الأربعاء، 24 أغسطس 2011

مجزرة الدبور الآسيوي

::


يعتبر الدبور (الزنبور) الآسيوي العملاق Asian giant hornet ، الذي يعيش غالباً في اليابان، آلة بايولوجية رهيبة وفتاكة. يبلغ طول جسم هذه الحشرة 5 سنتيمترات، وطول جناحيها من طرف إلى طرف أكثر من 7 سنتيمترات، وتملك فك مَقَصّي جبار وإبرة سامة في مؤخرتها يصل طولها إلى نصف سنتيمتر.

يطير هذا الدبور بسرعة 40 كيلومتر بالساعة، أي لايستطيع أي إنسان الهروب منه، ويسبب مقتل عشرات الآسيويين في كل عام نتيجة للدغاته. ولكن بالرغم من خطورته على الإنسان فإن ضحاياه الحقيقية ليست البشر إنما فصائل النحل والدبابير الأخرى، فهو يحتاج إلى تغذية نفسه ويرقاته الضخمة الجائعة دوماً والتي تضرب رؤوسها بحائط خليته بإصرار واستمرار كإشارة منها له وضغط عليه لتغذيتها بأطعمة جسدية بروتينية. فماذا يفعل هذا الدبور الهائل ليشبع نفسه ويرقاته الشرهة العملاقة؟

يقترف أحد أكبر المجازر التي شوهدت في المملكة الحيوانية ...

يبدأ الذبح الجماعي بطيران تلك الدبابير بجولة إستطلاعية، وعندما يعثر أحدها على عش للنحل (الذي قد تصل أعداده في العش إلى 30000 نحلة) يحط عليه ويفرز مادة فيرومونية يلصقها على مدخل العش. هذه المادة تخرج رائحة قوية تنتشر بسرعة في الهواء لتنبه باقي الدبابير العملاقة المتواجدة في الجوار وتحدد لهم موقع العش المستهدف. وعندما يصل رفاقه الذين لايتعدى عددهم في العادة عن عشرين أو ثلاثين دبور فقط، تبدأ عملية ذبح النحل المسالم الذي لايملك أي أمل في الدفاع أو المقاومة عن عشه أو عن نفسه.

تدخل الدبابير العملاقة العش، وبأفكاكها الجبارة تطيح برؤوس النحل يمنة ويسرة بمعدل 40  نحلة بالدقيقة لكل دبور، وتبدأ مجزرة مروعة ليس لها مثيل في الطبيعة، يتم القضاء فيها على 30000 نحلة خلال بضعة ساعات فقط. وعندما تنتهي المذبحة، بانتصار الحيوان المعادي الغاشم طبعاً وإلحاق الدمار الشامل للحياة في العش المنكوب، تنقل غنائم جثث النحل ويرقاته وعسله إلى عش الدبابير المغيرة لتنعم بها هي ويرقاتها.

هذا مجرد مثال واحد للسلوكيات العدائية التدميرية الكثيرة التي تعج بها الحياة، وبخلاف مايملكه البشر من قدرة على التمييز مابين الخير والشر وامتلاكهم لحرية الإختيار مابين هذين العنصرين (كما يؤكده النص) ومحاسبتهم على إختيارهم، فإن ذلك التكليف قد أسقط عن الحيوان الذي لايملك الإدراك أو الرادع في ممارسة مازرع فيه من غرائز تفرض عليه إلحاق الضرر وتكبيد المعاناة بالكائنات الحية الأخرى الضعيفة. فالحيوان عبد لغرائزه، زرعت فيه تماشياً مع تصميمه، تسيّره ولايسيّرها، ولايمكنه أن يعيش أبداً بدونها. فهل يمكن للضبع أن يعيش على أكل الأعشاب، أو يشعر بالعطف أو الرقة تجاه فريسته؟ أبداً، فلو إنتابه ذلك الشعور لمات جوعاً، هو مصمم بأنياب ومخالب ومبرمج بغريزة تدفعه إلى إصطياد الحيوان الآخر وتمزيقه حياً لأكله ... بدون أي إعتبار لأي آلام تعانيها فريسته. 

والعبرة من المثال واضحة لاتحتاج إلى تعليق مطول سوى القول بأن مثل هذه السلوكيات العنيفة الموجودة في الطبيعة والتي تتعارض بشكل صارخ مع صفات الرحمة الربانية المطلقة لخالقها، هي التي أشعلت فتيل التفكير الذي نسف جدران الوهم الموروث الذي كنت أعيش فيه ...

وربما تشعل فتيل تفكير إنسان آخر بعد قرائتها وإستيعابها.

وهذا فيديو كليب للمجزرة:
::



هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

سبحان الله المجرم

غير معرف يقول...

في أحد أفلام ريتشارد دوكنز ذكر بأن داروين نفسه لاحظ هذا السلوك الوحشي للطبيعة (الحيوانات) و ذكر بأنه (أي داروين) استشهد بالدبور الطفيلي كمثال يمنعه من الإيمان بأن إله خير و كلي القدرة قد خلق هذا الدبور مباشرة مع سابق النية لفعل ذلك ، يبدو أنك تفكر كداروين يا بصيص ، هل تصدق رغم معرفتي لوجود هذا السلوك الوحشي في الطبيعة ومشاهدتي للعديد من الأمثلة على ذلك إلا أنني لم أشعر بوحشيته إلا بعد أن قرأت موضوعك و شاهدت الفيديو ،رائع يا بصيص رائع حقا

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي نزار ،،

ويليام لين كريغ (الفيلسوف المسيحي) يفند أوامر الرب لبني إسرائيل بذبح أطفال أعدائهم بأنه رحمة للمذبوح وعناء للذابح!!!

وهكذا يقلب المؤمن جميع المعايير الأخلاقية رأساً على عقب في محاولة للبقاء على إيمانه.

مع خالص التحية

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي/عزيزتي غير معرف،ة ،،

تبرير وجود الشر في الحياة أعيا تفكير الفلاسفة والمتدينين وقض مضاجعهم عبر القرون. ولكن الغريب أنه بالرغم من أن الشر يمثل أحد أوضح أوجه التناقض الذي يعاني منه الفكر الديني، فأغلبنا لاينتبه إليه مالم نصادف معلومة أو حدث يثير تفكيرنا في هذا الإتجاه.

أسعدني إستحسانك للموضوع ياعزيزي/عزيزتي ...

ولك خالص التحية