::
والوازع المقصود في العنوان هو أي وازع، سواءً كان: إجتماعي أو إقتصادي أو فلسفي أو ديني.
قد تطرقت من قبل إلى الوضع الإجتماعي والإقتصادي للدولة العلمانية متمثلاً بالدنمارك كنموذج معاصر لمجتمع لايؤمن بالأديان وبالطبع لايطبق تعاليمها ولاينتهج أي آيديولوجية أخرى أو فلسفة محددة غير مايدفعه شعور أفراده الإنساني المشترك تجاه المزيد من التآخي والمحبة والتناغم في سبيل التعايش السلمي. وقد بينت أن ذلك المجتمع هو مجتمع ناجح بكل المعايير الدولية: من إرتفاع مستوى المعيشة وإنخفاض مستوى البطالة إلى إنتشار الأمان والسلام وإضمحلال الجريمة والفساد.
هذا الرخاء والطمئنينة والأمان لايمكن أن يسود في أي مجتمع بدون الدعائم الأخلاقية التي تسنده، فلا يمكن أن يكون هناك شعور بالراحة والأمان مع انتشار الجريمة وتفشي الفساد. فإن كانت المجتمعات العلمانية اللادينية لاتسيّرها آيديولوجية محددة ولاتعترف بأي مبادئ أو قيم دينية، إذ لاتأمر بالمعروف ولا تُنهي عن المنكر كمبدأ ديني، فمن أين تأتي بمنظوماتها الأخلاقية التي تُخفض الجريمة والفساد وتخلق تلك الطمئنينة والأمان الذي يسود في المجتمع؟
من الممكن أن يُعزى وجود المنظومات الأخلاقية في مجتمع علماني إلى عدة مصادر منها الإحتكاك الحضاري مع المجتمعات الأخرى المتدينة واكتساب أخلاقياتها منها أو إلى القيم التراثية المتوارثة في نفس المجتمع. فللإجابة على هذا التساؤل بقدر من الموضوعية، تعالوا نبحث عن مجتمعات لم تمسها حضارة ولم تأتها عقيدة ولم تتأثر بآيديولوجية، لا سابقاً ولا حاضراً. مثل هذه المجتمعات سوف تكون مثالية لأننا لانستطيع أن نعزوا أي من أخلاقياتها، إن تواجدت، إلى أي تأثير ناتج عن عقيدة مكتسبة أو قيم تراثية موروثة.
سامي وفريد (لنطلق عليهما تسميات عربية) ذكران يعيشان ضمن مجتمع بدائي صغير معزول. وأفراد هذا المجتمع لم يحتكوا بأحد خارج عالمهم المنغلق سوى مع العلماء المراقبين لسلوكياتهم والذين يحرصون بدورهم على تأدية تلك الوظيفة بكل حذر لتفادي تغيير الطباع والعادات السائدة الموروثة لأفراد ذلك المجتمع الذي لم يتعرض أي لأي ثقافة أو أي آيديولوجية ولايعتنق أي دين.
بين حين وآخر، يحدث شجار بين سامي وفريد يتصاعد في بعض الأحيان إلى تضارب بالأيدي، لاحظ العلماء المراقبين له أن باقي أفراد المجموعة يتدخلون في تلك المناوشات بين المتخاصمين لفصلهما عن بعض وإنهاء العراك. ولاحظوا أيضاً أن الإناث يسحبن، بعد إنتهاء العراك، كل من سامي وفريد نحو بعضهما على كره منهما ليصلحن بينهما. كما لاحظوا أن في بعض الحالات بعد إنتهاء العراك، يمد أحد المتخاصمين يده نحو الآخر في لفتة ودية للمصافحة، وأنه بعد تقبل المصافحة يعتنق كل منهما الاخر ويقبله.
هذه التصرفات السلمية لحل الخلاف بين أفراد ذلك المجتمع هي من المقومات الأخلاقية الأساسية الحسنة لأي مجتمع، ولكن حيث أن ذلك المجتمع معزول عن العالم الخارجي حوله ولم يحتك بأي من ثقافاته أو آديولوجياته، فمن أين أتت أخلاقياته السلمية تلك إذا كانت الأخلاقيات مكتسبة؟ وخصوصاً إذا قلت لكم أن أفراد ذلك المجتمع ليسوا بشر، إنما هم في الواقع ...
