الخميس، 14 يوليو 2011

خواطر هرطقية - كيف تصل إلى السماء

::

الثقب الدودي

يبلغ نصف قطر الكون، من الكرة الأرضية كمركزه في الوسط إلى أقصى طرفه المرأي، حوالي 46.2 بليون (مليار) سنة ضوئية. بمعنى لو إنطلقت مركبة فضائية من الأرض لتصل إلى طرفه، سوف تستغرق رحلتها 46.2 بليون سنة إذا إنتقلت بسرعة الضوء.

(في واقع الحال، الإنتقال بهذه السرعة مستحيل عملياً، وحتى لو أمكن فلن تصل المركبة إلى طرف الكون أبداً لأن الكون في توسع مستمر، تفوق سرعة تباعد المجرات في أطرافه عن مركزه سرعة الضوء نفسه. ولكن الهدف من هذا المثال الجدلي هو إعطاء صورة للقارئ عن مدى حجم الكون).

والمساحات الشاسعة مابين كواكبه ونجومه ومجراته لاتحوي غير فراغ تقارب درجة البرودة فيه حرارة الصفر المطلق. وحيث أن التلسكوبات الحديثة، كتلسكوب هَبل Hubble ، سبرت أعماق هذه المسافات الهائلة لتلتقط صور لمجرات قريبة من أطراف الكون ولم تلاحظ أي سطح سمائي بيننا وبين تلك المجرات البعيدة، فلابد أن تكون السماء خارج الكون المرئي، أي أبعد من 46.2 بليون سنة ضوئية.
::


مجرات في طرف الكون إلتقطها تلسكوب هَبل، مشار إليها بالأسهم في المربع داخل الصورة الكبيرة

هذه الحقيقة تثير عدة تساؤلات تخص مايرد في التراث الديني عندما يذكر السماء ومايجري بينها وبين الأرض من أحداث. ولكني في هذا البوست سوف أكتفي بتساؤل واحد بسيط أطرحه وأجيب عليه لإبراز التباين مابين الرؤية العلمية لما يمكن أو لايمكن تحقيقه والتأكيد الديني لما تـم تحقيقه في هذا الشأن، والسؤال هو:

ماهي أفضل وأسرع وسيلة للإنتقال من الكرة الأرضية عبر تلك المسافات الهائلة إلى طرف الكون؟
توجد وسيلتان: الوسيلة البشرية، بقصورها البشري. والوسيلة السماوية بكمالها الرباني.  

الوسيلة البشرية تحتم تصنيع مركبة فضائية تتمكن من السفر بسرعة تتجاوز بكثير سرعة الضوء، وهذه حسب العلوم الفيزيائية والإمكانيات التكنلوجية الحالية مهمة مستحيلة. أو ربما بتطبيق وإستخدام إحدى خصائص نظرية آنشتاين النسبية والمسماة بـ "الثقب الدودي"  Wormhole  للتنقل بين أرجاء الكون بسرعات فورية. وهذه وسيلة محتملة نظرياً إنما مستبعدة عملياً. إذاً في كلتا الحالتين، الوصول إلى طرف الكون يظل هدف يستحيل تحقيقه من قبل البشر ضمن علومهم الفيزيائية وإمكانياتهم التقنية الحالية.

أما الوسيلة السماوية المتكاملة للوصول إلى أطراف الكون فهي، كما عهدنا من جميع وسائل التراث الديني، تتسم بالبساطة وتخلو من أي تعقيدات علمية أو هندسية أو تقنية، وتتمتع في ذات الأون بفعالية عالية وأداء فائق ونجاح مؤكد. ولعل بؤرة الإعجاز فيها تكمن في تصميمها البارع الذي يتوازى مع خيالات الأولين في العصور الوسطى، وهي:

إستخدام البغال المجنحة. 

* * * * * * * * * *

ليست هناك تعليقات: