الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

على وشك إحياء الحجر

::

ماذا لو استطاع أحد أن يُحيي تمثال في عصرنا هذا؟

أن يأتي شخص بصخرة صماء، كيفما كان شكلها، ثم يعالجها بطريقة ما فتتحول تدريجياً إلى كائن حي! ماذا ستكون أصداء هذا الإنجاز؟ كيف سينظر أكثر البشر إلى هذا الشخص، وكيف سيُعامل؟

كإنسان رباني مقدس، وُهِب بقدرة ألوهية؟

طيب، ماذا لو أصبحت عملية إحياء الصخور وتحويلها إلى كائنات حية، مجرد إجرائات عادية تجري في شتى المختبرات بشكل روتيني متكرر بواسطة أي إنسان مدرب علمياً على هذا العمل؟ هل تُكلل رؤوس علماء البايولوجيا وفنيوا المختبرات بنفس تلك الهالة القدسية أيضاً؟

لأن إحياء الجماد هو مايسعى جيرالد جويس إلى تحقيقه في المختبر، وإن ظن أحد أن هذه العملية الخلقية محصورة على القدرات السماوية فقط، فيأسفني أن أخيب ظنه بإعلامه بأن السيد جويس .. البشري .. قد أنجز الآن خطوة هامة في حقل هذه التجارب المذهلة واقترب من هذا الهدف، والذي بالمناسبة سبقه إليه كريغ فنتر الذي حققه بمنهج آخر(إضغط هـنـا وهـنـا)، ويسعى لإنجازه علماء آخرون في شتى أنحاء العالم. وإليكم تفاصيل هذا التجربة الجديدة التي تختلف بطبيعتها ومنهجها عن تجارب كريغ فنتر وتحمل أهمية معرفية أعظم بكثير مما حققه كريغ حيث أنها تحاول إكتشاف أسرار نشأة الحياة ذاتها وليس مجرد خلقها .. بعد مقدمة تمهيدية قصيرة:

التطور حقيقة، بمعنى أننا من المنظور العلمي، لم نُخلق بالكيفية التي جائت في التراث الديني، إنما تُثبت الأدلة، وهناك أطنان منها، بأننا تطورنا من خلية مايكروسكوبية مفردة تفرعت منها جميع الكائنات الحية الأخرى، من البكتيريا إلى البشر، وهذه الخلية الحية بدورها تطورت من جماد ضمن القوانين الكيميائية الطبيعية بدون الحاجة إلى تدخل قوة خارجية ذات وعي وإدراك في نشأتها. هذه حقيقة لاخلاف عليها، ضمن الدائرة العلمية على الأقل، إن شاء القارء الكريم قبولها أم لا، ولهذا فلن أناقش صحتها أو أدلتها في هذا البوست كونها حقيقة علمية مسلم بها.

فحين تكونت الأرض قبل 4.5 بليون سنة وبدأت تستقر في تكوينها الجديد، بدأت تجري أيضاً عدة تفاعلات كيميائية طبيعية ضمن قشرتها كان أهمها هو ماأدى إلى ظهور الحياة بواسطة تكوّن الأحماض النووية، أو الدي أن أي DNA، والذي يعرف الكثير أنها تمثل تعليمات لتركيب الكائنات الحية. ولكن هناك مشكلة عويصة لهذا السيناريو تتعلق بكيفية تكوين هذه الأحماض يحاول العلماء حلها وهي هذه:

كيف تكوّن هذا الـ  DNA  الشديد التعقيد والذي يحتاج إلى بروتينات معينة لتكوينه أصلاً؟ وكيف تكوّنت تلك البروتينات التي تُكوّن الـ  DNA  إذا كانت هي بدورها تحتاج إلى تلك الـ  DNA  لتكوينها هي أيضاً؟ دعوني أكرر المشكلة مرة أخرى للتوضيح: حتى تظهر الأحماض النووية، الـ DNA، فهي تحتاج إلى بروتينات معينة لتركيبها، ولكن نفس تلك البروتينات التي تركب الـ DNA تحتاج هي بدورها لتلك الأحماض النووية لتركيبها. مشكلة لايبدو أن لها حل؟  ....  بل لها حل: 

الـ RNA 

الـ آر أن أي  R (Ribonucleic acid)   RNAهو فصيلة أخرى من الأحماض النووية وله وظيفة إزدواجية، فهو من الممكن أن يقوم بوظيفة إختزان المعلومات الجينية، أي كما يفعل الـ DNA ، وفي نفس الوقت يستطيع أن يقوم بوظيفة تلك البروتينات، كإنزيم  Enzyme، يركب الـ  DNA. وهذه الفصيلة من الأحماض النووية تعتبر الآن المرشح الأول كالجزيئات الكيمائية الإبتدائية الجماد التي تطور منها الـ DNA  والحياة. وتجارب جيرالد جويس المذكور أعلاه تدور حول تطور الـ RNA.

فالعلماء يعتقدون أن الحياة قد بدأت بتفاعلات كيميائية أدت إلى ظهور أنواع متعددة من الـ RNA والذي هو أساساً مجرد جزيئ ذري يتواجد بشكل طبيعي على الكرة الأرضية، ثم تطورت هذه الجزيئات مع الوقت لتكون الـ DNA والبروتينات في عملية ليست مفهومة بعد وأدت إلى ظهور الحياة كما نعرفها الآن. ومايحاول جيرالد جويس وغيره من العلماء هو خلق جزيئات مشابهة لتلك التي كوّنت الحياة قبل قرابة الأربعة بليون سنة على الأرض وتكرارها في المختبر بواسطة حث الـ RNA على التطور ليصل في النهاية إلى تركيبة لها نفس خصائص الكائن الحي، وبهذا يكون قد نجح في تحويل الجماد إلى مخلوق حي في المختبر ... وقد حقق الآن خطوة قربته من هذا الهدف.

فقد نجح في حث هذا الجزيئ الكيميائي الجماد على دخول مرحلة التطور الدارويني، والذي يعني البقاء للأصلح ، ففي مختبرات هذا العالم توجد الآن جزيئات كيمائية غير حية، الـ RNA ، تتطور لحالها بنفس المنهجية الداروينية التي تسير عليها الكائنات الحية، وتتحول إلى مركبات أشد تعقيد وأشد فعالية في استخدام الموارد المتاحة لها في عملية يعتقد العلماء أنها مماثلة لما حدث قبيل بداية تكوين الحياة على الأرض وأدى إلى ظهور الخلايا الأولية ... 

أما إذا أدى هذا التطور المدهش إلى تكوّن حياة من هذه التجارب، التي لابد أنها تُصَفْ في عداد أهم الأبحاث التي يقوم بها البشر، أم لا فهي مسألة وقت فقط، ولكن النتائج إلى الآن مشجعة.

عندما بدأت هذا البوست، طرحت سؤال عما إذا استطاع أحد أن يحيي تمثال، وبالرغم من أن تجارب جيرالد جويس لن تؤدي إلى إحياء تمثال بالمفهوم الذي يشير إليه السؤال، إنما أساس العملية واحد. فالـ RNA  هو الآخر تمثال، لأنه بالرغم من إختلاف الشكل والحجم بينه وبين أي تمثال مادي آخر، إلاّ أن النوعان يشتركان في طبيعتهما ... فكلاهما جماد. 
هل يستطيع الإنسان الإحياء؟ متى سوف يستطيع الإنسان الإحياء؟ هل الإنسان قادر على إحياء الميت؟ هل الإنسان قادر على إحياء الجماد؟ هل يستطيع الإنسان إحياء الميت؟ هل يستطيع الإنسان إحياء الجماد؟ هل من الممكن إحياء الجماد؟ هل من الممكن إحياء الميت؟

هناك 9 تعليقات:

نمووول يقول...

لا تتعب نفسك لان الرد جاهز ,,
هل احياها بارادته ام باستخدام ادوات قام بصناعتها اخرين معتمدين على ما وهبه الله ؟

كنت اسأل نفس السؤال ماذا لو قام رجل باحياء الموتى ثم قال انه رسول من عند الله هل ساصدقه وانا اؤمن بان محمد (ص) هو خاتم الرسل ؟
وبالنهاية قلت لما اشوفه يصير خير :)

مساء الخير ,,

Godless يقول...

عزيزي بصيص إن المسلمين هم من امهر الناس في تحريك الهدف. فمثل التعليق السابق ماهو إلا مثال صريح على هذا. يقول

"قام بصناعتها اخرين معتمدين على ما وهبه الله"

إذا ماهو التحدي هنا ؟ بإحياء الموتى

ان نصير الاله خيالية ثم نهب أنفسنا مواد ثم نصنع بها ؟ غريب جدا طريقة تفكيرهم

حين كتب محمد في كتابه القران التحدي للوثنيين العرب ان يخلقو ذبابه. كيف كان يريد تطبيق التحدي إذا ؟ ان لم يكن سيستخدم المواد الموجود أساسا في الارض إن كان سيقول المواد هذه خلقها الله !!!

التحدي هو مغالطة ضخمة فالتحدي هو لإثبات عدم وجود الله ان استطاعو الخلق. وليس الله موجود إذاً لا تستطيعون الخلق !

