الأحد، 18 سبتمبر 2011

لايمكن إثبات وجود الإله

هذه "قنبلة القيصر" الهايدروجينية، أكبر قنبلة نووية فجرتها البشرية، تعادل قوتها 58 ميغاتون:
::
::
::
وهذا إنفجار شمسي يسمى بـ سوبرنوفا، أكبر إنفجار طبيعي يحدث في الكون، تعادل قوته 28^10 (واحد على يمينه 28 صفر) ميغاتون:
::
::
وهذه قنبلة تعبيرية شهيرة للعالم الفيزيائي والروائي العلمي آرثر سي كلارك، وبالرغم من ظاهر بساطتها فهي تمثل برأيي أشد فكرة ناسفة لمفهوم الإله ... لاتقاس قوتها بشيئ:

Any sufficiently advanced technology is indistinguishable from magic

أي تكنلوجيا متقدمة بشكل وافي لايمكن تمييزها من السحر [أي بينها وبين السحر. وكلمة السحر في العبارة تشمل أي قوة ميتافيزيقية أو غيبية أو ماورائية].

ومضمون العبارة يتضح في هذا التشبيه: 

قدراتنا التكنلوجية اليوم، متمثلة في إنجازات كالتلفزيون والسيارة والطائرة مثلاً، سوف تبدو كالسحر للبشر قبل عشرة آلاف سنة، والقدرات التكنلوجية للبشرية بعد عشرة آلاف سنة قد تبدوا لنا (أو لبعضنا على الأقل) كالسحر لو رئيناها اليوم.

هذا على المستوى التكنلوجي الناتج عن عشرة آلاف سنة من التقدم العلمي، ولكن يكفي النظر إلى ماتم تحقيقه من طفرة علمية/تكنلوجية خلال المئة سنة الماضية فقط، من إختراع الكمبيوتر والموبايل وفلق الذرة والهبوط على القمر، لتكوين فكرة عن المستوى التكنلوجي الذي سوف تصل إليه البشرية بعد مليون سنة، أو عشرة ملايين سنة، أو مليار سنة (على أفتراض أيضاً أن البشر سوف يبقون أحياء إلى ذلك الوقت).

مايعنيه آرثر سي كلارك في مقولته، وهو واقعي وصحيح قياساً بماحققه البشر خلال القرون الماضية فقط، أن التقدم التكنلوجي في المستقبل البعيد من الممكن أن يصل إلى مستوى من الصعوبة أو حتى من الإستحالة التمييز بينه وبين أعمال الإله. إذ مايستطيع الإله عمله، سوف يستطيع البشر عمله أيضاً ... ربما حتى خلق كون آخر ببشر آخر فيه. وهذا ليس مبالغة، إذ أننا على عتبة خلق الحياة في المختبرات اليوم، والمصادم الهادروني الكبير حالياً قادر على خلق ثقوب سوداء، ونحن لانزال في مهد الحضارة المستقبلية المقصودة في المقولة.

هذه الإمكانية محتملة، ليست بالضرورة من قبلنا نحن البشر في المستقبل، بل ربما هي موجودة الآن تم الوصول إليها من قبل كائنات أخرى غير بشرية في مكان ما في مجرتنا، أو خارجها في الكون الواسع. وهذا يطرح إشكال فلسفي ديني مقفول لايمكن، برأيي، التملص منه، وهو:

أن مجرد وجود إحتمال، الإحتمال فقط  دون الحاجة إلى حدوثه، أن هناك حضارة متقدمة بشكل وافي في مكان ما في الكون، يثير الشكوك فيما إذا كان وجودنا نحن على الأرض هو نتاج لتقدمهم التكنلوجي أم نحن نتاج خلق رباني أو تطور دارويني. كيف لنا أن نعرف أننا لسنا مكونات لبرنامج كمبيوتر متطور تديره كائنات متقدمة عنا بملايين السنين؟

والأدهى من ذلك هو هذا التساؤل:

كيف للإله نفسه أن يثبت لنا بأنه هو خالقنا ولسنا في الواقع نتاج كائنات أخرى أكثر تقدماً منا؟ مالذي يستطيع الإله تقديمه لنا كبرهان على وجوده؟

هل يفلق القمر أمامنا؟
هل يطفئ الشمس؟
هل يوقف دوران الكرة الأرضية؟
هل يطوي السماء؟
هل يبخر البحار من مياهها؟
هل يكتب على السماء آيات قرآنية؟
هل يرسل لنا جبرائيل بجيوش من الملائكة؟

أي عمل خارق يحدث أمامنا، أياً كانت عظمته، من الممكن تعزيته إلى مخلوقات أخرى متقدمة حضارياً - علمياً وتكنلوجياً - بشكل وافي، وليس بالضرورة نسبه إلى إله، سواء تحققت تلك الأعمال الخارقة فعلياً أو أوهمنا بها بواسطة تحكم تلك المخلوقات بما تستقبله أمخاخنا. 