قرود من فصيلة الشيمبانزي!
وقد تعمدت أن أخفي هويتهم الشيمبانزية في المثال أعلاه لأبرز لكم التشابه الكبير بين سلوكياتهم الأخلاقية وتصرفات البشر، فمن يقرأ ذلك المثال لن يعرف أني أتكلم عن قرود. وإليكم هذه الأمثلة الأخرى:
قرود من فصيلة الشيمبانزي!
وقد تعمدت أن أخفي هويتهم الشيمبانزية في المثال أعلاه لأبرز لكم التشابه الكبير بين سلوكياتهم الأخلاقية وتصرفات البشر، فمن يقرأ ذلك المثال لن يعرف أني أتكلم عن قرود. وإليكم هذه الأمثلة الأخرى:
سميرة إحدى أفراد ذلك المجتمع الشيمبانزي، وهي أنثى عجوز تعاني من إلتهاب المفاصل، تجد بسببه صعوبة بالغة في المشي والتسلق. وقد لاحظ العلماء أنه عندما تلاقي سميرة صعوبة في التسلق على مرتفع ما، تأتيها أنثى أخرى أصغر سناً منها وتساعدها بدفعها من مؤخرتها بجهد واضح حتى تتمكن من إرتقاء المرتفع. كما لاحظوا عندما تلاقي العجوز سميرة صعوبة في المشي نحو بركة الماء لتشرب، يتسارع بعض أفراد المجموعة إلى البركة قبلها ويأتوها بالماء في فمهم ويصبونه في فمها كمساهمة منهم في مساعدتها على الشرب بينما تجر نفسها نحو البركة. وفي تجربة في المختبر، لاحظ الباحثون عند تقديم الطعام لشيمبانزي، أن ذلك الشيمبانزي يفتح الباب الداخلي في قفصه ليُدخل شيمبانزي آخر كضيف يشاركه طعامه، حتى لو أدى ذلك إلى نقص في حصة الشيمبانزي الأول من الطعام. كما لاحظ الباحثون أيضاً أنهم عندما يُقدمون طعاماً كالخيار مثلاً إلى شيمبانزي، وعنباً، وهو ألذ من الخيار، إلى شيمبانزي آخر، فالشيمبانزي الذي يستلم العنب يمتنع بعض المرات عن أخذه حتى يستلم رفيقه ذو الخيار عنباً أيضاً كلفتة تعاطفية معه.
تلك المنظومة الأخلاقية لايمكن أن تكون مكتسبة من ثقافة أو تراث أو عقيدة في مجتمع يتكون أفراده من قرود، فلابد إذاً أن تكون ذات مصدر غريزي. وهذه هي الإجابة على التساؤل الذي بدأنا فيه الموضوع: من أين تأتي الأخلاقيات التي تُخفض مستوى الجريمة والفساد وتخلق تلك الطمئنينة والأمان في المجتمعات البشرية الغير مؤمنة؟
تنبع من خصال غريزية.
فالبرغم من أن الإنسان قد حقق إنجازات أدبية وعلمية وتكنلوجية باهرة، إلاّ أنه في جذوره لايغدو عن كونه حيوان إجتماعي ينتمي إلى فصيلة "الرئيسيات" Primates. فإذا تفحصنا مخه المبدع، لن نجد إختلافاً جذرياً في تركيبه ومكوناته مع مخ الشيمبانزي سوى في الحجم فقط، فحجم مخ الإنسان يبلغ ثلاثة أضعاف حجم مخ الشيمبانزي، أما في التكوين فالإثنان لايختلفان. وهذا التشابه التكويني الكبير بينهما يعكس تشابه كبير في السلوكيات الغريزية أيضاَ، إذ أن غريزة الحيوان لاتنحصر على التصرفات التي يراها الكثير بأنها سلبية فقط، بل لابد أنها تتضمن، كما رأينا من الأمثلة السابقة، دوافع إيجابية تحافظ على توازن وإستقرار وإزدهار ذلك المجتمع من خلال الحد من النزاعات والمساوئ وتشجيع التعاطف والتعاون والمحبة بين أفراده.