هذا ان دل يدل على عقلية الرسول الجاهلة حتى بأبسط أساسيات المنطق وهو ان النتيجة لا تكون قبل الإدعاء

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي نمووول
مساء/صباح الخير ،،

إستفسارك يحتوي على إشكال أساسي وهو:

أنك تفترض بأن البشر لهم القدرة على الإحياء طالما أنهم اعتمدوا"على ماوهبه الله" من أدوات. وهذا غير صحيح، فالإحياء عقائدياً خاصية ينفرد بها الإله، سواءً بأدوات أو بدون أدوات. وأي إمكانية على الإحياء من قبل البشر يُنفي هذه الخاصية عن الإله. والقرآن يؤكد ذلك:

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ(79) (سورة يس)

لاحظ أنه قال يحيها الله، ولم يقل يحيها بشر. والبشر الوحيدون الذين مكنهم الله من الإحياء حسب التراث الإسلامي هم الأنبياء ولهدف محدد، وليس لبشر ، وبشر كفار أيضاً، بمجرد حصولهم على مؤهلات علمية تخولهم بذلك.

ثم لو قام رجل بإحياء الموتى، أليس هو أولى بالتصديق من أنبياء قبله لم يتمكنوا من هذه القدرة؟

ولك تحياتي

نمووول يقول...

بقولك رأيي بصراحة, الانسان يصدق ما يؤمن فيه عقله وقد يكذب الانسان حواسة اذا استقبلت مثيرات تخالف معتقداته ,,

لذلك صدقني حتى لو قام رجل بإحياء الموتى واعتقد ان هذه حجة كافية, ولكن هناك من سيكذب حواسة وهناك من سيقول (خدع بصرية) ..

فالمشكلة ليست بالاثباتات والبراهين المشكلة بالعقل الذي يقبلها او يرفضها بمنطقية او بغير منطقية

عشان جذي قتلك لا تتعب نفسك كل واحد مجهز الرد الي يتناسب مع معتقده ,,

شكراً لك ,,

نمووول يقول...

Godless Saudi
هذا ما اقصده بالضبط
الرد جاهز , ايمان المسلم هو ان الله يخلق من العدم من لا شيء

ولو قلت غير هذا فساكون مؤمن بان هناك اكثر من رسول جاء بعد محمد


الا يكفي ان يكون الانسان قد وقف على القمر ليدعي الألوهية اعتقد ان وصول الانسان لسطح القمر معجزة بحد ذاتها كافية لجعلي اصدق ان نيل ارمسترونج رسول من عند الله ؟

وبهذا لن تكون هناك حاجة لانتظار محيي الحجر فمعجزة توماس اديسون كافية ,,

مهما كان الانسان موضوعياً لابد من ذاتيته ان تؤثر على احكامة وقراراته وبالتالي معتقداته

ماذا لو قال احد الإخوان رايت انه الاله في اول اقلاع لهم على الطائرة كيف سترفض فكرة انه الاله وهو يستطيع الطيران الا تعتبر هذه حجة كافية ؟
هل ستقول انك تستطيع صنع الطائرة ؟
انا ايضاً قد اتمكن من إحياء الحجر في المستقبل :)

اعتذر على الاطالة
وشكراً

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي Godless ،،

أترك الرد على تعليقك للعزيز نمووول حيث أن الخطاب موجه له ...

لك تحياتي

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي نمووول ،،

أتفق معك في أن أكثر الناس تتشبث في معتقداتها مهما خالفها المنطق ونقضتها الأدلة، وهذه الشريحة من البشر لافائدة من محاورتها. إنما جهودي موجهة لتلك الفئة الصغيرة التي لاتستطيع إزاحة البراهين المناقضة لقناعاتهم جانباً والإستمرار في حياتهم كما لو لم يروا أو يسمعوا شيئ. جهودي موجهة لمن يملك أدمغة لن يرتاح لها بال حتى تتمحص وتتفحص وتوازن وتدرس وتفكر بتلك الأدلة وتقيمها بعقلانية ومنطق ونظرة ثاقبة تخترق الضبابية التي يخلقها التراث وينشرها في محيطهم.

ولهذا السبب أتعب نفسي ..

ولك تحياتي

غير معرف يقول...

من أين أتت الخلية الاولى؟
هذا هو السؤال.

السؤال الثاني: ملخصه اذا كانت نظرية التطور الجزيئي (neutral theory of molecular evolution ) تقول ان اغلب الطفرات بلا تأثير فكيف وجد كل هذا التنوع؟

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي/عزيزتي غير معرف/ة ،،

1- سؤال من أين أتت الخلية الأولى غير صحيح، إنما يمكن تغيير الصيغة إلى: كيف نشأت؟

والجواب هو أننا لاندري بالضبط وهناك أبحاث كثيرة جارية للإجابة على هذا التساؤل. ولكن أقرب الإحتمالات هو أنها تطورت من جزيئات عضوية (جماد) بفعل العمليات الكيميائية الطبيعية خلال ملايين السنين حتى اكتسبت الحياة. وشرح هذه الفرضيات معقد وسوف أكتفي بهذا القدر.

أما عن نظرية التطور الجزيئي فهي لاتتعارض مع نظرية التطور، وبالرغم من أن أكثر التغييرات (الطفرات) الجينية محايدة، فالباقي النشط منها يكفي لأن ينتج كل هذا التنوع.

ولك تحياتي