فمن الإستحالة إذاً التمييز بين ماإذا كان الفاعل هو الإله أو أنها مخلوقات أخرى. وحتى محاولة إدخال الإيمان الرباني بشكل مباشر إلى عقول البشر بواسطة الإله لو قام بذلك، سوف تتمكن من نفس العمل تلك المخلوقات المتقدمة إذا رغبت في ذلك، ولكن في هذه الحالة سوف تنتزع منا حرية التفكير وسوف يكون قناعتنا بوجود الإله، سواء كانت تلك القناعة ناتجة عن تدخل الرب أو المخلوقات المتقدمة، قناعة مرغمة وليست ناتجة عن إختيار منا لها مبني على تقييم وتفكير حر. 

هذه الخاطرة ليست مجرد تمرين ذهني فلسفي الهدف منه إثارة الجدل أو الخيال، بل هي تعبير جاد يتناول وضع دنيوي محتمل الوجود. فعمر الكون يفوق الـ 13 مليار سنة، وعمر البشرية بقدراتها العقلية الحالية لاتتعدى المليون سنة بالكثير. ولكن ماتوصلنا إليه من تقدم حضاري يتمثل بمعرفة علمية وإنجازات تكنلوجية مذهلة، حدث خلال حقبة تقاس بومضة عين نسبةً لعمر الكون، فتصوروا مدى التقدم العلمي والتكنلوجي الذي حققته مخلوقات حضارية أخرى في الكون بدأت منذ مئات الملايين أو ربما حتى منذ مليارات السنين. 

فلاتوجد لدينا أي وسيلة للتحقق، بأي دليل أو برهان مهما يبدو مقنعاً، من وجود الإله. ومن الإستحالة أيضاً على الإله نفسه أن يقنعنا بوجوده طالما كان هناك إحتمال بوجود تكنولجيا متقدمة بشكل وافي في مكان ما في الكون، وطالما أتيحت لنا حرية التفكير بتلك الإحتمالات.

* * * * * * * * * *

هناك 8 تعليقات:

غير معرف يقول...

نحن البشر او المخلوقات الذكية قد نكون فعلا شيء تافه في هذا الكون وقد نكون ايضا جسم فعال في نظام ما

هذه المخلوقات التي اوجدت لنا الحياة في هذا الغور من الكون الذي لا نعرف بعد حدوده وهل سيبقى نظامنا الشمسي من دون تغيير الى حين تطوير تكنولوجياتنا لنعرف حدود هذا الكون ربما سنحتاج الى مليارات السنين للاجابة وهل هناك حدود هي اصلا المخلوقات من اوجدها و من خلقها ومن خلق هذا الكون
ربما فعلا هناك عوالم اخرى لكن ليست من تراب واكسجين و ماء المادة الكونية متنوعة
اد من الدي لديه القدرة لخلق كل هذه الاجسام
الانفجارات الشمسية تضاهي القنبلة النووية بمليارات المرات هذه المعادلة الفزيائية او السحرية موجودة قبل وجود الارض الله او هذ القوة التي انشات كل هذه الانظمة الصلبة السائلة الغازية هي التي برمجت خلقنا بعقل يتطور بالمعرفة كي نستطيع ان نراه بالعلم ولنرى ايضا عظمته

التكنولوجيا التي نملك لاتمتل الا 0.0 بالنسبة للخالق حتى لو دام وجودنا في المجرة مليارات السنين نحن نعيش على هده البيئة و سنرحل ابيئة اخرى هناك سنجد كل الاجوبة نحن البشر وسنرى اشياء لم تراها العين قط

basees@bloggspot.com يقول...

عزيزي/عزيزتي غير معرف/ة ،،

تساؤلاتك تفترض مسبقاً أن للكون خالق، إنما وجود خالق للكون هي فرضية لاتدعمها المشاهدة أو التجارب، بل بالعكس، فإن الوجود لايحتاج إلى قوة ذكية واعية تظهره، وهذا ماتشير إليه النظريات الفيزيائية الحديثة. إقرأ هذا البوست:

http://basees.blogspot.com/2011/05/blog-post_19.html

وعلوم البشر في تقدم مستمر، وقد كشفنا اليوم الكثير من أسرار الكون والحياة لم تكن متوفرة بتاتاً قبل بضعة قرون. فلن يبقى برأيي سر خافي على علوم البشر إلاّ وكشفناه، أو على الأقل فهمنا خفاياه، والمسألة مسألة وقت فقط.