فهل تحتاج المجتمعات الإنسانية إلى وازع ديني مدعم بأحكام أخلاقية وعقوبات جزائية صارمة تتحكم في خيارات ذهابهم وإيابهم وقيامهم وقعودهم؟ وفي مايلبسون ومايسمعون ومايشاهدون ومايقرؤون ومن يخاطبون ومن يصافحون؟ وحجر على أفكارهم ومصادرة لحرياتهم خوفاً من الفوضى والفساد؟
أبداً ...
فالمجتمعات العلمانية المتحضرة أثبتت عدم الحاجة إلى مثل تلك الشرائع المايوبية(1) الرعوية الجامدة، لأن الإنسان قادر على تشريع القوانين التي يراها هو صالحة له، يكيّفها حسب ماتقتضيه الضرورات وماتتطلبه العدالة والمساواة، فينقحها ويعدلها ويلغيها ويستبدلها ويطورها بتطور مجتمعاته. وتلك الحرية في تشريع القوانين المدنية المناسبة توجهها ضوابط بايولوجية ذاتية تحافظ على إستقراره وتشجع على إزدهاره. وهذه التوجيهات الذاتية ليست محصورة بالبشر، بل تتمتع بها حتى الحيوانات الأخرى.
فالمجتمعات العلمانية المتحضرة أثبتت عدم الحاجة إلى مثل تلك الشرائع المايوبية(1) الرعوية الجامدة، لأن الإنسان قادر على تشريع القوانين التي يراها هو صالحة له، يكيّفها حسب ماتقتضيه الضرورات وماتتطلبه العدالة والمساواة، فينقحها ويعدلها ويلغيها ويستبدلها ويطورها بتطور مجتمعاته. وتلك الحرية في تشريع القوانين المدنية المناسبة توجهها ضوابط بايولوجية ذاتية تحافظ على إستقراره وتشجع على إزدهاره. وهذه التوجيهات الذاتية ليست محصورة بالبشر، بل تتمتع بها حتى الحيوانات الأخرى.
::
عندما يختلف إثنان من الشيمبانزي مع بعضهما، يقدم أحدهما يد المصافحة للآخر في لفتة مسالمة للتصافي والتسامح بينهما
(1) مايوبيا Mydopia = قصر نظر
* * * * * * * * * *
ماهي الأخلاقيات؟ هل للحيوانات أخلاقيات؟ هل للحيوانات أخلاق؟ مامعنى الأخلاقيات؟ هل أخلاقيات الحيوانات نفس أخلاقيات البشر؟ هل أخلاق الحيوانات نفس أخلاق البشر؟
مالفرق بين أخلاق الحيوان والإنسان؟ هل للقردة أخلاق؟ هل للقردة أخلاقيات؟ ماهي أخلاق القرد؟ هل تعرف الحيوانات الخطأ والصواب؟ هل للحيوانات روح؟
هل تدرك الحيوانات الخطأ والصواب؟ هل تعرف الحيوانات الخير والشر؟ هل تدرك الحيوانات الخير والشر؟ هل تفرق الحيوانات الخير من الشر؟ هل تفقه الحيوانات الخير والشر؟
أين تذهب الحيوانات بعد الموت؟ هل الحيوانات شريرة؟ هل تميز الحيوانات الخير والشر؟ هل تميز الحيوانات هل توجد أخلاق للحيوانات؟ هل يوجد حيوان شرير؟ هل يوجد حيوان طيب؟
هل الحيوانات طيبة؟ أي الحيوانات أقرب للإنسان؟ ماهي أذكى الحيوانات؟ ماهو أذكى حيوان؟ هل يوجد حيوان أذكى من الإنسان؟
مالفرق بين أخلاق الحيوان والإنسان؟ هل للقردة أخلاق؟ هل للقردة أخلاقيات؟ ماهي أخلاق القرد؟ هل تعرف الحيوانات الخطأ والصواب؟ هل للحيوانات روح؟
هل تدرك الحيوانات الخطأ والصواب؟ هل تعرف الحيوانات الخير والشر؟ هل تدرك الحيوانات الخير والشر؟ هل تفرق الحيوانات الخير من الشر؟ هل تفقه الحيوانات الخير والشر؟
أين تذهب الحيوانات بعد الموت؟ هل الحيوانات شريرة؟ هل تميز الحيوانات الخير والشر؟ هل تميز الحيوانات هل توجد أخلاق للحيوانات؟ هل يوجد حيوان شرير؟ هل يوجد حيوان طيب؟
هل الحيوانات طيبة؟ أي الحيوانات أقرب للإنسان؟ ماهي أذكى الحيوانات؟ ماهو أذكى حيوان؟ هل يوجد حيوان أذكى من الإنسان؟
هناك 11 تعليقًا:
ارسال رائع....فقط أردت أن أنبهك على ذكر المصدر العلمي للمعلومات المذكورة أعلاه فأنت تعرف أن ناكري التطور يبحثون على أي هفوة حتى يعلنو الإنصار على كل المقال...عدم ذكر المصر واحدة من تلك "الهفوات" (رغم أن بحثا قصيرا في جوجل كان يفي بالغرض).
