::
بعكس الموجة التقدمية للأحداث التي تجتاح مصر هذه الأيام والتي تسعى لتحطيم قيود الحريات وترسيخ العدل والمساواة ورفع الراية الديموقراطية وتجنب، كما يبدو، المنعطفات الدينية، لاتزال باكستان تنجرف على متن موجة هائلة من النزعات التي تسعى إلى إغراق الدولة بأكملها في مستنقع عميق من الوحول الثيوقراطية.
فأحداث المسلسل التراجيدي/الهزلي التي لاتزال تجري هناك في ستديوهات الحياة الدنيوية تحت عنوان "جريمة التجديف"(1) أخذت منعطف نشازي جديد الأسبوع الماضي.
فبعدما ذُبح إنسان قبل فترة لمجرد إعتراضه، وقُبض قبلها على آخر لرميه البطاقة، وجُر أستاذ مدرسة إلى المحكمة لشرحه عبارة، أتحفنا طاقم الإنتاج السينمائي المعمم هذه المرة بسيناريو القبض على تلميذ لأنه شخبط بقلمه على ورقة إختباره!!!
شنو؟
أيه؟
?What
أعد السيناريو الأخير ... رجعه، رجعه مرة ثانية من فضلك ... (وكأني أسمع أصوات الدهشة والإستغراب تتعالى)
قلت لأنه شخبط على ورقة إمتحانه ... صدقوني.
فعندما حضّر الطالب محمد سميعالله، البالغ من العمر 17 عام، في ذاك الصباح الأسود أدواته، وذهب إلى مدرسته في كراتشي ليقدم إمتحاناته، لاأعتقد أنه كان يتوقع أن يرسب في اختبار شخبوطاته، ويواجه بعدها القضاء الباكستاني بعقوباته، والقصة هـنـا، ومختصرها:
أن جهاز الأمن الباكستاني العتيد قد إستجاب لبلاغ إسائة إلى المقدس من المدرسة الحكيمة، فسارع بإرسال دورية من قواته المغوارة بأوامر من قيادته الرشيدة لإلقاء القبض على التلميذ القاصر محمد سميعالله لمحاكمته وزجه في السجون ... وهذا بالضبط مافعلوا به ...
بتهمة؟
بتهمة؟
الخربشة على أوراق إمتحانه بما يسئ إلى النبي محمد!!!
لم يكفي تنبيهه، أو نهره، أو رسوبه ... بل لابد من القبض عليه ومحاكمته وسجنه!!!
مارأيكم؟ نضحك أو نبكي؟
لم يُكشف عن مضمون هذه الخربشة المسيئة، ربما لتفادي نوبة عمياء أخرى من الورع والتقوى قد تنتاب أحد المؤمنين فيدخل هذه المرة برشاش إلى المدرسة، أو ربما لأن المحتوى المسيئ أتفه مما يمكن كشفه. إنما هذه فروقات لايراها وكلاء السماء، فالعدالة الثيولوجية لابد أن تأخذ مجراها بأمرهم، بصرف النظر عن طبيعة الإساءة.
ولكن على أي حال، فنحن، باقي البشر خارج الحدود الباكستانية، نعتبر بأن المذنب ...
قــــاصـر .... قــــــــــــــاصر، إفهمي ياسلطة ياباكستانية.
إنما هذا نداء يائس لأن الثيولوجيا المولدة لهذه الأحكام لاتعير السن أي إهتمام، فسن التكليف يبدأ من سن البلوغ، وسن البلوغ تحدده علامات جسدية وليست قوانين مدنية. فبناء عليه، حتى لو كان الطالب المدرسي محمد سميعالله في الحضانة سوف يتم القبض عليه لشخابيطه المسيئة طالما بدت عليه علامات البلوغ، وأي إنسان يعترض على هذا الكلام فهو يعترض على كلام الشرع.
فقوانين التجديف هذه ليست من نسج خيال المشرعين الباكستانيين وليست هي مستوردة من جيرانهم في الصين أو مشتقاة من دستور الفرنسيين. وليست هي بقوانين مدنية، حاشا القوانين المدنية منها، إنما هي نابعة من أحكام موجودة في التراث الإسلامي الديني ...