ولك خالص تحياتي

غير معرف يقول...

أن التقدم التكنلوجي في المستقبل البعيد من الممكن أن يصل إلى مستوى من الصعوبة أو حتى من الإستحالة التمييز بينه وبين أعمال الإله

حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

غير معرف يقول...

لماذا نجد أن الإنسان في السابق دائماما فسر الظواهر الطبيعية و الوجود بالآلهة ولم يفسرها بأسباب طبيعية ، فمثلا نجد أن الحضارات السابقة فسرت أن سبب وجود العالم إله أو آلهة وليس سبب طبيعي كالجاذبية كما يقول هوكنج، بل نجد أنهم ربما فسروا ظهور إلههم أو آلهتم بأسباب طبيعية و لكن وجود الكون يفسرونه بإله، وحتى لو فسروا وجود الكون بأسباب طبيعية كتزاوج السماء و الأرض نجد أن ذلك لا يمنع اعتقادهم بإله أو آلهة ، طبعا أتكلم عن الجموع و الأمم وليس الاستثناءات الفردية كبعض الفلاسفة مثل أبيقور،
فكرت ربما أجد الجواب عندك ولست أحاول إثبات وجودإله، رائع يا بصيص

basees@bloggspot.com يقول...

الأخ/الأخت الكريم/ة غير معرفة/ة (الثاني) ،،

وماهي المشكلة في طرح رأيك أنت، بدل نسخ ولصق أقوال غيرك؟

خالص تحياتي

basees@bloggspot.com يقول...

الأخ/الأخت الكريم/ة غير معرف/ة (الثالث) ،،

أعتقد بأن الأقدمون قد عزوا الظواهر الطبيعية إلى آلهة بسبب أن هذا هو أسهل تفسير لديهم في غياب المناهج التجريبية التي نستخدمها الآن لفهم الطببعة. ولكن أن يستمر الآنسان في تفسير ماحوله بنفس العقلية القديمة، فهذا يعكس نقص في وعيه الثقافي.

أسعدني إستحسانك للبوست ياعزيزي ..
خالص تحياتي

Unknown يقول...

السلام عليكم
أخي الكريم ليس هنالك مشكلة (أو نسف لفكرة الاله) فيما اذا كنا مخلوقات خلقتها كائنات اخرى أو خلقنا اله قادر يحكم الأكوان لماذا؟
دعنا نفترض جدلا اننا مخلوقين بيد كائنات متطورة اخرى عاشت قبلنا ووصلت لحد من الرقي العلمي ما مكنها من خلقنا يظهر هنا سؤال من أين أتت هذه المخلوقات؟
ودعنا نجاوب هذا السؤال كما اجبنا الاول بانها خلقت (هي الاخرى)بواسطة كائنات اسمى ومتطورة اكثر حسنا نفس السؤال السالف الذكر يتكرر هنا ايضا
والحل؟ نحن نريد هذا الكائن الذي يشتق القوة من تلقاء نفسه دعني اضرب لك مثالا اخر
هذا العدد (0000000)اذا قلت لك ان هذا الرقم يمثل (مليون)ستقول لي ومن اين اتت قيمة الصفر الاول اقول استعارها من الصفر الذي يسبقه و كذلك الثاني والثالث الخ وفي كل مرة اجيبك بانه اخذ قيمته من سابقه ولكنك سترفض هذا المنطق اذا لم اقم اخيرا برسم هذا العدد هكذا (1000000)
حينها (وحينها فقط)ستقبل ان اقول ان هذا الرقم يحمل قيمة وان اي صفر فيه يحمل قيمة ايضا والان الكرة اصبحت في ملعبك اخي الكريم
مع خالص تحياتي وتقديري

basees@bloggspot.com يقول...

وعليك السلام أخي فادي ،،

المعضلة لاتزال قائمة. من الإستحالةالتمييز مابين الإله (إن وجد) وحضارة كائنية أخرى (مخلوقة أو متطورة) إذا كانت هذه الحضارة متقدمة. وإذا لم يمكن التمييز مابين الإله المارائي والكائن الطبيعي فلاجدوى من الأدلة، وإذا كانت الأدلة لاتجدي فقد سقط البرهان على وجود الإله وظل مفهوم الإله مجرد فكرة ليس لها أدلة تنفع.

خالص تحياتي