أه!..شيء آخر هل لديك أي معلومات عن المدون بن كريشان؟...بدأ يساورني شعور سيء حيال الأمر...
قارئك المخلص "ملحد من الجزائر".
شكرا على هذا المقال الرائع.
إلتزام البشر وغيرهم من الحيوانات ببعض الاساسيات الأخلاقية هي ضرورة للبقاء.
تخيل مثلا لو كان هناك مجتمع يرى أنه لا مانع في السرقة ولا مشكلة في قتل ايا كان دون عقاب. لن تمر ايام على هذا المجتمع حتى ينهار ويختفي ولا يورث تقاليده. في حين المجتمع الذي يتبع اخلاقيات تساعد على البقاء كالتضامن والاكرام والضيافة سوف يزدهر بغض النظر عن اذا نسبو اخلاقهم لبعل او رع او الله او سوبرمان. الاخلاق يجب ان توجد في اي مجتمع ولكن هناك منظومات اخلاقية أفضل من الاخرى. وكما وضحت في المقال الاخلاق العلمانية الحديثة هي أفضل وأنقى ما توصلت إليه البشرية حتى الان في علوم الأخلاق.
رائع ومبهر كعادتك
و أخيرا أعدت كتابة الموضوع :)
عزيزي ملحد من الجزائر ،،
أشكرك على التنبيه ولكني دائماً أضع المصدر مع المقالة، وسوف تجد رابط المصدر لهذا الطرح تحت الصورة؟
غياب بن كريشان بعد توقف مدونته غامض في الحقيقة، ولايبدو أن هناك أحد يعرف ماحدث، وهو لم يحاول، أو ربما لم يستطع، الإتصال بأحد حسب علمي ليطمئن قرائه عليه. نأمل أن يكون بخير وأن توقفه مؤقت.
أسعدني إستحسانك للطرح ياعزيزي ..
ولك تحياتي
عزيزي Godless ،،
أوافقك فيما تقول ياعزيزي. إذ أن وجود الفطرة الأخلاقية يكاد يكون من البديهيات بدون الحاجة إلى دراسة لتثبتها إذا قبلنا بحقيقة التطور. فكل ماينبع من سلوك بناءً عليها لابد أن يكون له مصدر بايولوجي الهدف منه الحفاظ على الكائن. وللإنسان قدرة تفوق باقي أقرانه من الحيوانات بأنه يستطع تكييف تلك الدوافع الفطرية لما يخدم بقائه وازدهاره، المنظومات العلمانية أثبتت أنها الأفضل لخدمة هذا الهدف.
يسرني أن الطرح قد نال استحسانك ياعزيزي ...
ولك تحياتي
عزيزي بن باز ،،
أهلاً وسهلاً يك، وشكراً ياعزيزي على مرورك وعلى كلماتك اللطيفة ...
وتقبل تحياتي
عزيزي/عزيزتي غير معرف/ة ،،
شكراً على تذكيري لإعادة طرح هذا الموضوع، وأرجو أن يكون قد قدم بعض المعلومات المفيدة ...
تقبل تحياتي
دائما رجعيين الالحاد اهله تركوه وانتم بداتم الان .ًمنتدي ساقط حتي استطلاعاته منحطة الله يطهر بلاد المسلمين من الشيوعيين واذنابهم
مسلم فقط
هداك الله اذا كنت تريد ان تقول ان اصل الانسان قرد
إرسال تعليق