يستوجب شرعاً تطبيقها.
وهي موجودة في أحكام الجزاء الباكستاني كنتيجة لانجراف ذلك المجتمع وراء وهم الدولة المثالية الدينية التي زرعها في أذهان مواطنيه العسكري الطاغية محمد ضياء الحق، ليس امتثالاً لأوامر السماء بل لأجل الإستمرار والبقاء.
وقد دخلت مصر الآن في مرحلة حاسمة من تاريخها الحديث، سوف يتولد عنها تكتلات وصراعات قد يتمخض من أحد أطرافها الرئيسية هذا النوع من التشريعات الهادرة لكرامة الإنسان والمجحفة لحقوقه. ولاشك في أن الشعب المصري لم يثر ليتخذ باكستان أو إيران أو السعودية كنماذج يحتذي بهم، بل ثار حتى يتقدم ويتحضر ويتمدن ...
وهذا لن يأتي إلاّ بحكومة ديموقراطية مدنية علمانية، بمعزل عن أي نزعات دينية.
(1) التجديف = الإسائة إلى المقدسات
* * * * * * * * * *
مامعتى التجديف؟ ماهو قانون التجديف؟ ماذا يعني التجديف؟ هل التجديف يعني إسائة؟ ماهو عقاب التجديف؟ أي الدول تطبق قوانين التجديف؟ أي الدول تطبق قانون التجديف؟ لماذا تطبق باكستان قوانين التجديف؟ لماذا تطبق باكستان قانون التجديف؟ هل تطبق باكستان قانون التجديف؟ هل تطبق باكستان قوانين التجديف؟ ماقصة الطالب الباكستاني اللذي أساء للرسول؟ ماقصة الطالب الذي أساء للرسول في باكستان؟ ماقصة الطالب الذي أساء للرسول في الإمتحان؟ ماقصة الطالب الذي أساء للرسول على ورقة الإمتحان؟ هل يجب معاقبة مقترف التجديف؟ لماذا يجب معاقبة مقترف التجديف؟ كيف يجب معاقبة مقترف التجديف؟ لماذا يعاقب مقترف التجديف في باكستان؟ هل ازداد عدد المسلمين الأصوليين في باكستان؟ لماذا يزداد عدد المسلمين الأصوليين في باكستان؟ لماذا يوجد مسلمين أصوليين في باكستان؟ هل باكستان دولة دينية؟ هل يسيطر المسلمين الأصوليين في باكستان؟
هناك تعليقان (2):
(وهذا لن يأتي إلاّ بحكومة ديموقراطية مدنية علمانية، بمعزل عن أي نزعات دينية.)
أتمنى ذلك حقا, مع أن نظرتي للواقع هنا في مصر تشاؤمية إلى حد كبير, فالشعب المصري غيب عن الوعي لدهور بفعل الثقافة الدينية الإسلامية, وما يحدث الآن على الساحة هو نتيجة قلة واعية يدعمها أغلبية غير واعية ولكنها تئن من وطأة الفساد.
وهذا لا يبشر بخير, إذ أنه بمجرد استبدال العرائس واشباع بعض الأفواه ستخمد الثورة ويعود أغلب الناس لحياتهم الطبيعية, غير الواعية!
تحية لك على متابعتك لما يحدث في مصر, وتغطيتك المتميزة للأحداث.
عزيزي طالب ،،
أنا متفائل من أن الأحداث الجارية في مصر، إذا نظرت لها من منظار الأحداث المماثلة الأخرى التي جرت قبلها في أوروبا وآسيا والتي أدت إلى أنظمة ديموقراطية أفضل وحريات أوسع، لابد أن تؤدي هي بدورها إلى وضع أفضل مما سبقها. والتخوف الوحيد هو هيمنة التيارات الدينية، المتطرفة بالذات، على الساحة السياسية الجديدة ...
ولكن هذه حالة نتمنى من الشعب المصري أن ينتبه إليها ويتصدى لها.
أشكرك ياعزيزي على كلماتك اللطيفة ..
ولك تحياتي
إرسال تعليق