

والعقل المستعان

Pure يقول...

بصيص

مادري اش فيني
لحد الحين ما قريت بوستك

ههههه
أحتاج وقت أكثر

بس مريت
وما شفت تعليق

حبييت أخبرك إني ما علقت
هههههه

Just to let u know
that I care

(:

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي الحكيم ،،

إسمح لي لم أفهم السؤال: ماذا سأكون أو ماذا سأفعل؟

سأكون حاكماً طبعاً، أما ماذا سأفعل فإنه بالإضافة إلى القيام بمهام العمل الستاندرد الروتيني لأي حاكم من مكافحة الفساد ونشر العدل والمساواة وتوفير السعادة والرخاء بين أفراذ الرعية، سوف أنظر في أسباب التخلف في مجتمعنا وأعمل جاهداً على مكافحته. إذ أني لاأعتقد أن هناك أي نظام حاكم في أي من مجتمعاتنا أبدى اهتمام كافي لهذه المشكلة التي تبدو أنها مزمنة عندنا لعدة أسباب على رأسها برأيي هو تأثير الدين.

وأتوقف هنا لأن هذا موضوع طويل.

ولك تحياتي

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزتي Pure ،،

لاعليك ياعزيزتي، اقرأي البوست متى ماسمح لك الوقت، أو لاتقرأيه إن لم يسمح بذلك ..

But glad to know you care

لك تحياتي

الحمار الحكيم يقول...

وصلت الرسالة :)

العزيز بصيص

حكامنا في الدول الخليجية خصوصا (أعني الحكام الحاليين ) ولدو حكاماً,
كيف ؟ غير مهم أن نعلم .. لأننا ولدنا رعية :)

والجوانب التي ذكرتها عن القيادة وماذا ستفعل هي رؤيتك لو صرت حاكماً وليس إن كنت حاكماً ... هذا هو الفرق بين عقلية الحكام والشعوب لدينا ... فالشعب يريد والحاكم يريد مالا يريده الشعب والا كيف سيثبت بأنه حاكم جيني (وأقصد جيني استدلال على توريث الحكم)أو كيف سيشعر بأنه حاكم؟

,,, تذكرت قصيدة مظفر النواب "قمم"

جلالة الكبش على سمو نعجةٍ على حمارٍ بالقِدم ...


والعقل المستعان

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي الحكيم ،،

الأسلوب الذي سوف ينتهجه الحاكم تجاه رعيته من الطبيعي أنه سوف يعكس بشكل عام مزيج من عوامل المحيط الذي نشأ فيه وشخصيته الفطرية.

بالنسبة لمشكلة القيادة السياسية في أغلب الدول النامية ديموقراطياً بشكل عام والكويت بشكل خاص أن المحيط الذي ينشأ فيه القادة لايزال يمر في مرحلة انتقالية من الحكم المطلق إلى الحكم الديموقراطي، وهي مرحلة مهزوزة تفتح ثغرة تحاول ملأها القوى السياسية بصراعات تفتح المجال للفساد وتضيق الأبواب على الضبط والمسائلة. والحكام لدينا ليسوا إلاّ حصيلة هذه العوامل المتضاربة.

يناءً عليه، ففي الكويت لاأرى إلاّ إستمرارية في الفساد إلى أن تنتهي المرحلة الإنتقالية (؟؟؟) أو أن يظهر قبلها حاكم تتطابق جيناته مع عبدالله السالم.

ولك تحياتي

EXzombie يقول...

يقول هايف عليه السلام

انه يحيي المملكة و الامارات على خطواتهم المشكورة لقمع البلاك بيري لأنه مدعاة للفساد و انحلال الاخلاق، رغم ان الامارات و السعودية منعوا الخدمة لعدم قدرتهم على مراقبة و تتبع الرسائل و الخدمة بشكل عام مما يعني وجود ثغرة امنية في نظامهم

خلط الماء بالزيت ديدن وكلاء الجنة في تفسير و شرح ما يروق لهم حسب شهواتهم

اما بالنسبة للمنع و المراقبة فهو علامة مميزة للعرب

مع خالص تحياتي لك على الموضوع القيم
و استسمحك المشاركة في نشره على الفيسبوك

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي Exzombie ،،

نعم، المندوب السماوي هايف لم يخرج في تصريحه هذا عن الأسلوب التلفيقي الملتوي المتبع عند هذه الشريحة المكبلة فكرياً، والذي أصبح الآن أحد الأدوات الضرورية في سعيهم المقدس لوهبنة العالم.

ولك الحرية ياعزيزي في مشاركة الموضوع في الفيسبوك.

مع تحياتي